أخبار دوليةالواجهة

طوفان الجامعات بأمريكا

انتفضت الجامعة بأمريكا ضد الإنحطاط الأخلاقي لحكامها،لم يطق الطلبة وبعض الأساتذة متابعة إبادة جماعية دون احتجاج و لا يريدون للبحث العلمي أن يكون خادما ذليلا للبرالية فصلت المعرفة عن القيم الإنسانية.مأساة العقلانية أنها حصرت فعلها في اكتشاف المبادئ المتحكمة في العالم المادي و انحشرت بين الإنتاج والإستهلاك و حولت البشر -بتعبير المسيري-مادة استعمالية خاضعة للتقلبات السوق ومصادماته. لقد شكل هذا الانفصال بين العلم والغاية /الأخلاق محور فيلم هوبنهايمر الذي رصد تحول العلماء الى عجينة طيعة بيد الساسة،فقد انقسم العلماء أثناء البحث عن الصيغة الفيزيائية الخاصة بصناعة القنبلة الذرية الى قسمين:قسم مفتون بإغراء الإكتشاف وتلذذه بالنجاح في الإختراع وتطويع قوانين المادة لسلطان العقل، فالإبداع عند هذه الفئة مبتدأ وخبر.و القسم الثاني يخشى من شطط التصرف بنتاج العقل لكنه لا يستطيع إيقاف ماكينة التدمير هكذا تحول العقل الى مجرد آلة لإنتاج السلعة المطلوبة ولا يعنيه طرق استخدامها.لقد أدى ذلك الاستخدام الوحشي الذي انهمر على هيروشيما ونكازاكي الى استيقاظ ضمائر البعض وشعورهم بالعار. واليوم يرفض الطلبة وبعض الأساتذة دور شاهد ماشافشي حاجة فيطالبون إيقاف مد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة ومنها من تم تطويره في هذه الجامعات..وبتعبير أحد الطلبة(لا أريد أن يسجل التاريخ أنني كنت في الجانب الخطأ فيما يحصل بغزة).
تتهاوى دعاوى حرية التعبير والعالم الحر الديمقراطي،و تتدخل أجهزة الأمن لنزع الخيام،وتمنح مهلة قبل الردع.ويلوح الساسة بحجة مخادعة (شعارات معادية للسامية)فينبري لهم طلبة يهود مشاركون في الاحتجاج بل نحن طلبة ضد الابادة التي تقوم بها اسرائيل بدعم دول غربية. وتنتقل شرارة الغضب إلى جامعات أخرى عريقة،مما يدل على صحوة أخلاقية تحاصر الساسة بمنطق المعرفة لا بحجة الإستضعاف،وهو ما يخيف سدنة المعبد اللبرالي.
أستطيع الزعم أن ما يحصل بالجامعات بأمريكا والذي بدأ ينتقل إلى السربون بفرنسا يؤشر إلى إرهاصات نهاية اللبرالية لأن صدامها الحضاري لم يبق في حدود الهيمنة الإقتصادية و السياسية بل اصطدم مع حائط الفطرة الإنسانية التي تثور تلقائيا ضد ما يهدد الوجود الجماعي إذ الإبادة عدوان على الإنسانية جمعاء.ما تحرك بالجامعات هو رصيد الفطرة المعلن لثورته على طغيان القوة العمياء . إن شرارة طوفان الأقصى -التي أرادتها المقاومة تنبيها لعالم غارق في النفاق والنسيان لحقوق شعب مظلوم،- تشتعل وعيا كونيا يحاصر من يتوهم أنه حاصر غزة للأبد.
غربي يوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى