ماذا بعد عزل أمريكا بمجلس الأمن الدولي ؟
بقلم أبو أيوب : 2024/5/3
قراءة تحليلية موضوعية للقرارات الثلاث الأخيرة بمجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحرب الإسرائيلية على غزة العزة ، صحيح أن إسرائيل لم تنفد أيا من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بدعم وحماية أمريكا صاحبة حق الفيتو والذي تشهره متى شاءت وبما يتماشى مع مصالحها السياسية و الإقتصادية … لكن المهم والأساس هو أن عدم تنفيذ القرارات يبقى وصمة عار تلاحقها هي والربيبة إسرائيل معا ، ملاحقة لا تسقط بتوالي السنوات بل ستظل تطاردهما مهما بلغتا من قوة وجبروت ، كما هو حق الفلسطينيين الذي لا يسقط بالتقادم .
فالقرار الأول رفضته أمريكا بحجة أن المشروع الجزائري المقدم لمجلس الأمن الدولي لم يكن متوازنا ولا محايدا ، فضلا عن تجنب الإشارة إلى حركة حماس كتنظيم إرهابي يسعى إلى محو إسرائيل من الوجود . ورغم الرفض الأمريكي لم تيأس الجزائر مقدمة المشروع الذي حظي بدعم دولي كبير ، بل وعدت بالعودة إلى طرحه بقوة من جديد رغم المعارضة الشديدة لأمريكا …
وبعد مناقشة المشروع للمرة الثانية على التوالي بمجلس الأمن الدولي ، تم التصويت عليه بالإجماع ( 4 دول دائمة ” الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا ” و10 دول غير دائمة العضوية من ضمنها ثلاث دول إفريقية) ، في حين رفضته أمريكا دون أن تلجأ للفيتو في سابقة من نوعها، ليصدر القرار الداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار بغزة و السماح بإدخال المساعدات الإنسانية … قرار سارعت إسرائيل إلى رفضه جملة وتفصيلا ، لكن يبقى في الأخير غصة في حلقها كشف عورتها وعرى حقيقتها كدولة مارقة خارقة للقانون الدولي ، ومهما يكن الأمر يبقى المؤكد الواقع الحاصل .. إذ بقدر ما يعبر عن عزلة أمريكا على الصعيد العالمي بعد تورطها وتوريطها في مستنقع الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى ، بقدر ما يعتبر القرار انتصارا للمقاومة بفلسطين وعدالة القضية … إنتصار بلغ أوجه حد تحول التنظيم السياسي والعسكري لمختلف فصائل المقاومة الفلسطينية ، إلى فكر اجتاح دول العالم حيث تعالت الأصوات المنددة بجرائم إسرائيل ضد الإنسانية لم تسلم منها أية دولة غربية بما فيها أمريكا … أصوات شاجبة غزت الشوارع والجامعات ومن بين مخاضاته انقسام حاد بوزارة الخارجية الأمريكية … وهزيمة عسكرية مذوية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب الأمريكية والإسرائيلية أسفرت عن سقوط عدة أقنعة ( أمريكا شرطي العالم ومن يدير شؤونه بدون منازع/ الجيش الذي لا يقهر والسقطات المتتاليات لمفاخر الصناعات العسكرية من قبة حديدية ودبابة ميركافا …) .
أما القرار الثالث لمجلس الأمن الدولي الذي أجهضته أمريكا باستعمالها الفيتو ، فهو القرار الذي ناقش منح العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية بالأمم المتحدة والذي حظي ب12 صوتا و امتناع عضوين دائمين عن التصويت ، قلت شكل وضعا يمكن اعتباره توطئة لنقل مناقشة الملف بالجمعية العامة للأمم المتحدة من بوابة منطوق ميثاقها الذي ينص على أن النصاب القانوني لعرض القضية تصويت عشرة أعضاء بمجلس الأمن الدولي … على أثره انعقدت جلسة بالأمم المتحدة بطلب من الجزائر للنظر في مسألة منح دولة فلسطين كامل العضوية بدل الإكتفاء بها كعضو مراقب … نيلها العضوية كاملة هي مسألة وقت وعلى أبعد تقدير قبل نهاية 2025 .. ولا زال النقاش مستمرا مع تسجيل دعوات بجر المسؤولين الإسرائيليين سياسيين أو عسكريين أمام محكمة الجنايات الدولية بتهم الإبادة الجماعية للمدنيين العزل وجرائم حرب وتهجير قسري ..
فهل ينجح هولوكوست عرب فلسطين مسلمين ومسيحيين في نيل تعاطف دول العالم أسوة بما حظي به هولوكوست اليهود بألمانيا النازية ؟ أم أن سياسة الكيل بمكيالين ستبقى السمة الطاغية في تعاطي الغرب مع الأزمات الدولية ؟