مجرد رأي

حربائية العم سام

بقلم أبو أيوب
ضمن إطار الصراع المحتدم على النفود بالمحيط الهادي بين أمريكا و الصين ، و تعزيزا لتموقعهما هناك بادرت الولايات المتحدة الامريكية بالإعلان عن اعترافها الرسمي بجزر الكوك و نووي دولتين مستقلتين ، و إقامة علاقات ديبلوماسية و اقتصادية معهما رغم وجود الفارق بين المؤهلات الاقتصادية لأمريكا ، و مؤهلات هاتين الدولتين ذوات الاقتصاد التقليدي المعتمد بالأساس على المنتجات البحرية و السياحة و تجارة اللؤلؤ الأسود .فدولة نووي بالمحيط الهادي على سبيل المثال مساحتها 260 كلم مربع بتعداد سكاني لا يتعدى 2000 نسمة على أبعد تقدير.
هناك تسعى أمريكا لموطئ قدم بحري إضافي لمحاصرة النفوذ الصيني الذي يتمدد بطريقة فاقت كل التوقعات ، فضلا عن سعيها لإقامة قواعد بحرية بالجزيرتين تعزيزا لقواتها البحرية التي تجوب مياه الهادي ( الأسطول السادس ) ، فيما تبدو الصين قلقة شيئا ما من الخطوات الأمريكية بالمنطقة ، لكن هذا لن يمنعها من استكمال مشاريعها العملاقة مع مختلف الدول الأسيوية و الأوروبية و العربية و دول أمريكا اللاثينية و الجنوبية ، مع التركيز خاصة على مشروع طريق الحرير نحو عمق القارة الأفريقية و ما تحتوي عليه من موارد طاقية و معدنية و سوق استهلاكية معتبرة و فرص استثمار ….
المقلق في أمر الاعتراف الرسمي الأمريكي باستقلال جزيرتي الكوك و نووي من وجهة نظر مغربية ، ضمن سياق الصراع التموقعي بين أمريكا و الصين بخاصة القارة الأفريقية ، و من زاوية الموقف الأمريكي الأخير المعلن عنه على لسان وزير الخارجية بلينكن بخصوص قضية الصحراء( التقرير السنوي لوزارة الخارجية برسم 2022 ) ، و هو التقرير الذي يعتبر بمثابة ادارة الظهر للمغرب و مصالحه الحيوية ، لا سيما بعدما تم تكرار الموقف ذاته من طرف جيك سوليفان مستشار مجلس الامن القومي ، عند نشره لخريطة المغرب مبثورة من الصحراء .
بالتالي يتوضح الخذلان الأمريكي و معه يمكن القول وفق نفس الرؤية و المقاربة ، بأن أمريكا تتطه تدريجيا نحو الإعتراف ب( الجمهورية الصحراوية) ، و إقامة علاقات صداقة و تعاون معها في المستقبل المنظور ضمن سياق الصراع التموقعي بينها و الصين بأفريقيا ، ليس فقط لملئ الفراغ الناتج عن الانسحابات الفرنسية بالقارة السمراء ( أفريقيا الوسطى/ الغابون/مالي/ النيجر/ بوركينافاصو مثال) ، بل أكثر من ذلك إذ يتجلى الأمر في سعيها الدؤوب لمواطئ قدم و تعزيزها وسط القارة و غربها على مشارف الأطلسي في مواجهتها للتغلغل الصيني الروسي المتعاظم بالقارة السمراء .
بتقديري للوضع الحاصل على الأرض و متغيراته المتسارعة أفريقيا ، و من زاوية السياسات الأمريكية البرغماتية السريعة التخلي عن حلفائها و التضحية بأصدقائها مقابل الحفاظ على مصالحها ( عدم مجاراتها للمقاربة الفرنسية فيما حدث بالنيجر و مالي و بوركينافاصو رغم أن فرنسا عضوة بحلف شمال الاطلسي ) ، سرعتها في التخلي و التضحية بالحلفاء و الأصدقاء كما جرى من قبل مع إيران الشاهنشاهية و مصر الساداتية ، لا تضاهيها إلا سرعة الأفعى الامريكية ذات الجلاجل في لسعتها ، بالتالي على المغرب الاحتياط من لدغة الأفعى و البحث عن بدائل تقيه ما يحاك له في الكواليس و ما يضمر .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى