كلمة مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين بمناسبة اليوم الوطني لإسقاط التطبيع .
كلمة مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين
بمناسبة اليوم الوطني لإسقاط التطبيع .
ها نحن نقف اليوم مجددا في جمعة اليوم الوطني لإسقاط التطبيع الذي أعلنته مجموعة العمل الوطنية بمناسبة الذكرى المشؤومة للتوقيع الرسمي المغربي لاتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا في فلسطين والذي يواصل مجازره الوحشية، منذ شهرين ونصف، في حق أهلنا هناك.
نقف اليوم في سلسلة الوقفات والمسيرات والفعاليات المتواصلة للشعب المغربي لنصرة ودعم الشعب الفلسطيني الصامد تحت آلة البطش الإرهابية لعصابة الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من 75 عاما الذي هو عمر نكبة فلسطين، وبعد أزيد من 75 يوما منذ السابع من أكتوبر 2023 تاريخ معركة طوفان الأقصى المباركة، وهي الأيام التي عرفت أشد حرب في تاريخ العدوان الإرهابي المتوحش للكيان العنصري المصر على الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ولا سيما من الأطفال والنساء حيث تجاوز عدد الشهداء منذ بدء العدوان 20 ألف شهيد والجرحى أزيد من 52 ألفا إضافة إلى العديد من المفقودين. وهو العدوان الذي تم فيه استهداف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس والمنازل والمخيمات في قطاع غزة المحاصرة منذ أكثر من 17 سنة. إضافة إلى مئات الشهداء والجرحى والأسرى في الضفة الغربية والقدس وفي كل أراضي فلسطين المحتلة، وكذا استهداف الأراضي اللبنانية وقتل وجرح العشرات بالقرى الحدودية في الجنوب، فضلا عن التنكيل الوحشي بآلاف الأسرى في سجون العدو…
إن وقوفنا اليوم مجددا، هو تأكيد على ثبات موقف الشعب المغربي القائم على اعتبار فلسطين قضية وطنية، وأن دعم مقاومتها الباسلة الشجاعة يعد من أوجب الواجبات الدينية والوطنية والإنسانية والحضارية التي دأب عليها المغاربة منذ قرون خلت من تاريخهم الجهادي الذي شرفهم بتسمية باب المغاربة ووقف حارة المغاربة بالقدس، شهادة تاريخية مشرفة لرباطهم وجهادهم ونصرتهم لإخوانهم في فلسطين. وقد امتد عمق الرابطة المغربية الفلسطينية هذا واستمر عبر الزمان إلى العصر الحديث حيث بادر رجالات الحركة الوطنية المغربية، وهم يقاومون من أجل تحرير بلدهم من الاحتلالين الفرنسي والإسباني، إلى دعم المقاومة الفلسطينية بدايات وأواسط القرن العشرين منذ انطلاق المشروع الصهيوني برعاية الاستعمار البريطاني المجرم مع وعد بلفور، وما تلاه من جرائم إبادة عشية وغداة إعلان قيام “الكيان الصهيوني” الدموي العنصري. واستمر هذا الدعم إلى يومنا هذا…
وإننا إذ نقف اليوم من أجل التنديد والاستنكار الشديد لما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة من عدوان ومحرقة بمشاركة مباشرة من الإدارة الأمريكية وبدعم غير مشروط من عدد من الدول الغربية الاستعمارية وفي ظل تخاذل مذل لأنظمة الدول العربية والإسلامية، فإننا نقف اليوم لنعبر، بنفس القوة والغضب، عن التنديد والاستنكار لمسلسل التطبيع الذي تم توقيع اتفاقه في مثل هذا التاريخ قبل 3 سنوات في 22 دجنبر 2020. وذلك بعد أيام على بلاغ 10 دجنبر 2020 بإعلان ما سمي “تغريدة دونالد ترامب” بشأن ربط التطبيع بملف قضية الصحراء المغربية وانطلاق موجة الهرولة التطبيعية.
منذ ثلاث سنوات وفي مثل هذا التاريخ 22 دجنبر 2020، تم توقيع اتفاق التطبيع بين ممثلي الدولة المغربية ومجرمي الكيان الصهيوني الغاصب، برعاية وهندسة أمريكية كما تم قبل ذلك بأسابيع قليلة من اتفاق المغرب، فيما سمي “اتفاقات أبراهام” التي جمعت بين دولتي الإمارات والبحرين والكيان الصهيوني…
ثلاث سنوات مرت على هذه الذكرى-النكبة المشؤومة التي حلت ببلدنا وسميت استئنافا للعلاقات والتي كانت في حقيقتها، حسب ما شهدت به الوقائع والأحداث بعد ذلك، فتحا لأبواب بلدنا على مصراعيها لأمواج عاتية من الاختراق الصهيوني للدولة والمجتمع، وهرولة للعديد من الشخصيات والهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لطلب ود الصهاينة المجرمين، وعربدة وإساءة متكررة لرئيس مكتب اتصال الكيان لمؤسسات وثقافة وثوابت الشعب المغربي.
إن ما تلا توقيع اتفاقية الشؤم التطبيعية من ابتزاز أمريكي وصهيوني، مقرون بحالة مذلة من القابلية والاستعداد لهذا الابتزاز من قبل مسؤولين كثيرين بالدولة المغربية للأسف الشديد، وما عرفه المغرب الرسمي من خطوات متلاحقة بشكل هستيري على عدة مستويات، ومن مساس متواصل بمنظومة السيادة الوطنية منذئذ وتمييع لمفاهيم أساسية من أركان قيام الدولة والمجتمع بالمغرب خدمة لأجندة الاختراق الصهيوتطبيعي التخريبية تحت غطاء ما سمي “بالمصلحة الوطنية في قضية الصحراء المغربية”، أساء ويسيء بشكل بالغ لهذه القضية الوطنية التي تعد من الثوابت الجامعة للشعب المغربي.
لقد عبرنا في مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، بمجرد الإعلان عن هذا المسار التطبيعي الرسمي، يوم 10 دجنبر 2020 وبعد التوقيع الرسمي على اتفاقيات الشؤم التطبيعية، عبرنا عن موقفنا القوي والواضح والمسؤول الرافض لهذا المسار وحذرنا من عواقبه الكارثية على مجتمعنا ودولتنا وعلى إساءته لقضينا الوطنية قضية الصحراء المغربية.
وقد ووجهنا منذ ذلك اليوم بسيل من الهجمات والاتهامات المختلفة من بعض ذوي النيات الحسنة ومن العديد من أساطين الشيطنة والأقلام المأجورة والأصوات المطبعة وعدد من العملاء والخونة، وهي الأمور التي تحملناها بصبر وإصرار وواجهناها بمزيد من الممانعة والحضور الميداني الذي لم ينقطع لمبادرات مجموعة العمل الوطنية، والرصد المتواصل الدقيق للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، والفعاليات المتعددة للهيئات الداعمة لفلسطين والرافضة للتطبيع، وأنشطة وأعمال القوى الوطنية المغربية الحية بمختلف توجهاتها.
ولم تكد السنوات الثلاث الأولى تنصرم حتى حصحص الحق وزهق الباطل تحت ضربات المقاومة الفلسطينية الباسلة يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخ انتصار الشعب الفلسطيني وانكسار جيش الاحتلال الصهيوني الذي روج لنفسه وروج له داعموه، وظن الخائفون منه أنه “لا يقهر”، وهو تاريخ سقوط وإسقاط باطل التطبيع وبهرجته و”زينته” التي اغتر بها مغترون كثر وطبل لها المطبلون المبطلون.
حصحص الحق فيما كنا نقول ومما كنا نحذر، وزهق باطل الاعتماد على كيان هش لنصرة قضايانا ولحماية مصالحنا وهو العاجز عن الوقوف أمام مقاومة شعب أعزل مضطهد منذ أزيد من 75 سنة ومحاصر في قطاع غزة منذ أزيد من 17 سنة.
وإننا اليوم، إذ نقف بكل معاني الإجلال والإكبار، أمام هذا الصمود البطولي للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه آلة الإرهاب الصهيو-أمريكية والغربية بكل أساطيلها البرية والجوية والبحرية، فإننا:
أولا: نجدد المطالبة بوقف هذا العدوان والهولوكست والتعجيل بتقديم الدعم وإدخال المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة. كما نطالب الدولة المغربية والدول العربية والإسلامية بتحمل المسؤولية في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والانسجام مع مواقف شعوبها الداعمة لحق هذا الشعب، المرابط الصابر المحتسب، في تحرير أرضه واستعادة كافة حقوقه المغتصبة.
ثانيا: نجدد الإدانة الشديدة لمسلسل التطبيع المرفوض كلية، والذي نؤكد سقوطه شعبيا من خلال مسيرات ووقفات وفعاليات الشعب المغربي التي ضجت بها مدن وقرى الوطن لأكثر من شهرين.
ثالثا: نطالب بضرورة الإعلان النهائي والرسمي عن إيقاف التطبيع، بإلغاء كافة الاتفاقيات التطبيعية مع الكيان المحتل وإغلاق مكتب الاتصال الصهيوني وطرد عصابة الصهاينة من بلادنا، وسحب فريق مكتب الاتصال “المغربي” من كيان العدو. وهو الإجراء الذي بات يشكل الحد الأدنى من واجب الدولة تجاه الشعب المغربي، وتجاه مسؤوليتها إزاء قضية فلسطين التي تعتبر قضية وطنية، ومن اعتبار موقع رئاسة عاهل البلاد للجنة القدس.
رابعا: نهيب بكل القوى السياسية والحزبية والنقابية والمدنية الحية، وجماهير الشعب المغربي بكل فئاته الى التعبئة الشاملة لتوقيع العريضة الشعبية التي أطلقتها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، يوم 10 دجنبر 2023، مع ثلة من الأساتذة الأجلاء للمطالبة بإلغاء اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، وبالإغلاق النهائي لمكتب الاتصال الصهيوني ببلادنا، والسحب النهائي لمكتب الاتصال المغربي بالكيان الإجرامي.
خامسا: ندعو كل من تورط في توقيع اتفاقية الشؤم التطبيعية، أو في المصادقة على اتفاقيات ثنائية مع الكيان الصهيوني، أو في تأسيس ما يسمى “مجموعة الصداقة-العار البرلمانية المغربية الإسرائيلية”، أو في ربط علاقات صداقة وتعاون معه من الهيئات والمؤسسات والشخصيات، إلى مراجعة مواقفهم والاعتذار عن أخطائهم المرتكبة في هذا الإطار، والانحياز للمواقف التاريخية المشرفة للشعب المغربي، دفاعا عن أمن وسلامة الوطن ومواجهة لأجندة الاختراق والصهينة التخريبية، ورفضا للإساءة لقضيتنا الوطنية باستغلالها للتسويق للتطبيع.
وفي الختام، نجدد نداءنا لعموم المواطنات والمواطنين، ودعوتنا لكافة الهيئات الوطنية الحية الداعمة للشعب الفلسطيني والمناهضة للتطبيع لتكثيف الجهود وتنسيق المبادرات من أجل مواصلة التعبئة في ميادين وساحات الوطن عبر مختلف الفعاليات والمسيرات، إلى أن يتحقق المطلب الشعبي بوقف العدوان الصهيوني وبإزالة وصمة عار التطبيع عن بلادنا. وننبه المسؤولين مجددا، إلى أن كل تأخير أو تأخر في اتخاذ القرار الرسمي والنهائي بإسقاط التطبيع، من شأنه أن يجعل بلادنا تؤدي أثمانا باهظة من سيادتها واستقلال قرارها ووضوح مواقفها مقابل إهانات صهيوأمريكية متواصلة مهينة وابتزاز مفضوح للرضوخ للشروط المجحفة والمذلة للكيان المحتل والإدارة الأمريكية التي ترعاه من أجل الصمت على جرائمهم بحق الأرض والمقدسات والإنسان والعمران في الأقصى والقدس وكافة الأراضي الفلسطينية.
وإنها لمقاومة وجهاد وثورة حتى النصر والتحرير.
عاشت فلسطين حرة أبية، وعاصمتها القدس الشريف.
والمجد والخلود للشهداء، والخزي والعار للخونة والعملاء.
الرباط في الجمعة 22 دجنبر 2023.