الواجهةمجرد رأي

غزة تقف بين ثورتين

 

مسرور المراكشي :

في الغالب لن تعرف ما يحدث اليوم، قبل الرجوع شيئا ما إلى أحداث الأمس، وهذا ما سنقوم به بعد اختلاط الأوراق في غزة،
إن خصوم الثورةبالأمس القريب من عرب و عجم، هم أعداؤها اليوم مع الأسف الشديد، غزة تفضح الجميع حيث تساقطت عنهم الأقنعة، ولم تعد مساحيق التجميل الدبلوماسية تجدي نفعا، لكي تخفي بشاعة جرائم الغرب الصليبي، لقد أصبح ( اللعب على المكشوف )كما يقال، حيث برز وجه الغرب القبيح ومعه ثلة من منافقي العرب، فعندما انتفضت الشعوب العربية بالأمس القريب، وبالضبط سنة 2011 بعد قتل نظام بن علي المجرم، المواطن محمد البوعزيزي فكانت شرارة انطلاق الربيع الديموقراطي، التي اجتاحت العالم العربي كله، مطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، وكان أول من سقط من حكام الظلم و الفساد، هو فرعون تونس، والكل يذكر كلمات المحامي التونسي 🙁 بن علي اهرب، المجرم اهرب)، حيث توجه شطر المسجد الحرام، ظننت في البداية أنه ذاهب كي يستغفر، من ظلمه الشعب التونسي طيلة مدة حكمه، حيث سفك الدماء وهتك الأعراض و نهب الأموال، لكن مع الأسف الشديد الأمر كان عكس ما توقعت تماما، لقد كانت بداية انطلاق ما سمي بمؤامرة ( الثورة) المضادة، حيث كان التمويل و التنفيذ بأيدي قذرة عربية، وكان الدعم والتخطيط طبعا من الغرب، صهاينة أمريكان فرنسيين مع الإنجليز وغيرهم، واليوم يجني العرب والمسلمين حصادها المر، بث الخراب في كل مكان إشعال الحروب الأهلية تشجيع الإنقلابات العسكرية، تمكين المفسدين ودعمهم لحكم البلاد بالحديد والنار، باختصار عودة الإستبداد بوجوه يرضى عنها الصهاينة، و أمريكا وكذلك بعض حكام النفاق العرب، ففي تونس مهد ثورة الربيع الديموقراطي، قد جيء بدمية مطيعة تحركها فرنسا كيف تشاء يمينا وشمالا، وفي ليبيا بعد سقوط معمر القذافي، جيء ببيدق كان من سدنة النظام البائد إنه الجنرال (زعتر)، و وكلت له مهمة تقسيم البلاد بقوة السلاح، وفي مصر بعد خلع المستبد أبو احسين البارك، جيء ب (الفنكوش) ليجلس على عرش الفراعنة، و قد كلف بمهمة سحق المعارضة، ثم تسليم مصر بعد ذلك للصهاينة،وفي السودان جيء بقائد مليشيا متهم بجرائم حرب، وحصل على دعم سياسي كبير من دولة مشرقية، حيث حصل على الأموال الكثيرة والسلاح كي يشعل حربا أهلية، واليوم شعب السودان تسفك دمائه ظلما بأيدي ابنائه،
وفي اليمن كان تدخل دول عربية و مسلمة في مشاكله الداخلية، حيث تم تمويل مليشيات و تسليحها لتفكيك الدولة اليمنية، وفي سوريا تم القضاء على الثورة ودعم الحاكم المستبد، وفي المغرب تم تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة، شهادة لله ثم للتاريخ لقد كان تزويرا ديمقراطيا نزيها و شفافا، ليصبح عندنا رئيسا أنيقا بنكهة( المازوط )، لكن هذا الأخير تحوم حوله شبهة انتمائه للماسونية، وإن صح ذلك فهذا يشكل تهديدا للسيادة الوطنية، الحصيلة أن العالم العربي و الإسلامي أصبح ممهدا ليجتاحه طوفان التطبيع، لقد كان مخططا مدروسا خبيثا كاد أن ينجح، لكن الله سلم و ما يفعل ربك إلا خيراً، ففي ظل هذا اليأس والإحباط الذي خيم على العالم العربي والإسلامي، ينبلج ضوء الفرج من غزة يحي الأمل في النفوس من جديد، حيث عاود الحنين الشعوب التواقة للحرية و الإنعتاق، و كأني بالسنوار يتقدم الشعوب العربية والإسلامية، بل العالمية حاملا لواء الحرية مرددا ابيات الشاعر الثائر، أبو القاسم الشابي : (إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ)، إن معركة طوفان الأقصى ياسادة يا كرام، لا تخص غزة لوحدها لقد أصبحت طوفانا للأحرار في كل مكان، فعند انطلاق ثورة الربيع الديموقراطي، تم حصارها من طرف الصهاينة و المنافقين العرب بدعم امريكي، لكن اليوم أصبح الحراك عالميا بعد انتفاضة طلاب امريكا، واستراليا وكل أروبا وباقي دول العالم، ففي نظري سينقلب السحر على الساحر، وأن انتصار غزة سيضخ دماء جديدة في شرايين الربيع الديموقراطي، وسيكون أقوى وأذكى من الطبعة الأولى، لأن الأقنعة هذه المرة سقطت و إلى الأبد،
ولن يصدق أحدا كلام (فنكوش) مصر، عندما يصف الثورة بأنها من صنع الإخوان، أو أن هناك مندسين من داعش، أو أن الثورة ستخرب البلاد، إن انتصار غزة يعني تلقائيا بدأ العد العكسي لعودة الربيع الديموقراطي، وستكون المسألة مسألة وقت لاغير، إن الشعب المصري يتابع بدقة تصرفات ( الفنكوش)، وكيف يدعم حصار غزة و يقدم الدعم للصهاينة، وهذا الموضوع بالغ الحساسية عند الشعب المصري، لهذا في رأيي أن شرارة الربيع مصرية هذه المرة، بعد أن كانت الأولى تونسية بسبب وفاة البوعزيزي، هذا والله اعلى وأعلم فأمره بين الكاف و النون، ملاحظة قد يتساءل البعض عن عدم ذكري للجمهورية الجزائرية، وذلك أثناء تعليقي على أحداث الربيع الديموقراطي، ببساطة لقد كان الشعب الجزائري سباقا للحراك الديموقراطي، في بداية التسعينات من القرن الماضي بقيادة جبهة الإنقاذالإسلامية، لكن العسكر دبر انقلابا دمويا أجهض به الحراك، وذلك بمباركة الغرب المنافق و تسليح فرنسا، لقد تعرض الشعب الجزائري لخذلان عالمي، لقد ترك الشعب الجزائري في مواجهة قمع العسكر الدموي، وعلى رأي الشاعر الفلسطيني زياد في قصيدته ( أناديكم)، لقد بقي الشعب الجزائري وحيدا عاريا حافي في مواجهة العسكر، لهذا كان الشعب الجزائري متحفظا بعض الشيء، ولم ينخرط بشكل جدي في ثورة الربيع الديموقراطي سنة2011، نرجوا في المستقبل القريب أن يعاود الثورة من جديد، كما يقال : ( الثالثة ثابتة) إن شاء الله ويزيل عنه حكم العسكر وفساده، خلاصة : مسرور المراكشي يقول لكم : لفهم مايجري في غزة اليوم، عدنا بكم إلى ثورة الربيع الديموقراطي بالأمس، لنؤكد أن من وقف ضدها هم من يساندون العدوان اليوم، فعلا غزة تقف بين ثورتين ✊✌
18/05/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى