الواجهةمجرد رأي

رجال غزة الأبطال

بقلم: ذ نورالدين الهادي 

بقلم: نورالدين الهادي

11-01-2024

رجال غزة الأبطال

لستُ شاعرا ولا أنا بِزجّال، لكنني أرفض الاحتلال، أرفض الجور والإذلال، أمقت رؤية دم الأبرياء المُسال، أكره آلة القتل كم أنتجت من أهوال، يروعني ما يحصل في أرض الأقصى منذ أجيال، مذ قرر الصهاينة في مؤتمر بال ( 1897) إنشاء دويلة بني صهيون على أرض فلسطين ظلما ونشروا فيها الوبال، بثوا الرعب والإرهاب وقبيح الأعمال، شتتوا أصحاب الأرض خارج بلادهم بين تهجير وترحال، واستئصال واعتقال، هو تطهير عرقي منذ أن استوطنوا وما يزال، كل من خالف المحتل مشروع مُغتال، خطابهم القتل ثم القتل لا يفتُرون عنه يتلذذون به فذاك خُلُقٌ سادي مُغال، تاريخهم الأسود في فلسطين يُغنى عن المَقال، بنوا كيانهم على الأكاذيب والاحتيال، وظفوا المؤسسات الدولية تُصدر ما يحلو لهم من قرارات في كل مجال، أما الصم البكم من بني يعرب فديدنهم أقوالٌ دون أفعال، تجاوزوا مرحلة التنديد والشجب إلى مرحلة لم يعد لهم فيها مَوال، بل طبَّعوا عبر اتفاقيات مع دويلة لطالما سموها عدواً لسنوات طوال، قال كبراؤهم انتهى الجدال، بنو صهيون أبناء العم والخال.

حسم رجال المقاومة في غزة أمرهم في السابع من أكتوبر بعملية جريئة وتجاوزوا السياج الفاصل، قد تسنوروا بتعليمات وتنسيق كامل بين الفصائل، عندهم يقين مؤكد أن كيان المحتل متآكل زائل، إذ هو مجرم سفاح قاتل، مستمر على نهج عدوانه السافل. نزل شباب غزة ضيفا ثقيلا على مستوطنات الغلاف من السماء كالمطر الهاطل، إذ ليس لهم من أجل تحرير الأقصى وإطلاق سراح المعتقلين في سجون الاحتلال من بدائل، هنأ القائد بالنصر المبين يومها حين غنِموا ضباطا سامين وجنودا ولم يحل دونهم حائل، وضعوا شروطهم وطالبوا بتبييض المعاقل، بالإفراج الكامل الشامل وعلى رأسهم المعتقلين القدامى الأوائل، واشترطوا عدم المساس بالأقصى دون تماطل، وإنهاء الحصار الظالم غير العادل.

أعلن النتن ياهو الحرب على القطاع انتقاما وهو الذي يخطط لإفراغه من سكانه منذ زمان بعدوانه المتواصل، نبه مرتزقتَه من جنود ليشحنهم وذكرهم بقانون هنيبعل؛ جندي قتيل خير من جندي أسير، اجعلوا هذا الأمر أمامكم ماثل، اقتلوا دمروا اَحرِقوا مكافآتكم تنتظركم شواكل.

أرسلت عدوة الشعوب السلاح والجيش بالسفن وآخر مجوقل وأساطيل، فالمحتل بعد ميلاد طوفان الأقصى انهزم هزيمة نكراء بكل المقاييس فإذاً هو فاشل، كانت فضيحة بجلاجل، دخلوا القطاع تحت غطاء القصف الأعمى الكثيف بالطائرات وحاولوا تدميرالمعاقل. عاثوا فسادا ودمارا من شمال القطاع مرورا بالوسط إلى الجنوب فجعلوا الأبنية أطلال، لم تعد لها سقوف تقي من المطر أو ظلال، قصفوا المسعفين وأرغموهم على ترك جثث الشهداء تحت الأنقاض دون انتشال، قنصوا المدنيين ومنعوهم من التجوال، أسقطوا الصواريخ عليهم دون آجال، أوغلوا في القتل وزرعوا الموت فنصف الشهداء أطفال، لم يتركوا شيخا ولا مريضا وحرموهم من النوم ليال، ضاع المتاع والأموال، مُنع عنهم الأكل والماء الزُّلال، روَّعوا النساء ومنهن الحوامل وأرهبوهم هو وضع لا يمكن تصوره حتى في الخيال، أمهات يضعن المواليد قيصريا دون تخدير صابرات وصهيون بين أروقة المشافي مختال، الصحافيون وعوائلهم لم يسلموا من بغي الاحتلال، المكث في القطاع استحال، دولة الدواعش من بني صهيون منعت كل ما يسمح بالحياة وحملوا الوزر أثقال، البطش بلغ مبلغا تندك منه رواسي الجبال، هدفهم القتل والتهجير و الإبادة الجماعية والاستئصال، جرائم بني صهيون تتعاظم في استرسال، لم يحترموا المقابر بل جَرَّفوها وعبثوا بجثث الأموات الشهداء وداسوا عليها بجرافاتهم وسرقوا بعضها خبِّروني في أي دين هذا حلال، اغتالوا بعض القادة ظنا منهم إيقاف مسيرة المقاومة فالعار يلاحقهم إن للقائد أنجال، كم من مذبحة اقترفوها في غزة فهي مستمرة كل يوم وما تزال، لم يتركوا جريمة إلا اقترفوها بئس الفِعال، ذرفت الأعين الدمع حسرة وكمدًا بل دما ما هذا الانخذال، أينك يا عالم، أين الأمم المتحدة، أين الملايين، أين المسلمين، أين العرب، أين دعاة حقوق الإنسان بل هوعقوق، يا للخجل الكل غير مَبال.

ظن العدو أن اجتياحه لغزة والقضاء على المقاومة سهل المنال، هي نزهة في شوارعها لأيام وحددوا لها آجال، ونسوا أن الأيام دول والحرب سِجال، ووَثِقوا في رئيسهم الدّجال، فإنْ كان للحرب وحْلٌ فلِغزةَ أوحال، بئس قراركم فالمقاومة من جنودكم تكتال، تصدى لهم البواسل من كل الفصائل أبطال، أعادوا للأمة الآمال، وقد مر علينا رِدح من الزمان خالجنا شعور أن القضية أُقبرت لا مجال، وتحرير فلسطين من المُحال، نعمَ الرجال، المقاومة أفعال لا أقوال، همهم تحرير الأرض ليس منهم ركنٌ يحمل نياشينا ولا أميرال، وقد أعدوا رجالهم للقتال، صائمون بالنهار متبتلون ليال، الصراع مع العدو تخطيط لا ارتجال، هو شجاعة ومجابهة للعدو وإقبال، غير متخاذلين، ضربوا في الشهامة الأمثال، خرجوا من بين ركام بيوتهم وقاتلوا باستبسال، دمروا الميركافا فكلها أعطال، والجرافات المنيعة قُطِّعت منها الأوصال، اسألوا عبوات الشواظ الثِّقال، اسألوا قذائف الياسين كانت على المركبات وَبال، اسألوا جند بني صهيون كم اصطاد منهم الفدائيون بين الأطلال، تفننوا في اقتناصهم فهم بين قتيل ومعطوب معوق و أسير رهن الاعتقال، أسقطوا وغنِموا مُسَيَّرات التجسس وقطَعوا الإرسال، فجروا فوهات الأنفاق في وجه الصهيوني المُتعال، وجَّهوا رشقات من الصواريخ على مدن المستوطنين كل حين أرتال، لم تمنعها قبة حديدية بل تجاوزتها بأميال.

بين الفينة والأخرى يُطل الملثم البطل، يتكلم بصوت شجيٍّ مُجلجِل، يُحصي خسائر العدو بصدق كما دُوِّنت في سِجل، ومعه صور وأشرطة بها مُستدِل، جمهور بني صهيون يتابعه متفاعل، إذ يأتيه بالخبر الصادق المُعلل، موقنٌ أن جيشه الجبان مخلخل، جُنَّ جُنون الصهيوني صاحب الجند المُبجل المُعتل، أصبح مسخرة بين جيوش الدول، أُسقط في يده وأصابه الخَبل، الأرض من تحت أقدامه تُزلزل، قادته وجنوده بين قتيل ومُعتقل، هو جيش انتهت صلاحيته أصابه وهَن وفشل، قد أصابه الشلل، والنوم غاب عن المُقل، الزمن تبَدل، قوات نخبته أصابها ذلٌّ مُخجل، أرادت الفرار والانسحاب فكان الشباب لها مُعرقِل، يُنظرها حتى يثأر لشهدائه ويُثخن فيها قتلا دون كَلل، أذاقها نيران أسلحته وأذل، وجميع مركباته صار النيْل منها أسهل..

أما اليمن السعيد فلم يكن لإخوانه في العروبة والدين بخذول، حيث بادر إلى قصف دويلة بني صهيون دون بروتوكول، خاطب أخاه من فلسطين لا تحزن نحن معك لست بمعزول، أحييتم فينا أملا كاد يزول، لو فُتحت لنا الحدود لجئناكم راجلين على شواطئ الأحمر بالملايين سُيول، أرسل أبو يمن صواريخَ ومُسيراتٍ تجوب سماء البحر مسافات كطَير أبابيل، وقعت على رأس العدو فملأوا الدنيا عويل، كذا الضفة اشتعلت من نابلس وجنين إلى الخليل، ومن جميع داعمي الحق الأصيل، من بلاد الرافدين وشجر الأرز وبلاد الجولان من كل فصيل، الركن الفائز بالتقدير يحلل ما يجري في ساحات القتال وينورنا ونعم التحليل، “حلل يا دويري” أصبحت أيقونة ترمز إلى إنجازات المقاومة ليس لها مثيل، الجزيرة تغطي الأحداث عن كتب بمهنية واقتدار رغما عن إعلام التضليل، شعوب العالم خرجت في مظاهرات أوقفوا هذه الحرب الماجنة أوقفوا إعدام شعب امنعوا التقتيل..

صرخ الصهيوني في وجل، وَيْحك هِرتزل، أساس الكيان الذي أنشأتَ انقطعت به السُّبل، دويلتنا التاريخ عنها يُسدل، أذاقنا أشبال غزة علقما وحنظل، كلما قتلنا منهم واحدا خرج لنا عشرةٌ يحملون المِشعل، أصابنا خزي مُخجِل، جنودنا ملأوا المشافي كثير منهم رَحَل، المعوقون قد بلغوا الآلاف فهل من مُتكفل، وآخرون أصابهم العمى والغريب من العِلل. نادوا النتن ياهو متى ينتهي هذا المسلسل، ألم تستوعب الهزيمة وترضاها أم أنت مُغفل، أوقف الحرب سَلِّم نفسك للمقاومة ليحاكموك على جرائمك أو تنازل واستقل مالك متثاقل، الكل أصبح من الفضيحة متنصل، ابتغينا محوهم لكنّ نصرهم علينا مُكلل، يقاتلون بضراوة كل واحد منهم مستبسل.

توجه الصهيوني للوسطاء متوسل، نريد إنهاء الحرب ليس لنا من شرط عزَمنا أن نَرحل، ذلك أسهل. الفلسطيني جاد غير مماطل ولا هازل، عن أرضه غير متنازل، للنضال مُواصل، مستعد لكل النوازل، خرج لنا بقواته جحافل، أثاروا القساطل، أردنا القضاء عليم فنالوا منا وكان رصاصهم علينا وابل، فضحونا في المحافل..

علمتنا الحياة أن دوام الحال من المحال، والزمان حال وأحوال، فكل من تجبّر بغير حق إلى اضمحلال، وأن الاحتلال لا بد صائر إلى زوال، فتحية للأبطال وإجلال، سهروا وخططوا الليالي الطوال، قدموا أرواحهم فداء للوطن وعلِموا أن للموت آجال، وأن تحرير الأرض ليس بعيد المنال، إنه صبر ساعة فيأتي النصر رغم الأهوال.

هذا فصل من مؤامرة عالمية وستتلوها فصول، فهل من ضمير مسؤول، وسيف مسلول، وجهد مبذول، وشجاع غير خجول، فالعدو مصيره الأُفول. تحرير الأقصى لا يحتمل التأجيل، ولا كثرة التحاليل، ولا الالتفات الى الأقاويل والأباطيل، ولا إعلاما رأسماله التضليل، بل هو نضال يضرب المحتل بما توفر ولو بالقليل، ليس حتما بالسلاح الثقيل، والمثال نراه في غزة عين اليقين لا نحتاج إلى دليل، تنسموا الصمود والمقاومة وتناقلوها من جيل إلى جيل، القدس وفلسطين تنادي كلَّ حر: إما نصر مؤزر وإما فردوس للشهداء فيها ظل ظليل، غير المقاومة لا بديل، المقاومة هي السبيل.

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى