قَصِيدَة بِعُنْوَانْ : طِفْلُ غَزَّة.
بقلم المصطفى عبسي
سَأَكْتُبُ بِمِدَادٍ مِنْ اَلْقَدَرِ قَدَرِي.
وَسَأُوقِظُ فَتِيلَ اَلْكَرَامَةِ فِي كِيَانِي عَلَى صِغَرِي.
وَعِنْدَمَا أَكْبُرُ. سَأُلَقِّنُ دُرُوسَهَا لِأَحْفَادِي. وَلِمَنْ لَا تَارِيخَ لَهُ.
وَسَأَعِيشُ طِوَالَ حَيَاتِي كَرِيمًا. لِأَنَّ وَازِعَ اَلْكَرَامَةِ. لَا سِنَّ لَهُ.
لَا تَكْتَرِثُوا بِصَمْتِي. إِذَا بُحَّ صَوْتِي. يَا مَعْشَرَ اَلصَّامِتِينَ.
لَكِنّْ اِنْتَظِرُوا بَصْمَتِي. فَأَنَا سَيِّدُ اَلْعَازِفِينَ.
عَلَى قِيثَارةِ اَلصُّمُودِ. وَمَهْمَا طَالَ عُمْرُكُمْ.
سَيَكُونُ أَقْصَرَ مِنْ لَحْظَةِ مَوْتِي.
مِنْ وَرَاءِ اَلْوَرَاءِ. أَمْتَطِي صَهْوَةَ اَلذَّوْدِ.
عَنْ أَرْضِي. بِصِدْقٍ وَتَحَدٍّ.
كَيْ أَسْتَعْجِلَ اَلْوُصُولَ. إِلَى مَا أَمَامَ اَلْأَمَامِ. بِحَقٍّ وَجِدٍّ.
مُؤْمِنًا بِحَقِّي. بِمَشَاعِرَ مُتَنَاثِرَةٍ. أَخْتَرِقُ اَلْعِبَارَاتِ.
لِأَخْتَارَ اَلشِّعَارَات.
كَيْ لَا أَحْتَارَ. فِي اِخْتِيَارِ اَلزَّمَانِ وَالْمَكَان. اَلَّذِي أَخْتَلِسُ فِيهِ اَلنَّظَرَات.
لِأُنَاسٍ فِي لَحْظَةِ هَوَانٍ مِنْهُمْ. يُقِرُّونَ أَنِّي صَاحِبَ حَقٍّ.
بِدُونِ مُزَايَادَاتٍ أَوْ حِسَابَات. وَحِيدٌ . . . وَحِيد.
بِهَذَا اَلْعَالَمِ وَالْأَحِبَّةُ بِالْآلَافِ وَالْمِئَاتِ وَالْعَشَرَات.
وَبَيْنَ وُضُوحِ اَلْجُبْنِ. وَادِّعَاءِ اَلشَّجَاعَةِ.
تَسْقُطُ اَلْحُجَجُ وَيَضِيعُ اَلْحَقُّ.
وَبَيْنَ غُمُوضِ اَلنَّصِّ وَوُضُوحِهِ.
يَسْكُنُ شَيْطَانُ اَلتَّأْوِيلِ.
لَقَدْ أَبَيْتُ أَنْ أَهْجُرَ بَيْتَنَا اَلْمُهَدَّمَ.
حَتَّى لَا يُقَالَ عَنِّي بِقَامُوسِهِمْ.
أَنِّي شَرَحْتُ لَهُمْ مَعْنَى اَلرَّحِيل.
فَهُمْ يَهْجُرُونَ أَرْضَهُمْ بِلَا سَبَبٍ.
وَكُلُّ مَا عِنْدَهُمْ دَخِيل.
عَلَّمْتُهُمْ مَعْنَى اَلْوَفَاءِ وَالصَّبْرِ وَالْإِبَاءِ وَاللَّاَانَحَنَاءِ بِالدَّلِيل.
لَا تَهْتَمُّوا بِمَا عَانَيْنَا وَنُعَانِي وَسَنُعَانِي.
فَأَوْجَاعُنَا لَنَا وَحْدَنَا.
وَلَنَا فَائِضٌ مِنْ اَلصَّبْرِ.
حَتَّى إِذَا أَخْجَلْتُمُونَا بِفِكْرَةِ تَقَاسُمِهَا مَعَنَا.
رَفَضْنَا وَكَانَ لِرَفْضِنَا تَعْلِيل.
لِأَنَّنَا نَعْرِفُ مُسْبَقًا. أَنَّ عَوْنَكُمْ مُسْتَحِيلْ.
مَا أَفْزَعَتْكُمْ دُمُوعِي وَلَا أَوْجَاعِي.
وَلَا نِلْتُ رَأْفَةً بِي مِنْكُمْ بِأَوْضَاعِي.
أَرَى اَلْمَوْتَ قَادِمًا. وَالْقُوتَ مُنْعَدِمًا.
لَكِنِّي فِي عَصْرِ اَلْإِقْنَاعِ بِقَمْعٍ وَالْقَمْعِ بِإِقْنَاعٍ.
أَبَيْتُ اَلِانْصِرَافَ. حَتَّى أَنَالَ اَلْإِنْصَاف.
وَبِمِحْرَابِ حُبّ اَلْأَرْضِ. سَأُوَاصِلُ اَلِاعْتِكَاف.
لَعَلِّي أَسْتَرْجِعُ كُلَّ شِبْرٍ مِنْهَا. مَهْمَا بَلَغَ بِهَا اَلْإِتْلَاف.
مَا كَانَ لِصَاحِبِ حَقٍّ يَوْمًا. أَنْ حَلاَ لَهُ اَلْفِرَار.
إِنَّ اَلْأَسَدَ يَبْقَى أَسَدًا. حَتَّى وَإِنْ طَالَ بَقَاؤُهُ. بِالْقَفَصِ أَعْمَارَا.
وَلَيْسَ مِنَ اَلْعَدْلِ. أَنْ تُلْحَقَ بِهِ صِفَةُ اَلِانْكِسَار.
وَالْجَبَانُ جَبَانٌ. وَإِنْ تَظَاهَرَ بِالشَّجَاعَةِ وَالِانْتِصَار.
سَأُطْلِقُ اَلْعِنَانَ عَلَنًا بِكُلِّ قُوَّتِي. لِكُلِّ صَيْحَاتِ اَلْعِتَابِ وَاللَّوْمِ وَالنَّدَمِ.
لِمَ أَشْتَرِكُ مَعَكَ أَيُّهَا اَلْعَالَمُ اَلْبَئِيسُ اَلدَّم.
لَقَدْ كَرَّمَ اَللَّهُ اَلْإِنْسَانَ بِالْعَقْلِ.
فَهَلْ مَنْ يَسْتَبِيحُ دَمَ أَخِيهِ اَلْإِنْسَانِ صَاحِبُ عَقْل.
أَيُّهَا اَلْعَالَمُ اَلْمُتَبَجِّحُ بِالْحُقُوقِ. أَيْنَ حَقِّي. وَأَنْتَ تَصْمُتُ عَنْ سَبْقِ غَدْرٍ وَحِقْدٍ وَتَحَايُل.
تَنْتَظِرُ مِنِّي أَنْ أَتَنَازَلَ.
وَأَنْ أَنْصَاعَ طَامِعًا أَوْ أَرْحَل.
اِخْتَلِفُوا كَمَا شِئْتُمْ. عَلَى قَضِيَّتِنَا. وَتَآمَرُوا كَمَا اِشْتَهَيْتُمْ.
عَلَى طُفُولَتِنَا. اِسْتَمِرُّوا فِي خِذْلَانكُمْ لَنَا. فَالْخِذْلَانُ أَصْبَحَ غِذَاءً لِرُوحِكُمْ.
لَكِنْ لِي بَصِيصُ أَمَلٍ. أَنَّ تَتَوَافَقُوا أَنَّهُ جُبْنٌ وَحَرَامٌ. قَتْلُ اَلْعُزَّل.
أَنَا ذَلِكَ اَلطِّفْلُ. اَلَّذِي فِي بِقَاعِ غَزَّةَ. أَوْحَى لَهُ عَقْلُهُ. أَنَّكُمْ كِبَار.
تُفَكِّرُونَ فِي اَلصِّغَار. كَمْ أَنْتُمْ صِغَار.
لَكِنَّهُ بِكُلِّ بَرَاءَةٍ. أَدْرَكَ أَنَّكُمْ ضَالِعُونَ فِي اَلْحِقْدِ. جَامِعُونَ لِكُلِّ صِفَاتِ اَلْأَشْرَار.
جَعَلْتُمُونِي أُفَكِّرُ. بِقَدْرِ فِكْرِكُمْ.
عِوَضَ أَنْ أَلْهُو وَأَعُودَ. إِلَى بَيْتِنَا مُتْعَبًا. فَيُبَاغِتُنِي اَلنَّوْمُ.
وَأَسْتَجِيبُ لَهُ دُونَ اِنْتِظَار.
دَفَعْتُمُونِي كَيْ أَسْتَوْعِبَ. وَصَايَا أَبِي عَلِي صِغَرِي.
أَلَّا أُغَادِرَ أَرْضِي أَوْ أَبِيعَهَا. أَوْ أُسَاوِمَ عَنْهَا. مَهْمَا كَانَتِ اَلْأَقْدَار.
بِكُلِّ فَقْرٍ. بِكُلِّ قَهْرٍ. أَقُولُ لَكُمْ. إِنِّي جَائِع.
بِكُلِّ فَخْرٍ. أَقُولُ لَكُمْ. إِنِّي إِنْسَانٌ رَائِع.
بِكُلِّ خَوْفٍ. وَهَذَا قَدَرِي. أَنْ يَكُونَ لِي. نَصِيبُ خَوْفٍ. وَالْخَوْفُ طَبِيعَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ. وَنَحْنُ أَمَامَ بَاقِي اَلْبَشَرِ اَلْأَشْجَع.
أَقُولُ لَكُمْ. إِنِّي ضَائِع.
تَتَسَاقَطُ عَلَيْنَا مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ. اَلْقَنَابِلُ وَالدَّبَّابَاتِ وَالْمَدَافِع.
هَدَّمَتْ بُيُوتَنَا. وَأَتْلَفَتْ مَا لَنَا. مِنْ ذَخَائِرَ وَوَدَائِع.
لَكِنِّي لِأَرْضِ أَبِي لَسْتُ أَبَدًا بَائِع.
لِمَاذَا يَا أَبْطَالَ اَلصَّمْتِ. بِعْتُمْ قَضِيَّتَنَا. فِي سُوقِ اَلظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ وَالْجَشَع.
إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْكُمْ. أَنْ تَسْمَعُوا صَوْتِي. اِقْرَؤُوا مَا فِي صَمْتِي. مِنْ حَقَائِقَ ضَائِعَة. لَا تُرَوِّجُوا أَنَّكُمْ سُعَدَاءُ بِمَا هُوَ وَاقِع.
بَلْ إِنَّكُمْ تَرَوِّحُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ صَعَدْتُمُ اَلسَّمَاءَ اَلسَّابِعَة.
أَنَا طِفْلُ غَزَّةَ. فِي حَضْرَتِي فَلْتَكُفُّوا. أَنْ تَقُولُوا نَحْنُ كِبَار.
مِنْ نَظْرَتِي فَلْتَدْفِنُوا. كُلَّ بّْرُوتُوكُولَاتِ اَلْأُخُوَّةِ وَالتَّآزُرِ وَالْإِيثَار.
أَتُرِيدُونَنَا أَنْ نَشْرَبَ اَلْهَوَاء.
وَنَأْكُلَ اَلْفَضَلَاتِ. كَيْ نُسَرِّبَ لَكُمْ أَنْبَاءً.
عَنْ تُخْمَتِنَا وَتَرَفُّعِنَا.
عَنْ بَذْخِكُمْ. وَأَطْبَاقِكُمُ اَلشَّهِيَّةِ.
قُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا. فَأَبْوَابُ اَلْحَقِّ غَيْرُ مُوصَدَةٍ.
وَنَارُ اَلْبَاطِلِ لَنْ تَظَلَّ أَبَدًا مُوقَدَةً.
إِنْ بَقِيَتْ فِيكُمْ ذَرَّةٌ مِنْ اَلْإِنْسَانِيَّةِ.
فِي اَلصَّمْتِ حِكْمَةٌ. لَكِنّْ فِي صَمْتِكُمْ ذِكْرَى جَدِّي اَلْأَلِيمَةِ.
وَهُوَ يَرَى بَيْتَهُ. أَمَامَ عَيْنَيْهِ يَنْهَار.
سَيَذْكُرُنَا اَلتَّارِيخُ بِعِزَّةٍ. وَسَتُدَوَّنُ بِصَفَحَاتِهِ. أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فَقَطّ. كِبَارًا صِغَار.
اَلْمُصْطَفَى عَبْسِي