أخبار وطنيةالواجهة

المغرب على مشارف تصنيع الأسلحة

    أظهرت المحادثات التي جمعت، أول من أمس الجمعة، المسؤولين العسكريين المغاربة، مع وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، بمناسبة التوقيع على وثيقة خريطة طريق لآفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع بالنسبة إلى العشرية المقبلة (2020 ـ 2030)، عن سعي الرباط لتوسيع مجال هذا التعاون ليشمل للمرة الأولى التصنيع العسكري. وفي الوقت الذي تشير فيه مضامين الاتفاق العسكري الجديد الموقع بين المغرب والولايات المتحدة إلى أن من بين مراميه توطيد الأهداف الأمنية المشتركة، خصوصاً تحسين درجة الاستعداد العسكري، وتعزيز الكفاءات، وتطوير قابلية التشغيل البيني للقوات، كان لافتاً اقتراح الجانب المغربي تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع. واعتبرت الرباط أن الأمر يحفّز على نقل التكنولوجيا والبناء التدريجي للاستقلالية الاستراتيجية للمغرب في هذا المجال.

    دعا الملك محمد السادس إلى تفعيل خيار الإكتفاء الذاتي عسكرياً :

    وفي ظل اعتبار رغبة المغرب في التحول إلى بلد مصنّع للأسلحة خياراً استراتيجياً يبقى مجرد طموح سياسي حالياً، فإن السؤال يتمحور حول ما إذا كان تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن، من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع، سيفتح الباب لتحويل ذلك الطموح إلى مشروع قابل للتنفيذ. مع العلم أن ثمّة إشارات كثيرة توالت خلال الأشهر الماضية لتكشف عن تحول نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية، من خلال السعي نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنه من مواجهة المخاطر في منطقة ملتهبة وغير مستقرة. أولى الإشارات كانت مع “الأمر اليومي” الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس، للجيش، في 14 مايو/ أيار 2019، بمناسبة الذكرى 63 لتأسيسه، وأكد فيه أن القوات المسلحة الملكية ستهتم ببرامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، على المستويين الأفريقي والدولي، من أجل تبادل الخبرات والتجارب ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع.

    وعدا “الأمر اليومي” فقد أقرّ المغرب قانوناً في يوليو/ تموز الماضي يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن. ويسمح أيضاً في تصديرها إلى دول أخرى. ويُعتبر هذا القانون أقوى الإشارات على توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية.

    ويرى مراقبون أن التهديدات للأمن القومي للمغرب، جراء الأوضاع غير المستقرة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي وجنوبي الصحراء، دفعته إلى تبني استراتيجية دفاعية تقوم على أساس اقتناء أسلحة متطورة، وتنويع مصادر التسليح حفاظاً على نوع من الاستقلالية. بالإضافة إلى العمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع بعض الأسلحة المعينة، وخفض تكلفة الصيانة بإنشاء مواقع عديدة لصيانة المعدات العسكرية.

أبرم المغرب العديد من الاتفاقيات لشراء براءات اختراع :

    وخلال السنوات الأخيرة، أبرم المغرب العديد من الاتفاقيات لشراء براءات اختراع من بعض الشركات والمركبات الصناعية من دول أوروبية وروسيا والصين والهند، بهدف صناعة وتطوير بعض الأسلحة. غير أن التوجه الجديد للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع، سيسهم، برأي المراقبين، في فتح أبواب التصنيع العسكري في البلاد.

    في السياق، يرى الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية، محمد شقير، أن تشجيع المستثمرين المحليين والشركات الأجنبية، بما فيها الأميركية، على الاستثمار في هذا المجال، سيخفف بلا شك من فاتورة استيراد بعض الأنواع من الأسلحة، وفي نفس الوقت، بلورة نواة صناعة عسكرية قد تزيد من تقوية وضع المغرب كقوة إقليمية في المنطقة. ويبدي شقير اعتقاده في حديث لـ”العربي الجديد” بأن التوقيع على اتفاق عسكري يمتد من عام 2020 الى عام 2030 لا يشمل فقط مجال التدريب والتمارين العسكرية، وعلى رأسها مناورات “الأسد الأفريقي” أو التزود بالأسلحة، بل أيضاً مجال الاستثمار في مجال الصناعة العسكرية. ويشير إلى أن أعلى سلطة في البلاد ترغب في تقوية تلك الصناعة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تعتبر المغرب مكوّناً أساسياً في الشراكة الأمنية والعسكرية التي تجمعهما، كما أنه يشكل في استراتيجيتها العسكرية البوابة الرئيسية نحو أفريقيا.

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى