مجرد رأي

في عين العاصفة

بقلم أبو ايوب
التاريخ يعيد اليوم نفسه من زاوية لكل شيئ اذا ما تم نقصان وفق قانون الطبيعة تخشى الفراغ ، هذا ما تعلمناه من دروس و عبر التاريخ منذ العصور الغابرة الى يومنا هذا ، سقوط امراطوريات و حلول أخريات محلها و هكذا ذواليك ، فالحرب العالمية الثانية مثلا اسفرت عن سقوط امبراطوريتين ( المانيا و اليابان ) ، و حلول الامبراطورية السوفياتية و امبراطورية مورغان او العم سام كما يحلو للبعض التسمية ، دون الرجوع الى سبر اغوار تلك الحقبة ، نكتفي باستعراض خواتمها سواء ما تعلق بسقوط الاتحاد السوفياتي بداية تسعينيات القرن الماضي و ما تولد عنه من وضع دولي جديد ، او ما واكبها من بسط امبراطورية مورغان هيمنتها على العالم بعدما استفردت بادارة الشؤون الدولية و تدبير الازمات العالمية وفق ما تقتضيه مصالحها الحيوية ، و ليس وفق ما تقتضيه قرارات الشرعية الدولية و ميثاق الامم المتحدة التي وافقت و وقعت عليها امباطورية العم سام
بل حتى استفرادها بمصير العالم لن يشفع لها في تحديها لقانون الطبيعة التي تخشى الفراغ ، قد يستمر الوضع لمدة معينة كما هو الامر اليوم ، لكن النتيجة الحتمية سقوط و زوال ، و أن ما يجري حاليا من تطورات متسارعة و تحولات جيواستراتيجية بمنطقة الشرق الاوسط الكبير و الخليج الفارسي ، ضمن سياق الحرب الدائرة بين المحور و الحلفاء ضد اسرائيل و من ورائها امبراطورية مورغان….
* مرحلتها الأولى قادتها المقاومة انطلاقا من غزة العزة بجدارة و استحقاق ، و لا زالت تقض المضاجع و توخز المواجع ، و رغم هول الفواجع التي حلت بالمدنيين الغزاويين …لا زالت شوكتها صلبة عنيدة غير قابلة للانكسار ، بل ترفض الوساطات و تفرض الشروط و ما تهدد به تضعه رهن التنفيذ في الزمكان المعلن عنه ، مقذوفاتها و مسيراتها و صواريخها تغطي كامل جغرافية فلسطين ، فيما بنك اهدافها يطال قواعد جوية و برية و انظمة رادارات ، و منظومات دفاع جوي و كاميرات تجسس و مطارات مدنية….بحيث لم يعد بالامكان استثناء اي نقطة. من ضمن الشروط التي فرضتها المقاومة على سبيل الاستئناس ، تصفير السجون الاسرائيلية ” افراغها” من المعتقلين الفلسطينيين مقابل النظر في اطلاق سراح اسرى المستوطنين …
* مرحلتها الثانية عنوانها الابرز وحدة الساحات و تعدد الجبهات ، بعدما توازن الرعب على اثر فقدان اسرائيل لقوة ردعها و سقوط هيبتها بعدما تم تمريغ انفها في التراب ، بالتالي تهديدها بالاجتياح البري لغزة لا يعدو كونه سوى رقصة ديك مذبوح ، و ان امر الادارة و التدبير و امر العمليات العسكرية لم تعد بيدها ، و أن المشرف اليوم على سير الحرب ليس سوى الامبراطور بايدن فيما التخطيط و التكتيك العسكري يعود لكبار القادة الامريكيين على رأسهم قائد سيتكوم الذي حل على وجه السرعة بتل ابيب قبل سويعات من زيارة بايدن .
التهديد بالاجتياح قابله رد من حزب الله جنوب لبنان باجتياح الجليل الاعلى و تحرير مزارع شبعا ، و أن ما يقوم به اليوم حزب الله من استهذاف نوعي للمواقع العسكرية و محطات الرادار و كاميرات التجسس و المراقبة و ضد الدبابات…..(4 دبابة ميركافا من الجيل 4 دمرت داخل العمق الاسرائيلي مثال) ، و لا زال التصعيد متواصلا للاسبوع الثاني يفصح كل يوم عن تفاصيله و توسيع جغرافية الحرب بما يسمح برص و توحيد الجبهات الثلاث ( غزة العزة و جنوب لبنان و الجولان) في انتظار ساعة المخاض بالضفة الغربية و الاردن ( من اسباب الغاء بايدن زيارته للمملكة الهاشمية و لقائه بالعاهل الاردني ).
* تحقيق اهذاف عملية طوفان الاقصى اصبحت حقيقة لا ينكرها الا جاحد مطبع او معتوه مستعرب ، و من حسناتها على الصعيد الدولي انها اظهرت الحجم الحقيقي لاسرائيل و كشفتها امام انظار الراي العام الدولي من جهة اولى ، و بحسب تقرير لوكالة الاستخبارات الامريكية سي.آي.إي حول استطلاعات الرأي ، 68% من الاوروبيين يعتبرون اسرائيل دولة مارقة و خارجة عن القانون الدولي ، ما يعزز الطرح تصريح الوزيرة الاسبانية لحقوق الانسان بخصوص ما يحدث بغزة ، و 20% فقط من الشعوب العربية تؤيد التطبيع مع اسرائيل ، فيما ذهب بوتين حد اتهام اسرائيل بالنازية ، و من جهة ثانية حسناتها تجسدت في فرك بوتين اصابع يده العشر عندما تم رمي الغربيين لأوكرانيا في صندوق القمامة و لم يعد يذكرها احد ، فضلا عن انشراح الصين بجر امبراطورية مورغان مباشرة الى مستنقع الشرق الاوسط و ابعادها عن تايوان و بحر الصين الجنوبي و المحيط الهادي …
اصطفاف و تضامن روسيا و الصين مع القضية الفلسطينية و عملية طوفان الاقصى الا خير دليل على ظهور البوادر الأولى لسقوط امبراطورية مورغان و تعجيل زوال اسرائيل ان هي بقيت على مواقفها التوسعية ، و ما زيارة الشيخ الهرم للمنطقة في هذا التوقيت بالذات ، بعدما فشل وزيريه في الخارجية و الدفاع من قبل ، الا خير دليل على كون امريكا مرعوبة مما يحدث اليوم من تحولات متسارعة ، و مفزوعة مما يحصل من متغيرات متواصلة على مدار الساعة ، بعدما اخذت هي و ربيبتها على حين غرة ليتفاجئا بما لم يخطر لهم على بال …
* المرحلة الثالثة من تطورات المنطقة الشرق اوسطية ، و من تحولات منطقة الخليج الفارسي لا سيما الموقفين الايراني و السعودي من قضية فلسطين ، اكيد ان التخطيط لها جار على قدم و ساق بمعزل عن الموقف السعودي تفاديا للاحراج ، بوادره الاولى ما اعلنت عنه ايران من تجييش ل 3 مليون متطوع ضمن صفوف الحرس الثوري ، تعزيزا لتواجده بالجولان و جنوب لبنان بحيث لم يعد هذا التواجد سرا على احد ، ما يعزز الطرح هذا ، لقاء حسين امير عبد اللهيان وزير خارجية ايران مع السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني خلال زيارته الاخيرة لبيروث ، دام اللقاء تسع ساعات ناقش فيها الضيف و المضيف مستجدات الساعة ، توج اللقاء باعلان الوزير الايراني رسميا و بلغة تهديدية بانه لم يتبقى من الوقت سوى ساعات قلائل عن اندلاع حرب اقليمية بالمنطقة…
بتقديري للوضع الراهن على الارض ، هي حرب عود ثقابها غزو بري لغزة العزة …غزو وصفه بايدن نفسه بالخطأ الفادح و الجارف لوجود اسرائيل ، حرب لن تسلم منها القواعد العسكرية بالمنطقة كما هدد بها الحوثيون من اليمن ، و لن يستثنى منها شبر واحد من جغرافية اسرائيل ….دخول ايران بثقلها العسكري لا سيما امكانياتها الصاروخية و المسيرات سيغير قواعد الاشتباك ، ما من شأنه خلق ارباك لامريكا و ارتباك داخل اسرائيل المهزولة اصلا تحت تأثير صليات الصواريخ الغزاوية التي لا تنقطع الا لتبدأ من جديد ، فما بالكم اذا ما امطرت السماء على اسرائيل صواريخا ايرانية و غيرها مما لدى حزب الله و هي على ما هي عليه الآن؟ بهذا الصدد ، نشر تقرير للمخابرات الخارجية الروسية على اطلاع بالمقدرات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية وحدها ، حصرها في اكثر من 150.000 الف صاروخ متعدد المديات ، و ان بامكانها اطلاق 12.000 صاروخ في ظرف 48 ساعة ، فماذا سيكون الوضع عليه داخل اسرائيل اتسائل بعفوية؟ ثم ماذا لو استمر هذا الوقع لايام متواصلة ؟ و ماذا بمقدور امريكا فعله في هذه الحالة ؟ و هل تلجأ اسرائيل لاستخدام السلاح النووي على الرغم من علمها بمخاطره على مستوطنيها انفسهم و على المنطقة بمجملها ؟.
بحسب المراقبين الدوليين المتتبعين لتطور مجريات الوضع الميداني خاصة العسكري منه ، فضلا عن تداعياته ذات البعد المجتمعي الانساني الاخلاقي ، أن اسرائيل و من ورائها امريكا تعيشان اليوم آخر فصل من فصول حروبهما بالشرق الاوسط و الخليج ، و ان الحرب في حالة التصعيد المستمر لن تسفر في النهاية الا عن خسارة مدوية لاسرائيل ، فيما نصيب امبراطورية مورغان منها لن يتعدى مقبرة بحرية و جوية و برية ، لذا اتسائل عن السر الكامن وراء القرار الامريكي بجلب حاملة الطائرات جيرالد فورد لمياه المتوسط قبالة الساحل الاسرائيلي ثم سحبها بعد التهديد الايراني و الحوثي باليمن ؟ فهل دقت ساعة الصفر بالنسبة للتواجد الامريكي بالمنطقة توطئة لانعزاليتها او مقدمة لانهيار امبراطورية مورغان ؟
الأكيد ان على انقاضها ستبزغ اخرى محلها ، و ان ما حصل الأمس بعد الحرب العالمية الثانية من تفكيك لامبراطوريتين ، و حلول محلهما لامبراطوريتين واحدة انهارت تسعينيات القرن الماضي ، و الثانية في طريقها للانهيار و التلاشي ، ما حصل بالامس هو عنوان الحاضر الذي يتجسد في ميلاد كل من امبراطورية الثنين و امبراطورية القيصر على انقاض امبراطورية مورغان …و ما هي الا مسألة وقت قبل انقشاع الغبار عن ميلاد عالج جديد مغاير ، علم بتصور عادل و دافع انساني و ليس برؤية استعمارية مقيتة كما عودنا العام سام و الربيبة و اذنابهما الوظيفية …
فتحية اجلال للمقاومة بغزة العزة ، و تحية انسانية للمدافعين الكونيين عن القضية ، و تحية تقدير للمرابطين بالاقصى و الضفة ، و الخزي و العار لكل متربص بالقدس أولى القبلتين و ثالث الحرمين ….و ما النصر الا من عند الله سبحانه و تعالى ، أوليس هو القائل ( ان تنصروا الله ينصركم و يثبث اقدامكم ….ص.ا.ع ) ، و النصر قادم ….قادم…..قادم……شاء من شاء و ابى من ابى و الايام بيننا .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى