أخبار دوليةالواجهةمجرد رأي

إخواني المغاربة المرجو التفريق بين مصطلحات اليهودية وإسرائيل والصهيونية تفاديا للمتابعة

بقلم عبد السلام حكار

لن يختلف اثنان بخصوص الخلط الكبير الذي يتخبط فيه جل المتتبعين للقضية الفلسطينة وخاصة بين إسرائيل واليهودية والصهيونية وبالتالي يجد المرء نفسه أحيانا أمام متابعة من طرف النيابة العامة لا لشيء سوى لكونه استعمل مصطلحات عوض أخرى دون أن يكون مستوعبا خطورة ذلك ومن بين هذه العبارات نجد ” اليهود اولاد الحرام أش دايرين للفلسطينيين ” ومثل هذه المقولات كثيرة ومتنوعة … وتزداد خطورة الخلط حين يصبح الحديث عن التصدي لليهود أو محاربتهم أو الإعتداء عليهم وهذا بطبيعة الحال يعتبر خلطا للمفاهيم , لسبب بسيط هو أن مصطلح يهود أو يهودي يكون مرتبطا بالديانة فقط وليس من يعتنقون الديانة اليهودية هم المقصودون بما يقع لفلسطين والفلسطينيين … وهنا وجب التوضيح :

  • اليهودي : هو شخص يعتنق الديانة اليهودية ويمكن أن يكون من جنسية ليست بالضرورة الإسرائيلية بل يمكن أن تكون من ربوع الكرة الأرضية . فاليهودية أو كما يصطلح عليها الديانة الإبراهيمية نسبة لسيدنا إبراهيم عليه السلام ترتكز في تعاليمها على التوراة التي نزلت على سيدنا موسى عليه السلام والذي يبقى لدى اليهود أعظم الأنبياء على الإطلاق … كما أن اليهودية تعتبر من أقدم الديانات على وجه الأرضويمتد تاريخ اليهودية لأكثر من 3000 سنة . وكان يُشار إلى العبرانيين وبني إسرائيل باسم «يهود» وفي كتب لاحقة استبدل مصطلح اليهود بمصطلح «أبناء إسرائيل». ثم أثرت النصوص والتقاليد والقيم اليهودية كثيرًا على الديانات الإبراهيمية فيما بعد، بما في ذلك المسيحية والإسلام وقد أثرت العديد من جوانب اليهودية بشكل مباشر أو غير مباشر على الأخلاق العلمانية الغربية والقانون المدني. وكانت العقيدة الدينية عاملاً مهمًا في تطور الحضارة الغربية القديمة مثل الهلنسية واليهودية كخلفية للديانة المسيحية، وشكلت إلى حد كبير المثل والأخلاق الغربية منذ المسيحية المبكرة وغالبًا ما توصف هذه الحضارة الغربية بأنها حضارة مزدوجة «يهودية مسيحية» نظرًا للتأثير اليهودي الضخم في تطوير العلوم والإبتكارات والثقافة الغربية، حيث يُشكل اليهود 22% من الحاصلين علي جائزة نوبل في جميع أنحاء العالم .فاليهود عامة هم أبناء مجموعة دينية إثنية بما في ذلك أولئك الذين ولدوا يهودًا كونهم ولدوا من أم يهودية، بالإضافة إلى المتحولين إلى اليهودية . وفي عام 2015، قدر عدد يهود العالم بحوالي 14.3 مليون، أو ما يقرب من 0.2% من مجموع سكان دول العالم وإسرائيل التي تبقى موطنا لحوالي 43% من جميع اليهود في العالم، ويقيم حوالي 43% من يهود العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، فيما يعيش معظم النسبة المتبقية في أوربا إلى من مجموعات الأقليات المنتشرة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وأستراليا وآسيا ثم إفريقيا
  • إسرائيل : دولة عاصمتها : تل أبيب لغتها : العبرية (رسمية)، والعربية للسكان العرب، والإنجليزية
    نظامها السياسي: برلماني ديمقراطي وتاريخ نشأتها : 14 مايو 1948 تاريخ إعلان قيام دولة إسرائيل وعملتها : الشيكل . وأقيمت دولة إسرائيل بعد احتلال اليهود لأرض فلسطين، وهي الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام, ولها حدود مع مصر وقطاع غزة والأردن والضفة الغربية ولبنان وسوريا على مساحة تقدر ب 22.072 كيلومترا مربعا … ذات موارد طبيعية أهمها الخشب والبوتاس والنحاس والغاز الطبيعي والفوسفات والرمل . وذات مناخ معتدل حار، وجاف بالجنوب والجنوب الشرقي … التعداد السكاني يقدرب 7.821.850 نسمة (حسب تقديرات يوليوز 2014) . بنسبة نمو تفوق 1.46% (حسب تقديرات 2014) . وبتوزيع عرقي : 75.1% يهود (منهم 73.6% من مواليد إسرائيل) 23.6% من غير اليهود وأغلبهم من العرب . الديانة : 75.1% يهود، 17.4% مسلمون، 2% مسيحيون، 1.6% دروز، 3.9% آخرون . أم من حيث الإقتصاد فيقدر ناتجها المحلي الإجمالي ب 272.7 مليار دولار والناتج الفردي السنوي ب 36200 دولار فيما نسبة النمو  3.3% ونسبة البطالة 5.8% ونسبة التضخم 1.7% ثم الدين الخارجي 96.3 مليار دولار … وتبقى أهم منتجاتها : التكنولوجيا المتقدمة، الورق، البوتاس والفوسفات، الحمضيات والخضراوات والقطن واللحوم . وبالتالي فحين نتحدث عن إسرائيل فالمقصود أنها دولة كسائر الدول يمكنها أن توصف بالمستعمرة لدولة فلسطين أو الدولة المتنازعة مع دول الجوار وبالتالي فهناك آليات للتصدي لهكذا عجرفة واستعمار وتجاوز لحقوق الإنسان مثلها مثل باقي دول العالم (حسب المنطق) … دون الحديث عن انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين أمام مرآى ومسمع المنتظم الدولي الذي أصبحت نسبة كبيرة منه تندد بهذه الإنتهاكات .
  • الصهيونية : وهي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوربا أواخر التاسع عشر الميلادي ودعت يهود العالم للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد (إيريتس يسرائيل) عوض الإستمرار في اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذي وقع عليهم في الشتات، وبعد فترة طالب قادة الحركة الصهيونية بإنشاء دولة منشودة في فلسطين التي كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية … وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية النمساوي اليهودي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.  وبعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها توفير الدعم المالي والمعنوي لدولة إسرائيل . وقد عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية في بازل بسويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملي على أرض فلسطين لتنطلق عملية هجرة اليهود إلى فلسطين ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية . ويرى أنصار الصهيونية أنها حركة تحرير وطنية لإعادة شعب مضطهد مقيم كأقليات في مجموعة متنوعة من الدول إلى وطن أجداده، وقد كان لمحرقة الهولوكوستدورا أساسيا في إقناع يهود العالم بأفكار الحركة الصهيونية كثيرًا بدعوي المظلومية ودافعًا كبيرًا للهجرة والقتال لإقامة دولتهم اليهودية في فلسطين بينما يرى منتقدو الصهيونية أنها أيديولوجية استعمارية عنصرية واستثنائية قادت أتباعها إلى استخدام العنف خلال الإنتداب البريطاني على فلسطين ، وتسببت في تزويج العديد من الفلسطينيين ثم إنكار حقهم في أراضيهم وممتلكاتهم المفقودة خلال حربي 1948 و1967 .

ومن خلال هذا التعريف البسيط والتوضيح للفرق بين المصطلحات الثلاث يتضح جليا أن الخلط بينها قد يؤدي إلى زرع كراهية مجانية تجاه أشخاص ذنبهم الوحيد الإنتماء لدولة إسرائيل أو اعتناقهم للديانة اليهودية عوض التركيز على الأهم والذي هو الحركة الصهيونية التي تأتي على الأخضر واليابس في فلسطين ومناطق أخرى ضاربة عرض الحائط المواثيق والقوانين الدولية وقرارات مجلي الأمن أو هيئة الأمم المتحدة .

وبالمغرب كما هو الشأن بالنسبة لعدة دول عربية إسلامية أخرى لوحظ مؤخرا تطبيع للأنظمة مع دولة إسرائيل الأمر الذي أثار استياء العديد الهيئات والأطياف التي لم تخف تنديدها لهذا التطبيع … وفي المقابل لم تبذل هذه الجهات أية جهود لتوضيح الأمور للمنتسبين إليها أو المتعاطفين معها حتى لا ينصاعوا في مهاجمة اليهود كمعتنقين للديانة أو المواطنين الإسرائيلين الذين لا علاقة لهم بما يقترفهم نظام دولة إسرائيل من مجازر في حق الفلسطينيين وبالتالي تصبح خرجات البعض منهم الغير محسوبة مخالفة للقانون الجنائي بل وحتى الوانين والمواثيق الدولية الأمر الذي يؤدي إلى متابعتهم كما وقع للعديد من المتابعين بتهمة التحريض على الكراهية والتمييز العنصري بلغ إلى حد قتل اليهود في أكثر من مناسبة وخاصة خلال مسيرات تضامنية مع فلسطين .

نعم ينبغي علينا أن نكون ضد الصهيونية ويمكن أن نكون ضد المجازر التي ترتكبها دولة إسرائيل في حق الفلسطينيين لكن لا ينبغي بل ولا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن نستهدف يهوديا أو حتى إسرائيليا لا علاقة له بما ترتكبه إسرائيل ويرتكبه الصهاينة .

لكل ما سلف أتمنى صادقا أن يتحلى من ينددون بالتطبيع ضد الكيان الصهيوني أن يوضحوا الأمور للمنتسبين إليهم عوض البكاء والعويل بعد متابعة أحدهم بالتهم السالفة الذكر لا لشيء سوى لخلط المفاهيم لديه … وخير دليل على ما تطرقت إليه في مقالي هذا هو مناهضة مجموعة من الحركات اليهودية وأيضا الإسرائيسلة لما ترتكبه دولة إسرائيل والصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل .

وفي المقابل أتمنى صادقا أن تتفهم هيئات المحاكم هذا الخلط وألا تعمل بمبدإ “لا يعذر أحد بجهله للقانون” خلال محاكمة هذه الشريحة من المواطنين .

 

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى