ضابط مخابرات أمريكي: هجوم “حماس” في أكتوبر الماضي أنجح غارةٍ عسكريّة بهذا القرن.
واشنطن – قدس برس.
قال ضابط الاستخبارات العسكرية الأمريكيّ السابق سكوت رايتر، (62 عامًا)، إنّ “حركة حماس قد انتصرت بالفعل بعمليتها المعقدة والمتقدمة بأكتوبر الماضي، والتي تُعد أنجح غارة عسكريّة في هذا القرن، وأنّه لا يمكن القضاء عليها، كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية، لأنّها أصبحت رمزًا عمليًا ومعنويًا لمقاومة الاحتلال الإسرائيليّ”.
وقال ريتر، (مفتش الأمم المتحدة المكلف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق خلال الأعوام من 1991 إلى 1998) في مقال نُشر على موقعه الخاص، إن حركة “حماس” فاجأت العالم بعملية (طوفان الأقص) بأكتوبر الماضي، ولم تكُنْ المفاجأة فقط في حجم الخسائر الإسرائيليّة الضخمة، بل امتدّت إلى كيفية التخطيط والتنفيذ بسريّةٍ تامّةٍ دون الكشف عنها، على الرغم ممّا يحيط بقطاع غزة من شبكات تجسسٍ إسرائيليّةٍ تكنولوجيّةٍ وبشريّةٍ متنوعةٍ، وامتدّت المفاجأة كذلك إلى مدى نجاح الحركة بتحقيق أهدافها، ورجوع المئات من مقاتليها إلى غزة ومعهم أكثر من مائتي رهينة وأسير من الجانب الإسرائيليّ.
وتابع: “ما فاجأني بالفعل هو سوء حالة وتردي أداء الجيش الإسرائيليّ، كمطلّعٍ بشدّةٍ على الجيش الإسرائيلي، وأدرسه منذ سنوات طويلة، وقد لاحظت التراجع في المستوي القتاليّ لجنوده خاصّةً بين أفراد القوات البريّة، وسط اعتماد مبالغ فيه على التكنولوجيا وإمكانيات القوات الجوية”.
وأضاف: “كان عندي ثقة في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فعلى مدار عقود أظهرت قدرة كبيرة على اختراق حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق زرع شبكة واسعة من الجواسيس، وكان لديهم شبكة محكمة ترصد الكثير ممّا يجري في قطاع غزة، وكان هناك يقين بين خبراء الاستخبارات يستبعد أنْ تخطط حماس لعملية بهذا الحجم دون الكشف عنها وإحباطها”.
وشدّدّ على أنّ “الفشل الإسرائيليّ الاستخباراتيّ كان صادما بالنسبة لي، لكن الأكثر صدمة هو رد فعل الجيش الإسرائيلي فور وقوع هجمات حماس يوم 7 أكتوبر، وما جرى يؤكّد أنّ لدى الجيش الإسرائيلي عدة فرق مميزة ذات خبرات قتالية استثنائية، لكن بقية قوات الجيش ليست على المستوى المطلوب، خاصة أفراد قوات الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للقتال”.
وأضاف ريتر: أنّ “تشبيه إسرائيل هجوم السابع من أكتوبر بأحداث 11 سبتمبر عام 2001 و”الفظائع” التي تدّعي أنّ حماس ارتكبتها بما في ذلك “الاغتصاب الجماعي وقطع رؤوس الأطفال وقتل المدنيين الإسرائيليين العزل” كلّها اتهامات غير دقيقة”.
وتابع “الادعاءات الإسرائيليّة كاذبة أوْ مضللة بشكلٍ واضحٍ”، مضيفًا أنّ نحو ثلث القتلى الإسرائيليين هم من ضباط الجيش والأمن والشرطة، مُشدّدًا على أنّ القاتل الأول للإسرائيليين بأكتوبر لم يكن حماس أوْ الفصائل الفلسطينيّة الأخرى، بل الجيش الإسرائيليّ نفسه. واستدل ريتر بمقطع فيديو نُشر أخيرًا يُظهر مروحيات (أباتشي) إسرائيلية تُطلِق النار عشوائيًا على المدنيين الإسرائيليين الذين يحاولون الفرار، موضحًا أن الطيارين لم يتمكّنوا من التمييز بين المدنيين ومقاتلي حماس.
وأضاف أنّ روايات شهود عيان من المدنيين والعسكريين بشأن ما تسميه إسرائيل “مذبحة رعيم” أكّدت أنّ الغالبية العظمى من الضحايا قُتلوا بنيران الجنود والدبابات الإسرائيليّة.
وأوضح أنّ الحكومة الإسرائيليّة “تراجعت عن زعمها أنّ حماس قطعت رؤوس 40 طفلاً، دون أنْ تقدّم أيّ دليلٍ موثوقٍ على تورطها في اغتصاب أوْ اعتداء جنسي على امرأةٍ إسرائيليّةٍ واحدةٍ”.
وقال إنّ روايات شهود العيان أكّدت أن “مقاتلي حماس كانوا منضبطين وحازمين في الهجوم، لكنّهم كانوا مهذبين ولطفاء في التعامل مع الأسرى المدنيين”. كما علّق ريتر، على هتاف شبان إسرائيليين بالقدس بعباراتٍ معاديةٍ للفلسطينيين، مؤكّدًا أنّ إسرائيل تفقد بشكلٍ متسارعٍ حقّها الأخلاقي في الوجود كأمّةٍ.
وكتب ريتر على حسابه في منصة (إكس): “إسرائيل تفقد بسرعة حقّها الأخلاقيّ في الوجود كأمّةٍ، إذا لم تكُن قد فعلت ذلك بالفعل”، مُضيفًا: “كنت أؤيّد حقّ إسرائيل في الوجود، حتى عندما كنت أختلف مع سياسات حكومتها، ولكن عندما يتحوّل الوطن اليهوديّ إلى تجسيدٍ حديثٍ لقوى الكراهية التي خلقت الظروف التي أدّت إلى تشكيل إسرائيل في المقام الأول، فلا بُدّ وأنْ يتساءل المرء عن جدوى المشروع وشرعيته”.
وأردف ريتر: “إنّ قيام دولة يهودية منفصلة، يتّم تنظيمها وتنفيذها في ظلّ السياسات والممارسات الحاليّة للدولة الإسرائيليّة الحديثة، لم يعد مقبولاً”.