مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان: ندين قرار التطبيع .. ونرفض مقايضة أي شبر من فلسطين مقابل الاعتراف بسيادتنا على أراضينا
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.
جماعة العدل والإحسان
مجلس الإرشاد
بيان
في خطوة غير مفاجئة لكن فاجعة تلقى الشعب المغربي والشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية وأحرار العالم خبر تطبيع النظام المغربي علاقاته مع الكيان الصهيوني، تأسياً بمحور الخيانة الذي سبق إلى هذا التردي، وهي طعنات جديدة في ظهر الأمة قبل أن تكون في ظهر فلسطين .
والواضح أن النظام المخزني أعد لهذه الخطوة منذ أسابيع، إن لم نقل منذ شهور عديدة، تحت الرعاية بل الضغط الأمريكي الصهيوني. فقد كان واضحا أن مسارعة الإمارات والبحرين وغيرهما إلى فتح قنصليات بالعيون وما سبق ذلك ولحقه من تجييش وتضخيم مقدمات لحدث غير هين، وهو ما جعلنا يومها نتوجس خيفة ونربأ بأنفسنا عن التماهي مع الأجندات المتنافية مع مصالح الوطن والأمة .
إننا نرفض مقايضة أي شبر من فلسطين مقابل الاعتراف بسيادتنا على أراضينا. هذه السيادة التي تستمد مشروعيتها من حقائق التاريخ والجغرافيا، ومن دماء الشهداء وتضحيات المغاربة الذين قاموا واسترخصوا الغالي والنفيس من أموالهم وأرواحهم وديارهم من أجل تحرير هذا الوطن الذي لا تزال بعض أراضيه مغتصبة .
إننا ومنذ عقود ننتقد ونشجب سوء التدبير لهذه القضية والأخطاء المتراكمة التي صاحبتها، وها نحن اليوم أمام مثال خطير لسوء التدبير والتقدير، فكيف قبل الحاكمون هذه الهدية المسمومة في وقت ميت من رئيس على وشك مغادرة منصبه وبإعلان رئاسي!؟ فالذي يحاول الاستفادة من هذا التطبيع هو “رئيس الوزراء” الحالي للكيان الصهيوني والمهدد في أية لحظة بالمحاكمة المفضية إلى سجنه. كما أن الرئيس المغادر وأصهاره وخاصة عَرّابه يحاولون بتقديم هذه الخدمة “لدولة إسرائيل” وحاخاماتها النجاة من الملاحقات القضائية كذلك. إننا نؤكد نأينا بأنفسنا كل النأي عن التدخل في شؤون الدول لكن في المقابل لا يمكننا السكوت عن قضية مصيرية بهذا الحجم .
إن بإمكان الحكام أن يدلسوا على الشعب لبعض الوقت، وأن يَلبِسوا بين القضيتين المصيريتين بالنسبة للمغاربة قاطبة؛ قضية فلسطين وقضية الصحراء، لكن الحقائق الصادمة لن تلبث أن تفضح الزيف عندما يستفيق الجميع على هول الخطإ وجسامته، وكيف عادوا بالمنطقة إلى ما هو أشد من أجواء الحرب الباردة التي تكتوي بنيرانها الحقيقية الشعوب المغلوبة على أمرها .
إن العلاقة بين النظام المخزني والصهاينة معلومة منذ عقود وعلى أكثر من صعيد، خاصة الجانب الاقتصادي والعسكري والاستخباراتي، لكنها اليوم تأخذ طابعا أخطر بهذا التطبيع العلني الرسمي الكامل. هذا التطبيع الذي جاء في يوم له رمزيته 10 دجنبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ليرى الجميع كيف تتم المساهمة في دوس حقوق الإنسان الفلسطيني، بعد سنوات طويلة من القهر والعنف، ذهب ضحيتهما مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وملايين اللاجئين والمشردين. ثم تأتي هذه الخطوة اليوم في سياق صفقة القرن التي أجمع الكل على كونها مشروعا يهدف للقضاء على القضية الفلسطينية، وفي وقت تزايد فيه التضييق على الفلسطينيين من خلال قطع المساعدات وتوسيع الاستيطان ونقل العاصمة وإعلان يهودية الدولة. فكيف يدعي من يقوم بهذه الخطوة أنه يخدم فلسطين وينصر الفلسطينيين ؟
إننا في جماعة العدل والإحسان وأمام هذه السقطات المتتالية نعلن ما يلي :
1️⃣ إدانتنا إدانة شديدة قرار التطبيع الذي اتخذته السلطة المغربية مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين. إن هذا القرار يتنافى مع المواقف التاريخية والآنية لهذا الشعب الكريم الداعم لإخوانه في فلسطين ولحقهم الكامل في تحرير أرضهم والعودة إلى ديارهم.
2️⃣ اعتبارنا هذا التطبيع خطوة غير محسوبة العواقب، وندعو شعبنا وكل قواه الحية إلى رفضها والتصدي لها والعمل على إسقاطها بكل السبل السلمية المتاحة.
3️⃣ دعوتنا العقلاء والحكماء من النخب السياسية والفكرية والعلمائية والمدنية وغيرهم في المغرب والجزائر إلى نبذ الفرقة وتجنب الخطابات والسلوكات التي من شأنها أن تباعد الشقة بين أبناء الأمة الواحدة، إذ المستفيد الوحيد من ذلك هم أعداؤها من الداخل والخارج. كما ندعوهم إلى تكثيف الجهود الجماعية لتسريع إنضاج الظروف لتحقيق الوحدة المنشودة، فكفانا تمزقا.
4️⃣ ونقول لأهالينا في فلسطين ولكل الأمة وأحرار العالم إن هذه الحلقات البئيسة المتتالية ما هي إلا سقوط للأقنعة وكشف للحقائق . فلو طبع الحكام على المسلمين جميعا بدون استثناء فإن شعوب الأمة ستكون لها كلمتها اليوم وغدا إن شاء الله، فقد علمنا التاريخ أن هذه الأمة تنهض إلى عزتها وكرامتها في أحلك فترات هوان المتسلطين عليها وذلتهم.
{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون}
{ أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا}
مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان
الجمعة 25 ربيع الثاني 1442 الموافق لـ 11 دجنبر 2020