الواجهةمجتمعمجرد رأي

إزالة اللبس والغبش ودحض الشبهات عن المرأة في الإسلام

الإرث، التعدد، نقص العقل، كيد النساء، رئاسة المرأة...

بقلم إلياس بنعلي

قوامة الرَجُل مسؤولية حماية المرأة وصيانتها وجلب المصالح لها كيفما كانت نسبتها إلى الرجل وقرابتها منه، وفي أحوالها الأربعة: أما، وأختا، وزوجة، وابنة، القوامة مسؤولية ورعاية أوكلها الله تعالى للرجل، لما أودع فيه صفات فطرية كقوة العضل ورباطة الجأش وقدرة الكسب، وبالتالي فهي ليست ترجيحا لكفة الرجل وإنما تثقيل لميزانه بمثاقيل المسؤولية.
شرط القوامة النفقة والرعاية والقيام بالأمر، معاني لا تنفك عن معنى السكينة والمودة، والمعاشرة بالمعروف لا تتأتى بتحقيق الكفاية من الطعام والشراب والملبس والمسكن فقط، بل الأمر أعمق من ذلك، مشاعر دافئة متبادلة، وإحساس بالمسؤولية العظمى الملقاة على عاتقهما.
قال تعالى: {إذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} فقد انطلق سيدنا موسى عليه السلام في ليلة باردة ومظلمة يلتمس لأهله الدفء فخلّد القرآن الكريم نيته… قوامة الرجل خدمته لأهله وعدم تعريضهم للهلاك.
يقول الله تعالى: {فَقُلْنَا يَٰٓـَٔادَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰٓ} (سورة طه، الآية: 117)، و”قال سبحانه: {فَتَشْقَى} ولم يقل فتشقيا كما قال {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا}… لأنه هو الذى يعود عليه التعب إذ هو المكلف بأن يقدم لها ما تحتاجه من مطالب الحياة، كالمسكن والملبس والمطعم والمشرب”. (الوسيط للطنطاوي)، “لم يقل : “فتشقيا” رجوعا به إلى آدم، لأن تعبه أكثر فإن الرجل هو الساعي على زوجته” (تفسير البغوي)، “واقتصر على شقائه لأن الرجل يسعى على زوجته”. (تفسير الجلالين).
“على المرأة المسلمة تصحيح نظرتها إلى “قوامة الرجل” وعدم الانجرار وراء من جعلوا لها قضية وهمية تصارع عليها.. نعم أكرمني ربي إذ جعل أخي وأبي وزوجي وابني مُلزما بالخروج لشراء ما أريد، ومُلزما بأن يُرافقني في سفر ويخدمني في مرض، القوامة تكليف للرجل وتشريف للمرأة”. (الكاتبة الأردنية إحسان محمود الفقيه عبر تويتر 05/08/2019).
 ترك الميتُ بنتاً وابن ابن، فنصيب البنت هو النصف فرضاً، وابن الابن يأخذ ما بقي تعصيباً،وهو النصف، فالبنت أخذت نصيباً مساوياً لنصيب ابن الابن)، وهناك ثماني حالات ترث فيها المرأةِ أكثرَ من نصيبِ الرجل (مثال: إذا ترك الميتُ أماً وأختاً شقيقةً وأخاً لأب، فتأخذ الأمُّ السدس فرضاً، وتأخذ الأختُ الشقيقة النصف فرضاً، ويأخذ الأخ لأب الباقي تعصيباً، وفي هذه الحالة يكون نصيب الأخت الشقيقة أكبرُ من نصيب الأخ لأب)، وأربع حالات ترث فيها المرأةُ ولا يرثُ الرجلُ (مثال: إذا ترك الميتُ بنتاً وأخاً لأمٍ، فإن البنت تحجب الأخ لأم، ولا يرثُ شيئاً بسببها)، وفي أربع حالات فقط ترث المرأةُ نصفَ نصيب الرجل!
فلماذا يركز الذين يحاولون انتقاد نظام المواريث في الإسلام على هذه الحالات الأربع دون غيرها؟!
ومما سبق يتبين أن اختلاف نصيب الميراث يكون حسب العبء المالي الذي يوجبه الشرعُ على الوارث القيامَ به حيال الآخرين، وبذلك يكون الإسلام قد ميَّز الأنثى على الذكر في الميراث، لا ظلماً للذكر، وإنما لتكون للأنثى ذمةٌ ماليةٌ تحميها من طوارئ الأزمان والأحداث.
فعكس الشرائع الأخرى المرأة لم تكن ترث، وإنما كان الميراث للأبناء الذكور فقط! وكذلك كان حالُ المرأة قبل الاسلام فلم تكن ترث، بل كانت تُورَث، مثَلُها في ذلك مثلُ الأنعام وغيرها من الممتلكات، (تفسير السعدي ص165).
 (نفس المصدر).
“وذهب الإمام أبو حنيفة – والكلام لمفتي مصر – فيما نسب إليه إلى أن المرأة يجوز لها أن تتولى القضاء، فيما يجوز لها أن تشهد فيه، وذهب الإمام ابن جرير الطبري بجواز أن تتولى المرأة القضاء بإطلاق، فيما نسب إليه أيضاً، وهذا الرأي قال به أيضاً ابن حزم وابن القاسم من المالكية، رعاية الأسرة أما الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتؤيد الرأي الذي يجيز تولي المرأة المناصب العامة والقيادية، وبخاصة قيادة دولة، لأن هذا المنصب ليس من الإمامة الكبرى أو ما يسمى الولاية العامة في الإسلام، ويجوز شرعاً أن تتقلد المرأة المناصب القيادية- بشرط ألا يؤثر ذلك على دورها في رعاية أفراد أسرتها.”
لا تستطيع الأمة أن تخطو خطوة إلى الأمام ونصف المجتمع مُجَهل مُعَطل، لأن مصير الأمة مرهون بجهود المرأة في التعبئة والبناء وحَمْل العبء دعما لشقائقهن الرجال، قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (سورة التوبة، الآية: 71)، “والمرأة المومنة كالرجل المومن نصيبها من المسؤولية السياسية مثل نصيبه” (الإمام ياسين، تنوير المؤمنات، ص: 303/2).
فالمرأة اليوم مطالبة بالسعي  إلى جانب الرجل من أجل استرجاع حقوقها التي سلبتها إياه التقاليد الرجعية والظلم المتمثل في الاستبداد الجاثم عل الصدور، وكذا الدعوات الغربية المغرية المبشرة بالإباحية، فلا مناص من الاستلهام من نموذج الصحابيات الجليلات لطلب الكمالات وإحياء الأمة.
 النساء، الآية: 03)، وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها”. (شيخ الأزهر أحمد الطيب، الفضائية المصرية 2019)، وسُئل شيخ الأزهر: “هل المسلم فعلا حر في أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة على زوجته الأولى؟ أم أن هذه الحرية مقيدة بشروط؟ بمعنى أن التعدد حق مقيد أو نستطيع أن نقول إنه رخصة، والرخصة تحتاج إلى سبب، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة… التعدد مشروط بالعدل وإذا لم يوجد العدل يحرم التعدد، وبيّن أن العدل ليس متروكا للتجربة فيتزوج الشخص بثانية فإذا عدل يستمر وإذا لم يعدل فيطلق، وإنما بمجرد الخوف من عدم العدل يحرم التعدد، فالقرآن يقول {فإن خِفتُم ألا تعدلوا فواحدة}.” (نفس المصدر)، يقول ابن عاشور في تفسير الآية: “{فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} أي ذلك أسلم من الجور، لأنّ التعدّد يعرّض المكلّف إلى الجور وإن بذل جهده في العدل، إذ للنفس رغبات وغفلات، وعلى هذا الوجه لا يكون قوله: {أدنى ألا تعولوا} تأكيداً لمضمون {فإن خفتم ألا تعدلوا} ويكون ترغيباً في الاقتصار على المرأة الواحدة.. إذ هو سدّ ذريعة الجور.” (تفسير ابن عاشور).
فيما بين الإمام الشعراوي سبب كره الزوجة للتعدد فقال: “لماذا تكره الزوجة التعدد؟ لأنها وجدت أن الزوج إذا ما تزوج واحدة عليها التفت بكليته وبخيره وببسمته وحنانه إلى الزوجة الجديدة، لذلك فلابد للمرأة أن تكره زواج الرجل عليها بإمرأة أخرى.. يجب أن ننتبه إلى حقيقة وهي: أن التعدد لم يأمر به الله، وإنما أباحه… من حق الزوجة أن تشترط ساعة زواجها ألا يتزوج زوجها بامرأة أخرى، ذلك أن من حقها أن تشترط في عقد الزواج ما تشاء”. (الإمام الشعراوي، المرأة في القرآن الكريم).
وأشار الإمام الشعراوي إلى الفهم الخاطئ الذي يعتقده كثير من الناس أن الإسلام جاء بالتعدد، والصحيح أنه جاء بوضع حد للتعدد، فقال: “لم يجئ الإسلام بمبدأ التعدد، لأنه جاء والتعدد أمر قائم… فقد كان التعدد قائما قبل الإسلام، ولقد جاء الإسلام يحدد التعدد، ويقصره على أربع… فالذين لا يفهمون هم الذين يرمون الإسلام بأنه جاء بالتعدد، والحق أنه جاء بوضع حد للتعدد”. (الفتاوى كل ما يهم المسلم، ص:437).
 للمرأة أسبابا وتجليات متعددة لنقصان عقلها.. وكما أن المرأة وُصفت بالنقص هنا، فإنها وصفت بالكمال في مجالات أخرى، ووُصف الرجل بالنقص مقارنة معها، ولم يضجر ولم يستنكر، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأم/المرأة: “لَلَّهُ أرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا” (صحيح البخاري)، فارتقت المرأة إلى مرتبة ضرب المثل في صفة من الصفات، فذلك أمارة من أمارات الكمال فيها، وهل ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بالرجل في صفة الرحمة، وهي من أعظم الصفات وأجلّها؟
..أما وصفها بأنها ناقصة دين، فليس معناه أن النساء أقل من الرجال من حيث الإيمان أو التعبد، أو الأجر والثواب.. وللنساء أعمال وأحوال يحصلن بموجبها على الأجر الجزيل، وبسببها تُكفر كثير من الذنوب، مثل الحمل وصعوباته، والوضع وشدته وآلامه، والرضاع والقيام بشؤون الأطفال صغيرها وكبيرها، وبهذه الأمور وغيرها تتفوق المرأة على الرجل في سلم الحسنات، ويحصلن على ما لم يحصل عليه الرجال.
..وبما أن نقص المرأة ارتبط بهذه الجزئيات المؤقتة، فإنها تتساوى مع الرجل بعد بلوغ سن اليأس، فتصلي كما يصلي، وتصوم كما يصوم، والمرأة إن كانت ناقصة دين، فهل يعني هذا أن الرجل كامل الدين؟
هذا لم يقله الحديث، ولا يُفهم منه إلا إن تعسفنا في التأويل، وتمحلنا في التفسير، فللرجل نقائص أيضا، منها الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور وغيرها مما ينقص من دين المرء ولا يُعصَم منه الرجال، وبما أن لكل قاعدة استثناء، فإن بعض الرجال والنساء وصلوا إلى درجة الكمال البشري.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بنْتُ عِمْرَانَ” (متفق عليه)”. (نفس المصدر)، و”لفظة “الكمال”: تطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه، والمراد هنا: التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى، والله أعلم”. (شرح مسلم: 15/ 198،199)، وقال السيوطي: “كمل من الرِّجَال كثير” أَي من الْأُمَم السَّابِقَة ، “وَلم يكمل من النِّسَاء إلا امْرَأَتَانِ” وَلَا يلْزم مِنْهُ انه لم يكمل من أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد من النِّسَاء، بل لهَذِهِ الْأمة مزية على غَيرهَا.” (شرح سنن ابن ماجه: 1/236)، وقال الصنعاني: “وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما”. (التنوير شرح الجامع الصغير: 8/239)، ولا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أفضل الأمم على الإطلاق، فلا تخلو من وجود من بلغ درجة الكمال من الرجال والنساء، ولا يبعد وجود هؤلاء في كل زمان ومكان، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس ثمة ما يمنع من وجود الكُمّل من الرجال والنساء بعد عصر النبوة والصحابة، من أمثال التابعين وأتباعهم، وعلماء الأمة إلى يوم الناس هذا، ولذلك ذكر معظم شراح الحديث أن المراد من هذا الحديث : الأمم السابقة.
 فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال والأولاد، ولا يعني أن هذه النعم شر.. بل يحذر من شدة التعلق بها إلى حد الافتتان، والانشغال عن ذكر الله… ولا ينكر أحد أن أكثر الرجال يضعفون أمام سحر المرأة وجاذبيتها وفتنتها، وخصوصًا إذا قصدت إلى الإثارة والإغراء، فإن كيدها أعظم من كيد الرجال؛ ومن ثم لزم تنبيه الرجال إلى هذا الخطر، حتى لا يندفعوا وراء غرائزهم، ودوافعهم الجنسية العاتية.” (الإمام القرضاوي، الموقع الرسمي)
والكَيْد تختلف درجته وشدته، ففي قصة سيدنا يوسف “كَيْد النساء” لم يتخطى الجانب العاطفي المصحوب بالشهوة، على عكس “كَيْد الرجال” الذي ذُكِر في نفس القصة تخطى كل الحواجز من أجل السلطة والنفوذ، فوصل بهم إلى درجة الحقد والحسد ومحاولة قتل أخيهم.. {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} (سورة يوسف، الآية: 09)، فتبين أن “كَيْد الرجال” في هذه القصة كان أكبر وأعظم.
“كلما مررت بسورة يوسف تساءلت: أي الكيدين كان أشد وطأة على سيدنا يوسف، كيد الرجال أم كيد النساء؟! ألقت النسوة يوسف في السجن من فرط الحب، و ألقاه الرجال في الجب من فرط الحقد!
فالكيد إذا ليس حرفة نسائية كما يظن البعض.. الآية وإن كانت تثبت وبشكل قاطع وجود الكيد في بعض النساء فإن الآية الكريمة: {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن للرجال حظا وافرا من الكيد أيضا! وإذا كان كيدُ النّساءِ ممهوراً بالصفة {عظيم}، فإن كيد الرّجال ممهور بالمفعول المطلق {كَيْداً}، ومن فوائد المفعول المطلق كما يقول النحاة هو نفي المجاز!” (الكاتب الفلسطيني أدهم شرقاوي، كتاب نبض)، “والتنوين فى قوله {كَيْداً} للتعظيم والتهويل، زيادة فى تحذيره من قص الرؤيا عليهم”. (تفسير الوسيط للطنطاوي).
قال النيسابوري: فالمراد إن كيد الشيطان ضعيف بالنسبة إلى ما يريد الله تعالى إمضاءه وتنفيذه، وكيد النساء عظيم بالنسبة إلى كيد الرجال، فإنهم يغلبنهم ويسلبن عقولهم إذا عرضن أنفسهن عليهم. (تفسير النيسابوري).
يحاول البعض عبثا تشويه صورة المرأة في الإسلام جهلا أو حسدا أو خدمة لغايات في أنفسهم، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكارهون والمتآمرون والمتخاذلون، فالمرأة والرجل على حد سواء أعزهما الله بالإسلام ولو ابتغوا العزة في غيره لم ينالا إلا الذلة والهوان.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى