انتصار غزة بين الإجراء الحمائي و الإجراء التنفيذي وفق منطوق القانون الدولي
أبو أيوب
اخيرا و بعد مناقشات معمقة و سجال مستفيض للدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا ضد المجازر التي ارتكبتها إسرائيل و لا تزال ، محكمة العدل الدولية تصدر يوم أمس الجمعة 26 يناير 2024 ، حكما يكتسي صبغة مؤقتة في بعض من جوانبه يدين إسرائيل على ما اقترفته ضد الفلسطينيين بغزة و الضفة بدرجة أقل ، من محاولة تهجير قسري و تدمير المستشفيات و منع ادخال المساعدات و حرمان من الماء و الكهرباء و قتل المدنيين….، حكم يعتبر في صلبه إجراء حمائي للفلسطينيين أكثر مما هو اجباري لإسرائيل تحت طائلة فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية….لكن ميزته أنه يشرع الأبواب على مصراعيها لمحاكمة الأشخاص الضالعين في جرائم الحرب و الإبادة الجماعية أمام محكمة الجنايات الدولية ذات الاختصاص ..و الفضل كل الفضل يعود لجنوب أفريقيا في زمن تقاعس العربان الخانعة
بمجرد صدور الحكم ، قام الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش بإخطار و عرض نسخة منه على أعضاء مجلس الأمن الدولي ، عرض تلقفته الجزائر العضو الغير دائم بمجلس الأمن برسم سنتي 2024/2025 ، و سارعت إلى طلب عقد جلسة طارئة للمجلس قصد النظر في حيثيات الحكم و مناقشته ، بهدف تحويله من الإجراء الحمائي إلى الإجراء التنفيذي الذي يدخل ضمن نطاق اختصاص مجلس الأمن ، بدعم روسي صيني و اعضاء آخرون تم الاتفاق على عقد الجلسة الطارئة يوم الاربعاء القادم ، و على الطاولة مطالب بعدم الإفلات من العقاب و ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الذي يجرم الإبادة الجماعية و استهداف المدنيين زمن الحرب و التهجير القسري…ثم الامتثال للشرعية الدولية و القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بقضية فلسطين ، و أحقية شعبها في تقرير مصيره و بناء دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف ضمن حدود 1967…
اليوم سمعة إمبراطورية مورغان على المحك …و هي جد محرجة على الصعيد الدولي لا سيما بافريقيا حيث يحتدم الصراع على النفوذ بين أمريكا و الصين و روسيا ، و امريكا على علم بالدول صانعة القرار الافريقي و هي حريصة أشد الحرص على عدم أغضابها ، فضلا عما تعيشه من كوابيس وجودية و ما تتعرض له قواعدها من اقصاف ، و استهداف بالصواريخ و المسيرات بكل من العراق و سوريا و عموم المنطقة الشرق أوسطية…أمريكا تعيش اليوم شبه عزلة لا سيما بعد الموقف الداعم للحكم الذي عبرت عنه الدول الغربية كألمانيا و فرنسا و اسبانيا و بلجيكا ، و بطريقة نوعا ما محتشمة كل من بريطانيا و هولندا …و قد تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه ان هي اشهرت الفيتو ضد أي قرار لمجلس الأمن الدولي يدين صراحة إسرائيل أو يسعى لفرض عقوبات عليها…فما العمل علما بأن اشهار الفيتو يعد انتحارا سيسرع من أفول الزمن الأمريكي?
اليوم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في شخص ويليام بيرنز ، تجري اتصالات سرية مكثفة مع الجزائر في محاولة لثنيها عن موقفها المعلن من إسرائيل ، أو على الأقل التقليل من نبرتها العدائية الهجومية عليها بمجلس الأمن الدولي ، و ما استتبع الموقف هذا من مغادرة وزير خارجية الجزائر القاعة قبل إلقاء السفير الاسرائيلي كلمته ، بالتالي خطوة احمد عطاف يمكن اعتبارها رسالة سياسية موجهة لامريكا …و ما تولدت عنها من خطوات مماثلة أقدمت عليها وفود دول أخرى غادرت قاعة الاجتماع أكدت فحوى الرسالة…مما شكل ضغوطا إضافية و احراجا للإدارة الأمريكية لا سيما في هذا التوقيت بالذات…توقيت الانتخابات الرئاسية على أشدها بين الحزبين النسري و الحماري( النسر شعار الجمهوريين و الحمار شعار الديموقراطيين) ، فهل تعي أمريكا الدرس و تنآى بنفسها عن المضي قدما في حماية إسرائيل مهما كلف الأمر من اثمان ? ام ستتمسك بموقفها الحامي لإسرائيل و لو على حساب مصالحها بالشرق الأوسط و الخليج ? و في هذه الحالة عليها توقع مغادرتها للمنطقة و بداية انعزاليتها و تقوقعها على الداخل !
أنعمتم اوقاتا و إلى موعد آخر مع تحيات ابو ايوب .