عنوان الزمن السياسي المغربي … مسرحيات !
بقلم أبو أيوب
رئيس الحكومة المغربية السيد العثماني في ورطة من حيث لا يدري , أو لنقل على أن تصريحاته تأتي بنتائج عكسية قد تتسبب بعواقب وخيمة في المستقبل المنظور . بالعودة إلى بعض التصريحات الأخيرة للمسؤول الأول الحكومي , نكتفي في مقالنا لهذا المساء بما تعلق منها بعودة العلاقات مع أو الإنفتاح … على إسرائيل , و قضيتي سبتة و مليلية و الصحراء الغربية المغربية .
علاقة بالقضية الأولى سبق للسيد المسؤول المغربي و أعلن شهر يوم 24 من غشت الماضي , بأن المغرب يرفض التطبيع و يعتبره تشجيعا على مزيد من هضم حقوق الفلسطينيين … و كان هذا بمثابة رد على خطوة دولة الإمارات تجاه أرض الميعاد . اليوم هو نفسه الذي وقع على اتفاقية إعادة العلاقات مع شعب الله المختار إخوتنا و بنو عمومتنا من سام و حام …
للخروج من الورطة كان لزاما اللجوء إلى التغطية و صرف الإنتباه إلى ما هو أكثر قدسية من بيت المقدس ذاته , من خلال التركيز على مشكلة مدينتي سبتة و مليلية و ملف الصحراء ( وفق رؤية تازة قبل غزة كما جاء على لسان شخصية مغربية مقربة جدا من مركز القرار ) .
تصريحه بخصوص المدينتين أثار زوبعة بإسبانيا و خلق مشكلة بالتالي تسبب في ورطة لم تكن في الحسبان , وزارة الخارجية الإسبانية تستدعي السفيرة المغربية السيدة كريمة بنيعيش لتبلغها الرفض الرسمي الإسباني لتصريحات المسؤول المغربي , مطالبة إياها بتقديم إيضاحات … و مهما يكن من ردود الفعل المتبادلة …
الأكيد أن علاقات المغرب ببوابته الشمالية نحو أوروبا ليست على ما يرام , كما هو المؤكد بأن البوابة الإيبيرية عضو نشيط بالإتحاد الأوروبي و حلف الناتو , بالتالي استخدام القوة العسكرية لاسترجاع الثغرين أمر غير ممكن بالمطلق ( جزيرة ليلى في عهد خوسي ماريا أزنار مثال ) .
ما يعني أن تصريح المسؤول الحكومي قد يرقى بالمفهوم الإسباني لتهديد مباشر , لا سيما عندما ربط بين الإنتهاء من ملف الصحراء و فتح ملف المدينتين , و هي محاولة بتقديري فاشلة من زاويتين أساسيتين لا غبار عليها, أو لنقل ببساطة زوبعة في فنجان انطلاقا من خلفيات تنويمية تمويهية ذات مرامي اعتدادية بالنفس …
من جهة المغرب ليس بقادر على المواجهة العسكرية مع إسبانيا للإعتبارات التي أسلفت ( عضويتها في إ.إ. و حلف الناتو), و من جهة أخرى إسبانيا ليست على استعداد في الوقت الحالي و لا في المدى البعيد لمناقشة ملف الثغرين مع المغرب , ثغرين بالمفهوم الإسباني الأوروبي الناتوي هي أراضي إسبانية تدخل ضمن إطار اتفاقية الدفاع المشترك .
ورطة الربط هذه من خلال تصريح المسؤول المغربي تنطلي على خطورة كبيرة فيما يتعلق بمشكل الصحراء , من جهة أولى , إسبانيا المستعمر القديم لإقليم الصحراء بدأت تكشر عن أنيابها تحت مسوغ مسؤوليتها التاريخية و الأخلاقية تجاه ما أسمته بالشعب الصحراوي , كما لا يغيب عنا أنها عضو ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء إلى جانب كل من أمريكا/ فرنسا/ بريطانيا/ روسيا .., و موقفها هذا عبرت عنه بصريح العبارة على لسان وزيرة خارجيتها أمام نظيرها المغربي و أكدته في مجلس الأمن .
على صعيد القارة السمراء , القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي يدعم موقف المغرب بخصوص الثغرين سبتة و مليلية , لكنه في المقابل لا يدعم موقف المغرب في الصحراء و يعتبرها قضية تصفية استعمار , و في حالة احتياج المغرب في ملف الثغرين للدعم الإفريقي المؤسساتي , يكون قد وضع نفسه في موقف حرج مع أسرته المؤسساتية ( استغلال لبنود القانون التأسيسي وفق ما تمليه المصلحة و ليس من زاوية الالتزام ببنوده كافة التي وافق عليها و صدر بشأنها ظهير شريف تحت عدد 1.17.02 بتاريخ 31/1/2017 نشر بالجريدة الرسمية للمملكة .
و من مكر الصدف أن يتشابه اليوم بالأمس , أي بما معناه , الدفع بحزب يقود الحكومة لتصدر المشهد فيما له ارتباط بالملفات الثلاث ( إعادة العلاقات/ الصحراء/الثغرين ), كيف ذلك ؟
* السيد ع.ا.بنكيران هو من وقع بالعطف على القانون التأسيسي سنة 2017 عندما كان يتقلد منصب المسؤول الأول في الحكومة المغربية .
* السيد سعد الدين العثماني بعدما نصب مكان سابقه هو من وقع على اتفاقية عودة العلاقات رسميا مع بني عمومتنا من سام, و قبلها وقع اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية إلى جانب من ينازعنا السيادة ..
* السيد العثماني كمسؤول حكومي هو من صرح بلسانه بأن المغرب بعد الإنتهاء من ملف الصحراء سيصوب مدفعيته نحو إسبانيا لاسترجاع الثغرين إلى حظيرة الوطن , مع الإعلان عن يقينه بفتح الحدود مع الجارة الشرقية , أمر أصبح يعد من سابع المستحيلات على ضوء الإعتراف و ربط العلاقات مع بني العمومة , و هو يعلم هذا جيدا ….
كلى الشخصيتين الحكوميتين يغرفان من نهج الإخوان المسلمين , أو الإسلام السياسي كما يحلو للبعض الوصف , إتجاه إسلاموي يتميز بالمزج بين الموقف و نقيضه , و سرعان ما يختلق الأعذار وفق الظروف التي تمليها المصلحة الحزبية , شأنهم في هذا شأن الإخوان الملسمين بتركيا , مع فارق بسيط كون الأخير يرتكز على ما هو وطني أكثر مما هو حزبي (لا مكان للحزبية الضيقة , الهدف خدمة الشعب عبر الإستثمار في العنصر البشري و ليس الإستحمار في العنصر البشري …) .
حصيلة حزب العدالة و التنمية التركي في كافة المجالات … لا مجال لمقارنتها “بحصلة” حزب العدالة و التنمية المغربي في المجالات كافة . و بتقديري , ورطة الحزب هذا لم يسبق أن تورط في مثلها أي حزب مغربي منذ الخمسينيات … لذا تبدو المسرحية السياسية في رمتها و في الوقت الراهن استهدافا للحزب بعدما انتهت مدة صلاحيته , كما استهدفت أحزاب و أحزاب و قزمت أخرى و قلمت أظافر … و يبقى العبث عنوان الزمن السياسي المغربي , فعلى من الدور لتحمل وزر الحصلة و الحصيلة يا ترى ؟