الحقيبة الثقافية ليوم الجمعة 17/05/2024
اولا : مسرح
مسرحية لا فيكتوريا
تشخيص فرقة” نقولو أكسيون لسينما والمسرح”
إخراج أمين ساهل
بقلم: رشيد بلفقيه
يشير “عواد علي” في غواية المتخيل المسرحي إلى أن الخطاب المسرحي هو الرسالة الموجهة والمقصودة، أي تلك الشفرة التي تشير في ثناياها إلى إطار التفسير، حيث يسعى أسلوبه إلى تفكيك العملية المسرحية وكشف حقيقتها للمتلقي، كما يشير إلى أنه -أي الخطاب المسرحي- يُعني بعملية تكوين الدلالة وآلية تشكيل الرسالة من خلال ما يظهر في النص، أو العرض من تعليقات أو حيل أو تشكيلات توجه القارئ أو المتلقي صراحة إلى الإطار الذي يجب أن يقرأ من خلاله ما يحدث أمامه.
تختصر هذه المواقف جزءا من مسار قراءة العرض المسرحي “لافيكتوريا”، المنجز الثاني في مسار الفرقة بعد عرضها الأول “بريندا”، بوصفه منجزا يتجاوز عتبة الإمتاع ليصير سيرورة إقناعية، توجه المتلقي إلى تغيير رؤيته لعالم الإلتراس (ultras) بوصفه فرجة هامشية، ترافق فرجة رئيسية (مباراة كرة القدم)، بل وتصير أحيانا فرجة رئيسية ومدخلا ينافس مركزية الفرجة الأولى عندما تحظى باهتمام الإعلام الرياضي، لما توجهه لوحاتها من رسائل.
يفتح عرض “لافيكتوريا” نافذة على عالم الإلتراس (ultras) بوصفها فرجات تستدعي مزيدا من الاهتمام فهي فرجات لا تخلو من الفرجوي ومن التمسرح كما أشار خالد أمين في “فرجة الألتراس بالمغرب نموذجا، فيصف العرض ما يدور في كواليس تلك التجمعات الشبابية المتخصصة في التشجيع من خبايا داخل ملاذها الأثير الكورفا ( curva) أو الفيراج أو خارجه، متجاوزا مستوى التوصيف إلى التبرير، وصولا إلى المحاججة لكسب التعاطف والتأثير في المتلقين، من خلال عرض مسارات شخصيات العرض (الذيب، إل كابو، وزوجته… إلخ) والسبل المتشعبة التي ألجأتها إلى ذلك العالم العنيف ذي القواعد الصارمة، والمؤطر بالصراع الدائم بين أعضاء المجموعة نفسها، ومع بقية الألترات.
يحث العرض المسرحي المتلقين على تفهم حالة الهوس بالتشجيع، ويسعى لاستمالة المتلقي وجعله يتجاوز النظرة السطحية للمنتسبين إلى الإلتراس(ultras)، التي تعجز بعض فئات المجتمع عن تفهم هوسها بما تفعل، يمثلها صوت ضابط الشرطة الذي يصرخ في لحظة غضب وسأم من متابعة حالة هؤلاء المشجعين، متسائلا عن المحرك الحقيقي الذي يدفع شبابا في زهرة العمر إلى إهدار الوقت وراء فريق قائلا:
-“علاش كتديرو هاد الشي؟ شنو الهدف ديالكم من هاد الشي؟ جاوبوني…”،
ويجيبه كل من “الكابو” قائد المجموعة،و رفيقته، بأن ذلك يتجاوز فهمه النفعي الضيق، وأن ذلك الشغف يمنحهم الإحساس بالانتماء إلى شيء ما بعد أن لفظهم المجتمع، وهو ما يحقق لهم بعد كل مباراة حالة التطهر من ضغط المجتمع وقيوده، هم القادمون من الأزقة والشارع، والمكتوون بنار واقعها الأليم(الفقر-الضياع-اليتم-الاغتصاب)، ومما قاله معبرا عن خالة التهميش القاسية التي يعيشها ومن يشبهه في المجتمع يقول:
-“حنا سلعة قديمة
ما عطاوهاش القيمة
حنا مللي دوينا
جاوبونا بتنخيمة … يخ تفو !!
ولصياغة الرسائل بشكل أقرب إلى واقع مرسلها يختار المخرج فن الراب في تحاور الشخصيات في مقاطع متعددة، فتعكس مقاطعه الصاخبة وقوة كلماته وإيقاعاته الحقد والغضب الذي يهمين على الشخصيات ويعصف بدواخلها.
تهيمن العتمة على المشاهد البصرية للعرض، محققة الاتساق الدقيق بين عناصره من ملابس وستائر تحيط بفضاء اللعب، وقهوة سوداء مرة تنتقل بين الشخصيات مخترقة فضاءات متعددة (الخشبة، فضاء الجمهور، السجن، الملعب) لتوزع مرارتها على الجميع، كما يهيمن اللون الأسود على بقية الألوان بالعرض بوصفه لون التكتم، واللون المطابق للحالة النفسية للشخصيات (حزن، قهر، حقد، حنين …).
تخلو الخشبة أو تكاد من الأكسسوارات الكثيرة، بوصفها فضاء يهيمن على تأثيثه الاقتضاب، إلا من حواجز تحاصر الشخصيات، وتتشكل المرة تلو الأخرى، لتنشئ مزيدا من العوالم المغلقة (سجن، غرف معزولة) تعمق الإقصاء والتهميش بين الشخصيات وعوالمها.
تساهم الموسيقى المرافقة للمشاهد والمشكلة من طبول المشجعين، بوصفها مكونا متوازي الإيقاع مع سير الأحداث، فالموسيقى مكون صاخب، نابض، يلائم صخب الأحداث وأجواء الملاعب الصاخبة، لتغدو أسلوبا لتوكيد الأحداث، وتضخيم مشاعر الغضب والحنق المهيمنة على الشخصيات.
وهكذا يتشكل عالم الإلترات في العرض بوصفه ذلك العالم المليء بالمتناقضات فهو الفضاء العنيف القاسي الذي لا يرحم، وهو في الوقت نفسه الفضاء الأليف والملجأ لكل من ضاقت به السبل ولفظته الشوارع ولم يجد يدا تحنو عليه، ليكون عالما بوليفوناي بامتياز تتقاطع داخله أصوات متعددة، وتتنازعه سلطات متعددة أيضا إذ يؤسس أيضا الفضاء الحر الذي تنتزعه جموع المشجعين من السلطة المهيمنة لتمارس فيه شغبها وأساليب احتجاجها بالشكل الذي يحقق لها تملكه ولو إلى حين.
ختاما …
“المسرح ليس معبدا، كما أشار أفراينوف، وليس مدرسة، أو مرآة، أو منبرا لإلقاء الخطب العصماء، ولا قاعة درس، فالمسرح هو مسرح فقط”، بهذه القناعة-ربما- يقوم “لافيكتوريا” على الفرجة الخالصة، واللعب، والعبث بواقع المتلقي وإعادة تفكيكه وتركيبه بما يضمن اكتشافه أو إعادة اكتشافه من جديد.
ثانيا : شعر و زجل
قصيدة للزجال الغوتي المفتقير:
شرقت شمس نهاري
و سخن حالي
يا البير واش خبار سراري
وقتاش يا قلبي
هاد الطريق غادي يسالي
تحكي ليام اش طاري
و تشهد جوارح دواخلي على فعالي
داز الليل وما تلاقات شفاري
ما بعت ما شريت
البايع كثر من الشاري
و فين مشا راسمالي
صبحت نخمم و نعض في ضفاري
علا و عسا تحقق امالي
و شحال گدي ما نغلق في الحفاري
الجبل لي نبغي يجيني عالي
من دوار لدوار دعت موساري
عايش بحلالي
عطار و سخيت بحماري
فين ما تغبر الكمرة نقول هذا وقت هلالي
عطرت بحصلبان و نسيت العود لقماري
بخور الناس جاني غالي
و صفيحة العين ما شدها مسماري
ندوي وما نتصنت لفالي
و في مجمر الحب زندت جماري
لله يا صاحب حاجتي
لله يا الزمان
سرج ليا عود لامان
نطلق ليه العنان
نطفش دالية و جنان
خليني نقصد موسم الحنان
نتبورد و صت صربة الفنان
خليني في راحة المنان
الغوتي المفتقر الدغوغي
قصيدة للشاعرة سناء يماني بعنوان : “الجديدة زينة المدن”
الجديدة في الثمانينات
زينة المدن
كانت معروفة
بمدينة المتقاعدين
و تفاجي القلب لحزين
زيرو وسخ
زيرو ميكا
دبا المسؤول
دار عين ميكا
خلاها تغرق في الأزبال
كانت زيرو احتلال للملك العمومي
دبا كاتصيح وتقول عتقوني
لا نظام لا تسيير
غير بالفوضى والتهميش قتلوني
هذي صرخة مدينة الجديدة لحزينة
لي كانت في يوم من ليام جميلة
تقهرات تغصبات
تغوت وتقول عييت
ماشي هكا تمنيت
رانا دكالية شريفية
سناء يماني
قصيدة للشاعرة ربيعة الرحالي “مامينا” بعنوان “انت”
أنت
أيتها الجميلة ألأنيقة المتميزة
أيتها الصاخبة الصامتة المتقلبة
يا من علمتني أن الحب وفاء
والوفاء عهد يحفظ و إن غدر
أنت علمتني أن الحب عطاء
والعطاء قليل وإن كثر
أنت علمتني ان الحياة ضحكة
وإن كان الدمع يسكن العيون
علمتني أن الخجل في الحب بهاء
وان البهاء يزداد كلما زاد الحياء
أنت و من غيرك علم في حياتي
وحياتي قبلك كانت عناء
اصرخي في وجهي
عاتبيني
لا تصمتين فصمتك لي فناء
عاشقتي و معشوقتي أنت
وقلبك كبياض الثلج صفاء
لا تهجريني
لا تكسريني
لا تكتبين نهاية حلمي
لا تعزفين لحن الوداع
فأنت أنت وغيرك ضياع
بقلمي: ربيعة الرحالي رونارد
ثالثا :بورتري موسيقي :الفنانة .. علوية جميل(1910 – 1994)
ولدت فى 15 ديسمبر عام 1910 م لأسرة من أصل لبنانى في قرية طماي الزهايرة؛ القرية التي ولدت فيها سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والتي كانت صديقتها
اسمها الاصلى .الياصابات خليل مجدلاني
تميزت فى الأدوار الصغيرة فى البداية فأسند لها يوسف وهبى أدوارا رئيسية، وتألقت فى أدائها، واستمرت فى فرقة رمسيس حتى حلها وهبى، لتلتحق بالفرقة القومية لمدة عشرة أعوام.
وعندما انضم الفنان الشاب محمود المليجى للفرقة نشأت بينهما قصة حب قوية وكانت علوية مطلقة ولديها ٣ أبناء ، ورغم قرار المليجى الاستقالة من الفرقة للقيام ببطولة فيلم “العزيمة”، إلا أنه ضحى بالفيلم ليسافر مع الفرقة ليكون قريبا من حبيبته علوية وهناك تزوجا، ودام الزواج حتى وفاته دون أن يرزق منها بأبناء. إلى ما يقرب من 44 عامًا حتى رحيله عام 1983.
بدأت علاقة علوية بالسينما عام 1940 وكان أول أفلامها ”بورسعيد”، ومن أشهر الأفلام التى شاركت فيها “القصر الملعون”، و”التلميذة”، و”مفيش تفاهم”، و”معجزة السماء”، و”نساء بلا رجال”، وقدمت عملا تليفزيونيا وحيدا هو مسلسل ”القط الأسود” مع زوجها محمود المليجى.
علاقة محمود المليجي وعلوية جميل ظلت محلا للتساؤل، حيث دأب محمود المليجي على الارتباط بأخريات، بحثا عن انجاب طفل يحمل اسمه هو ، ولكنه كان يتراجع لانه لا يريد أن يضايق علوية
كانت ذات شخصية قوية، يخشاها المليجي، كانت تغار عليه بشدة وتخشى من فقدانه.
لقبها المليجى ب «المرأة الحديدية»، قبل حتى أن يُطلق على رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر بسنوات، صدق حدسُها، إذ أقدم مرة على الزواج سراً من فتاة تصغره بسنوات هي زميلته في فرقة إسماعيل يس، الممثلة فوزية الأنصاري، وبعد ثلاثة أيام تقريباً، وصل النبأ إلى الزوجة الغيورة، فوبخته وأجبرته على تطليقها بالتليفون، وتسلمت في اليوم التالي وثيقة الطلاق، وبعد أن أكد لها أنه كان فاقداً للوعي وقتها،إلا أنه كررها قبل وفاته بسنوات، حيث تزوج سراً من الفنانة سناء يونس الكوميديا الشابه والتي احتفظت بالسر حتى وفاته بسنوات طويلة.
فى عام 1967 وبعد النكسة اعتزلت الفن ،
كانت تبكى بشدة وبخاصة عندما ترى المليجى فى التلفزيون بعد وفاته وفى يوم ذكرى وفاته بعد ١١ عاما لم تعد تحتمل ففاضت روحها لتلحق به فى عام 1994،