صمت القبور
بقلم : أبو أيوب
عند موت احد الحراس الشخصيين للرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني في حادثة سير اثناء زيارته الرسمية لتندوف و لقاءه بنظيره الجزائري ع.م.تبون ، و هو اللقاء الذي تمخض عنه تدشين معبر تندوف الزويرات البري و إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين ..
الإعلام الرغبوي المغربي و المؤثرين و صناع المحتوى اليوتوبرز المغاربة على رأسهم الدكتور منار السليمي ، بدل تسليط الأضواء على الحدث الرئيسي بادروا الى نشر الاكاذيب و المزاعم عن محاولة إغتيال فاشلة تعرض لها الرئيس الموريتاني …
لكن بعد مرور اسبوع عن الحدث و الحادث عاد الرئيس الموريتاني ولد الغزواني للجزائر للمشاركة في قمة منتدى الدول المصدرة للغاز …عودة نسفت هرطقات و مزاعم و تحليلات رئيس المركز الأطلسي ” لتخليل” السياسات الدولية و القضايا الأمنية و من ساهم الى جانبه في نشر الترهات ..اذ كيف يعقل ان يعود من تعرض لمحاولة إغتيال الى نفس الدولة التي شهدت المحاولة الأولى ؟
سكون الموتى الاحياء و صمت القبور يسود اليوم في مختلف المنابر الإعلامية المغربية و مختلف منصات و مواقع التواصل الاجتماعي و قنوات اليوتوبرز المغاربة امثال من روجوا و نشروا و استفاضوا في الشرح و “التخليل” لمقتل احد الحراس الشخصيين للرئيس الموريتاني …
بالأمس شهدت العاصمة الليبية طرابلس الغرب محاولة فاشلة لاغتيال رئيس الحكومة المعترف بها دوليا السيد الذبيبة…هجوم مسلحين بالأسلحة النارية و صواريخ آر.بي.جي على منزله دون ان يخلف الهجوم ضحايا…
على اثره تم تطويق المكان و مباشرة البحث عن الفاعلين وسط تسريبات استخباراتية تؤكد تورط جهات ثلاث في العملية التي أسند امر تنفيذها لرجال الميليشيات التابعة الجنيرال خليفة حفتر ( حكومة الوفاق الغير معترف بها) ، فمن هي الجهات الثلاث علما بان حفتر تجمعه علاقات جد متميزة مع دولة العمارات العبرية اللامتحدة و اسرائيل و المغرب؟
بالرجوع الى التاريخ الليبي ايام حكم القذافي رحمة الله عليه ، وجب استحضار الحرب الليبية التشادية على الحدود بشريط اوزو الغني باليورانيوم ، يومها كان حفتر برتبة ” عقيد ” كولونيل يقود الحرب على راس القوات الليبية التي انهزمت بعدما تم أسر خليفة حفتر من طرف الجيش التشادي المدعوم بقوة وقتذاك من طرف فرنسا و امريكا و تمويل اماراتي سعودي..
لتقوم بعدها السلطات التشادية ايام حكم حسين هبري بتسليم حفتر الى وكالة الاستخبارات الأمريكية سي اي اي التي نقلته مباشرة إلى القاعدة الأمريكية بالمانيا و منها الى الولايات المتحدة بطائرة عسكرية …
هناك خضع للتحقيق و هناك أفشى اسرار الأسلحة الكيماوية و معلومات مهمة عن القذافي و التسليح الليبي….لقاء خدماته منحت له الجنسية الأمريكية و مكث هناك تحت حماية أمريكا قرابة 20 سنة حيث تم تجنيده من طرف مخابرات البنتاغون و وكالة الاستخبارات في حرب امريكا ضد نظام القذافي …
و بعد سقوط هذا الأخير اعادت امريكا عميلها حفتر الى ليبيا للعب الادوار القذرة بهدف تأمين منابع الطاقة و السيطرة على الحكم …رقى نفسه إلى رتبة جنيرال و شكل ميليشيات من بعض أفراد الجيش الليبي و رجال القبائل جنوب ليبيا و بعض المرتزقة العرب من التشاد و النيجر و السودان بتمويل و تسليح إماراتي و تخطيط اسرائيلي امريكي …
الهدف المعلن توحيد ليبيا بزعامته فيما الهدف المتستر عليه تطويق الجزائر من الشرق و الجنوب و مزيد من أضعاف تونس التي جرمت التطبيع و اعتبرته خيانة عظمى..اي بمعنى ، استكمال ما سمي جورا و زيفا بالربيع العربي بينما حقيقة الأمر كان خريفا للجمهوريات الوطنية العربية باستثناء تونس زين العابدين و مصر مبارك ..
خطوة تمهيدية و مقدمة توطئة لنسخ نفس سيناريو ليبيا و تنزيله بالجزائر ليكتمل النصاب عبر تدميرها و تفكيكها الى دويلات لصالح المشروع الصهيوني بالعالم العربي المعروف تحت اسم ( FROM THE RIVER TO THE OCEAN ) من النهر الى المحيط و ليس كما اعلنوا في العلن من النيل الى الفرات…
و هذا ما يؤكد قولي مرارا و تكرارا بأن التسلح الجزائري ليس موجها للمغرب بقدر ما هو موجه للجناح الغربي لحلف شمال الأطلسي احتراسا و منعا و صدا لإعادة السيناريو الليبي بالجزائر …ثم دعما للقضية الفلسطينية و للجمهوريات الوطنية في العالم العربي كالعراق و سوريا و تونس و لبنان و اليمن و موريتانيا ..ايذانا باطلالة ثالث الازمنة العربية فالاول كان مصريا عرف عدة انكسارات و هزائم استمر حتى ابرام اتفاقية كامب ديفيد سنة 79 لينطلق بعده الثاني بزعامة سعودية خلف من المآسي و المعاناة و الحروب ما لا يغتفر ..فيما ثالث الازمنة يشهد عليه النشاط الدبلوماسي المكثف للجزائر على اكثر من صعيد خدمة لقضايا العرب و المسلمين كشعوب و أمم
هذا ما تؤكده اليوم وقائع الميدان سواء على صعيد الأمم المتحدة و مجلس الامن الدولي ( القرار الاخير بخصوص فلسطين) او بالجامعة العربية ( استعادة سوريا الاسد مقعدها ) او الاتحاد الافريقي( طرد اسرائيل نهائيا و بدون امل في العودة فضلا عما اقدمت عليه جنوب افريقيا بجر اسرائيل للمحاكمة الدولية) او بحركة دول عدم الانحياز و دول الامريكيتين( تجميد العلاقات مع اسرائيل و طرد السفراء و اغلاق السفارات و منع زيارة المسؤولين الاسرائيليين ) ، و ما تولد عن هذا النشاط اللافت و المتميز من اعلان بعض الدول الأوروبية عن استعدادها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ( اسبانيا و بلجيكا و ايرلندا مثال)..
و لن ينحصر هذا النشاط بل سيستمر بوتيرة تصاعدية سواء بمجلس الامن الدولي من خلال طلب فرض عقوبات على اسرائيل من خلفية امتناعها عن تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الاخير و هو قرار ملزم ، او بالجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية و منحها العضوية الكاملة و لو تحت الاحتلال…
ترقبوا هذا قبل نهاية مدة انتذاب الجزائر كعضو غير دائم بمجلس الامن الدولي (2024/2025) و من به ريب و شك أحيله على تصريح السفير الاسرائيلي الدائم بمجلس الامن ( لو قالت الجزائر بأن الارض مسطحة الشكل لصوت مجلس الامن و الأمم المتحدة لصالح طرحها )
تحيات رمضانية