إرتفاع المنسوب و تسارع الوتيرة
بقلم أبو أيوب
يبدو أن تسارع المستجدات فيما يتعلق بالصحراء ، أصبحت الآن أكثر وضوحا من أي وقت مضى ، بخاصة في شقها المتعلق بمعبر الكركرات البري مع العمق الإفريقي . عشر سنوات مضت على أحداث مخيم كديم إيزيك نواحي العيون ، هناك حيث نصبت خيام لمن يطلق عليهم بوليساريو الداخل ، و من عين المكان تمت تغطية أحداثه إعلاميا من طرف وسائل إعلامية أجنبية عملت في الخفاء ، لم يكتشف أمرها من طرف أجهزة المخابرات المغربية و السلطات المحلية إلا بعدما تم تسريب فيديوهات الأحداث ، و بقية القصة لا وقت لإسترجاع ذكرياتها الأليمة و تداعياتها السياسية على الداخل و الخارج على حد سواء ….
اليوم في الذكرى العاشرة للأحداث المؤلمة …، يطل علينا شبحها بلوك جديد و تحت عيون الأشهاد في وضح النهار ، و هذه المرة في المناطق العازلة شمال الحدود الموريتانية ، حيث يتمركز أفراد بعثة الأمم المتحدة في الصحراء . الخطوة تستمد خطورتها من كونها خارج سلطة الإدارة المغربية ، و يصعب بالمطلق التعامل معها بنفس تعامل المغرب مع أحداث كديم أيزيك .
و تزداد خطورة الأحداث المتسارعة ، من خلال المستجد و الوافد الجديد على مسرح الأحداث بالأقاليم الصحراوية ، المتمثل في قيام مجموعة صحراويين بالإعلان عن ميلاد ( الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي ) ، بزعامة الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر الحاصلة على جائزة نوبل البديل …، حيث أطلق على إجتماع العيون إسم محمد عبد العزيز ، أول رئيس لجمهورية الخصوم التي أعلن عنها أحاديا سنة 1976 ، و الموارى جثماته ببلدة بئر لحلو ( العاصمة المؤقتة بحسب زعم الخصوم) شرق الجدار الدفاعي المغربي .
مقابل أحداث الداخل ، صدر بلاغ للوكيل العام لدى محكمة الإستئناف بالعيون يأمر فيه النيابة العامة بفتح تحقيق قضائي …، من أجل اتخاذ المتعين … بلاغ ، بتقييمي ، لا يرقى إلى مستوى خطورة الحدث الموثق صوتا و صورة ، فيما انبرت مواقع إعلامية و شخصيات سياسية و منتخبون … منددين شاجبين لما قامت به أميناتو حيدر …، و تعالت أصوات أخرى معلنة عن قرب اعتقال الناشطة الصحراوية و مجموعتها و تقديمها للقضاء لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي ، و لحد الساعة لا شيء تغير و بقيت الأشياء على طبيعتها ….!
أما على الصعيد الخارجي جنوب الجدار المغربي ، فالأنشطة المناوئة لا زالت تجري على قدم و ساق من أجل تثبيت واقع جديد بالمنطقة العازلة ، شبح مخيم كديم إيزيك في نسخته الثانية يطل على مسرح الأحداث ، بعدما تم تأمين تغطية إعلامية له ساهمت فيها عدة مواقع محلية و إقليمية و أجنبية ، قد يعتبر البعض بأنها مجرد فقاعات إعلامية لإثارة إنتباه المجتمع الدولي لما يجري و يدور بالمنطقة ، فيما يرى البعض الآخر أن الأحداث الجارية تستمد خطورتها من الزمكان المغاربي و في توقيتها ، حيث تتزامن مع انعقاد أشغال القمة العادية الخامسة و السبعين للأمم المتحدة ….
إستغلالا للوضح الراهن ، و في تصريحات أدلى بها زعيم البوليساريو إبراهيم غالي لبعض المواقع الإعلامية المناوئة ، أعلن من خلالها مساندته و دعمه المطلق لما يجري بالكركرات …، مثمنا في الوقت ذاته الخطوة التي أقدمت عليها أميناتو حيدر من قلب مدينة العيون ، و محذرا من المساس بحريتها و سلامتها ، معتبرا أن اعتقالها هو بمثابة إعلان حرب من طرف المغرب ، منبها الى أن له تداعيات خطيرة على أمن و استقرار المنطقة المغاربية .
سياسة التهويل هذه قابلها صوت مغربي رسمي خافت على أعلى المستويات ، غير راغب البثة في تأجيج الأوضاع و متحاشيا الرد بالمثل و التصعيد ، فلأجل ماذا يتم التحاشي ؟ و كيف سيسوق عدم الرد الميداني الفعلي ؟ و ما هو مسوغ التريث و انعدام المبادرة ؟ و متى ستحسم الأمور ؟ و متى سيتم تحيين المسطرة و الأمر بالإعتقال و التقديم ؟ أسئلة لحد الساعة تبقى بدون أجوبة مقنعة …. في إنتظار ما سوف تسفر عنه الأيام القادمة ….