القاعات السنيمائية بالجديدة زمن لن ينساه الخيال
بقلم: البشير بوخيرات.
قاعة تخرب، ترى بديلتها تصعد قيسارية أو عمارات نحو السماء، هذا حاصل فعلا بمدينة الجديدة. هذه سينما مرحبا خاصة بالأفلام الهوليودية المُصمَّمة للنقد المخصصة لأبناء الأعيان و المثقفين من أبناء الجديدة، سينما ديفور خاصة بالأفلام الثورية و العربية منها أفلام رعاة البقر و الأفلام الهيتشكوكية التي تستهدف الطلبة و الطبقة المتوسطة، سينما الريف خاصة بأفلام الكاراطي و الأفلام البوليسية التي تستهدف الطبقة المسحوقة و الشباب الذي كان يتعاطى للكراطي، و سينما الملكي خاصة بالٱفلام المغربية و الهندية التي تستهدف سكان درب غلف. قاعات سينمائية كانت فيها المنافسة شرسة للحصول على تذاكر الصفوف الوسطى للدرجة الأولى أو البالكون. و كل قاعة من هذه القاعات السينمائية لها رجالها و شباكها و الساهرين على نظامها الداخلي،يُمكن بحيث أنه في حالة التشويش أو الصفيريوقف العرض إلى حين أن يسود النظام لمشاهدة الأفلام بمتعة أكبر، خاصة بقاعات سينما الريف أو الملكي، و كانت قاعات مرحبا و ديفور هما الأكثر مُشاهدة و الأكثر حضوراً، أما سينما الريف و الملكي كانتا تحت إمرة أبا عبدالعزيز أو تصرف بوحلوفة و هو ما سبّب ضرراً شديداً لسمعة السينما، لأنّ أفلامهم حركية و مثيرة غرائزيا، بسبب اللقطات الإباحية. و من هذا المنطلق كان لكل قاعة سينما أفلامها و عشاقها.
فبالنسبة لسينما مرحبا كانت بنت الباطرون هي المكلفة بشباك التذاكر، فممنوع كليا دخول القاصرين و قبل أن تسلم تذكرة الدخول لمراهق أو طالب لا بد من يمر بعملية الفحص من الأعلى إلى الأسفل، مراقبة الهندام و الحذاء علاوة على الإجابة على سؤال أو سؤالين ، و مقاعد الدرجة الثانية مخصصة لهذه الطبقة، و أما مقاعد الدرجة الأولى تكون مخصصة للطلاب و منخرطي نادي السينما ، و البالكون مخصص للأجانب و العائلات المحترمة و أسرة التعليم و كثيرا هم من يستفيدوا من قاعة الإستراحة بين العرضين دون نسيان العرض الإخباري لوكالة الأنباء للمغرب العربي. و كان أصحاب الدرجة إما هم الغاضبون و يعبرون عن سخطهم بالصفير أو بترديدهم ‘ اطفئ الضوء أيها الأعور ‘ من جراء تقطيع حاصل في الفيلم و إما هم المغضوب عليهم حيث يتم طردهم نهائيا من القاعة.
أما سينما ديفور ففي العروض الأجنبية فمادام ديفور هي التي تكون مكلفة بشباك التذاكر و بالنسبة للعروض العربية فكان أبا صالح هو مسير القاعة، فالقاصرون و الشباب في الطبقة السفلى و مقاعد البالكون بالطابق العلوي مخصصة للطبقة التي تتردد أسبوعيا على السينما، و هناك مقاعد في البالكون دائما تبقى مخصصة للأجانب أصدقاء مادام ديفور و كثيرا هم من يستفيدوا من قاعة الإستراحة بين العرضين حيث كانت هناك حانة و سناك للأكلات الخفيفة. و كان أصحاب الطبقة السفلى إن غضبوا أو عبروا عن سخطهم بالصفير من جراء تقطيع في الفيلم ، فدائما يجدون أبا العلمي بمصباحه السحري لهم بالمرصاد و يطردهم القاعة.
أما السينما الريف، فكان أبا عبدالعزيز هو المتصرف فيها، فكان لا يفرق بين الطبقات ‘ اللي عندو 26 ريال يدخل و اللي ما عندوش يتساين يشري لانطراكت ‘ و كانت طبقة قليلة من رواد سينما الريف من يعرفون بأن هناك طريقة سرية بأقل من درهم للدخول و لا وجود للأجانب بها و كثيرا روادها إما يأتون من ‘ كافيه سبور ‘ المجاور لها و إما من أصحاب ‘ 4 حمص و زريعة ‘ و يبيعون ‘ بطاقة لانطراكت ‘ في الإستراحة بين العرضين لأن دائما ما يكون الفيلم الثاني أقل أهمية. و كل من غضب أو عبر عن سخطه الطرد من القاعة مصيره.
أما فيما يتعلق بسينما الملكي، فكان بو حلوفة هو الآمر و الناهي هو المُخرِج و المُدخِل، هو الشرطي والدركي، فهو لا يرفض أحدا و لو كانت القاعة مملؤءة عن آخرها، فكان لا يفرق بين الطبقات ‘ اللي عندو لفلوس يدخل و اللي ما عندوش يجيب دجاجة و لا بيضات ‘ و كانت طبقة قليلة من أهل الدرب تدخل مجانا، و إن حصل عطب أو تقطيع في الشريط، فيخرج ‘ بوحلوفة ‘ من الستار ليطمئن الجمهور على كون البطل لن يموت و بأن العرض سيواصل بعد قليل.