” ماذا بعد سحب النظام الأساسي؟”
بقلم ذ. محمد غولي
الكثير من الأصوات اليوم تنادي بسحب النظام الأساسي برمته ، ومعاودة الحوار على أسس أخرى غابت عن المسار التفاوضي الأول ، لكن غاب عن هؤلاء أن المسار التفاوضي الثاني قد يطول لسنين أخرى ، وقد تتنصل منه الحكومة لكثافة برامجها الاجتماعية في الفترة الحالية…وقد تنقل هذا الملف للحكومة اللاحقة ، وتنقل كل الاعتمادات المالية المرصدة لهذا النظام لصناديق أخرى لا علاقة لها بمجال التعليم…وقد تسقط كل المكتسبات التي جاءت في هذا النظام على علته وتشوهه ، ومن ضمن هذه المكتسبات : الدرجة الممتازة لفئتي الابتدائي والإعدادي ، وإحداث إطار أستاذ باحث لدكاترة وزارة التربية الوطنية، والتعويض التكميلي عن المهام لفئات المتصرفين التربويين والمفتشين ومستشاري التوجيه والتخطيط والممونين ، وتعويض عن التأطير لأساتذة الثانوي التأهيلي ، وزيادة 1500 درهم لكافة العاملين في القطاع على سنتين متتاليتين ، وزيادة 1000درهم لمن وصل للرتبة الخامسة لأصحاب الدرجة الممتازة….نعم هي مكتسبات هزيلة مع حجم الانتظارات والسياقات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المجتمع المغربي في ظل موجة الغلاء وحالة التضخم العالمية ، ولكن قد تستغل الحكومة هذه الأصوات التي تنادي بالسحب ، وتتنصل من كل الالتزامات ، وتنفض يدها عن أبسط المكتسبات ، وتدعي عجزها التام عن تلبية طموحات نساء ورجال التعليم ،ضاربة بعرض الحائط ماتحقق من مكتسبات… لتمارس عادتها القديمة في التسويف والتماطل والإلهاء…وتظل دار لقمان على حالها ، ويعود الجميع يجر أذيال الخيبة والأسى لكل ماحصل…لهذا ولإنضاج النقاش الحالي ، لابد من الحفاظ على كل المكتسبات التي جاءت في هذا النظام المشؤوم ، ثم إلزام الحكومة ومعها الوزارة الوصية بمواصلة بناء نظام أساسي يلبي طموحات وانتظارات نساء ورجال التعليم ، في أفق منظور يقطع مع سياسة التسويف والتماطل ، ثم إرغامها على المراجعة الشامة لكل مواد هذا النظام ، خصوصا تلك التي شكلت تراجعات صارخة على مستوى التوظيف بإلغاء قانون التعاقد نصا وتطبيقا ، ثم الرجوع إلى قانون العقوبات المنصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية ، وإلغاء كل المهام التي تزيد عن ساعات العمل القانونية قبل إحداث الساعات التضامنية ، مع جعل الساعات الإضافية محل اختيار لدى المعنيين بالأمر بتعويض يليق بحجم المهام ،ثم تحقيق العدالة الأجرية مع كل القطاعات الأخرى دون تمييز أوحيف ، ناهيك عن إلغاء شرط تسقيف السن المحدد في ثلاثين سنة لمن أراد الولوج لمهنة التعليم ، وإحداث الدرجة الجديدة لمن انتهى أفق الترقي في وجهه ، وسن تعويض عن الاشتغال في المناطق النائية الصعبة ، مع إيجاد حلول منصفة لكل الملفات العالقة والتي مل أصحابها من الانتظار القاتل… وأخيرا مراجعة شاملة للأرقام الاستدلالية ، ولسنوات الترقية ، ولنسب الحصيص في الترقية ، وخلق تحفيزات تكون بمثابة عناصر جذب حقيقية لهذه المهنة من تجهيزات لائقة ، وظروف مريحة ، وبنيات مؤهلة… تكون بمثابة الرافعة التي ترتقي بها منظومة التربية والتكوين نحو غد مشرق يتطلع إليه ذوي النوايا الحسنة الذين يؤمنون حقا بمقولة “ديرو النية”