الغرفة 101 ؟
عبد الرحيم مفكير
أصبحنا أمام تعبيرات جديدة سألني صديقي ماذا تعني الغرفة 101 (ROOM 101)؟ أجبت بكل تلقائية: لها دلالة مثل زنزازانة 125 التي عبر عنها الجابري. توجهت للمسجد لأداء صلاة المغرب، بعد رجوعي بحثت في ذاكرتي المثقوبة عن الغرفة 101 ل: جورج أورويل الشهيرة “1984” ، والتي ترمز فيها الغرفة 101 إلى التعذيب و القمع و الإستبداد والديكتاتورية، من أوحى لجمهور الرجاء بهذه الدلالة؟ المغرب دخل حقيقة منعطفا جديدا، قد يغيب عن العديد من محبي المستديرة دلالات التيفوات لكن قراءة علماء الاجتماع والسياسيين والمدنيين عليها أن لا تحقر عقول الجماهير. يبدو أن وعيا جديدا بدأ يتشكل.
الغرفة 101
ربما يكون الكاتب البريطاني جورج أورويل من أوائل الكتاب الذين تنبأوا في أعمالهم بالمصير الذي سيؤول إليه عالمنا المنكوب بالاستبداد والقمع وسيطرة الأحزاب الحاكمة والنظم الشمولية والقلة المسيطرة وتدخل أجهزة الاستخبارات في جميع أنشطة الانسان وقولبة فكره ومسخه وتحويله الى كيان آخر، منزوع الاستقلالية، ومسلوب الإرادة ويساوي صفراً، أو ممسوخا ومغسول الذهن ومجيّر في الغالب لصالح النظام وفرد تابع وخاضع له، وكلما عرف العالم كارثة انسانية جديدة من صنع بني البشر كالكوارث المالية والصحية والمناخية الانقلابات والإبادات الجماعية وحروب الفقر والتجويع والكذب والتضليل، وكل الحوادث التي تبدو في ظاهرها طبيعية وتحدث من تلقاءها، ثم يتبين لاحقاً أنها مصطنعة وتخفي التآمر والخديعة، أقول: كلما جرى ذلك كلما تذكّر القراء روايات أورويل “مزرعة الحيوانات” ورواية “1984” المعبرتين عن شقاء ومحنة الإنسان الواعي والعارف أو الفالت من أسر التبعية وتيار القطيع والإعلام الموجه الذي خسر سيطرته راهناً أمام المد الجارف والكاسح للإعلام الإلكتروني.
بطل رواية 1984 موظف يعيش في العام 1949 لكنه تخيّل عالم الثمانينات وما بعده ورسم صورته بدقة وتنبأ فيه بسيادة الفكر الاستبدادي وأساليبه المتطورة، هذا النظام الذي إذا اعتراه خلل أو صادفته مصيبة، فإنه لا ينقلب على ذاته ولا يغير مجراه، إنما هو فقط يتخلص من نقاط ضعفه ويعزز دعائم قوته ويكسب أعضاءً جدداً، ويبتكر أساليب جديدة يسيطر بها على العامة وعلى كل احتمال بالتغيير أو الثورارت أو الانقلابات التي قد تحدث مستقبلا.
يصف ونستن سميث بطل الرواية البلد التي يعيش فيها والتي يسميها “أوشانيا” كناية عن بريطانيا، بأنها محكومة من أربع وزارات، وزارة الحقيقة، وزارة السلام، وزارة الحب ووزارة الوفرة. ولاحقاً يكتشف القارئ أن الأولى هي وزارة الإعلام والثانية وزارة الدفاع والثالثة وزارة الداخلية والرابعة وزارة المال، وأما وزارة الحقيقة التي يعمل فيها البطل، فمهمتها مراقبة الشعب ونشر الأخبار الملفقة والتصنت على المواطنين وتحطيم العلاقات الأسرية وإفناء كل ولاء غير موجه للحزب، ووسيلة هذه الوزارة تقوم على السيطرة على اللغة (التربية والإعلام والدين) وإقناع العامة والسيطرة على العقول وتدميرها وإعادة تركيب الكلمات.