احساس بالذنب ام صحوة ضمير …؟ عسر المخاض الامريكي و تداعيات الحرب على غزة
ابو ايوب
من الكونغرس الأمريكي صدح صوت جاك شومر زعيم الأغلبية الديموقراطية بمجلس الشيوخ مطالبا بإجراء انتخابات سابقة لأوانها و حكومة جديدة قبل ان تتحول اسرائيل الى دولة منبوذة جراء الحرب على غزة …
تصريح لم يرق لرئيس الوزراء الاسرائيلي و لمؤيديه داخل الحكومة ، إذ سرعان ما جاء الرد من الوزير المثير للجدل بن غفير الذى اعلن بأن اسرائيل ليست جمهورية موز تابعة للولايات المتحدة الأمريكية..
الجمعة 15 مارس 2024 تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال خلصت فيه الى ان العلاقات بين الرئيس جو بايدن و بنيامين نتنياهو وصلت الى حد يمكن وصفه بالأمر الخطير ، و ان هناك تصدع في علاقات البلدين و انعدام اي توافق او رؤية مشتركة لما يجري من حرب بغزة و المنطقة الشرق أوسطية عموما…
ازمة سياسية لم تعهدها علاقات الحليفين اثرت سلبا على المصالح الأمريكية بالمنطقة ، فضلا عن الخسائر العسكرية التي تمنى بها كل يوم في البحرين العربي و الاحمر و خليج عدن و باب المنذب..
و اليوم تتوسع عمليات القوات المسلحة اليمنية لتصل حد استهداف المصالح الأمريكية و الاسرائيلية بالمحيط الهندى و التهديد باغلاق ممر رأس الرجاء الصالح في وجه السفن التجارية و العسكرية ، بعدما تم اغلاق باب المنذب مدخل البحر الاحمر شريان الحياة لكل منهما…
و قد ثبث بالفعل تصعيد عسكري في هذا الاتجاه …من خلال اعلان الجيش اليمني عن تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي بسرعة 8 ماخ و مدى يصل ل 10.000 كلم ، اي بما معناه تغطيته لكامل جغرافية المنطقة من ضمنها اسرائيل حتى حدود الجنوب الغربي لافريقيا بالمحيط الهندي…
كما علينا استحضار النزيف المالي الذي اثقل كاهل الخزانة الأمريكية في الحرب الروسية ضد الغرب باوكرانيا و اليوم جراء حرب غزة ، التي استنزفت الاقتصاد الاسرائيلي حد الشلل حيث ارتفعت رسوم الشحن و التأمين و كراء السفن بحوالي أربعة أضعاف ، ناهيك عن خسائر الحرب افرادا و عتادا و بنى تحتية مدنية و عسكرية ، في الوقت الذي انخفضت المداخيل و الصادرات ، و ما يتطلبه الأمر من مصاريف إضافية عن طول المسافة عبر راس الرجاء الصالح تزيد الأزمة تأزما في ظل حرب لا زالت تولد المفاجئات و العجز عن تحقيق اي نصر يذكر …
بالتالي يتضح جليا بأن الخوف من تداعيات الحرب و في عز الانتخابات الرئاسية الأمريكية… هو من دفع بإدارة بايدن الى تغيير موقفها من اسرائيل و التعبير عن عدم رضاها على سياسات نتنياهو …هذا الأخير بدأ يشكو من تناقص الامدادات العسكرية و الذخيرة التي تزود امريكا اسرائيل بها…فيما اشار بعض القادة العسكريون الى أنه في حالة استمرار هذا الوضع على ما هو عليه الآن ، فكل المؤشرات تشير الى قرب نهاية الحرب دون حسمها لصالح اسرائيل…
بالتالي ما اعلن عنه زعيم الأغلبية الديموقراطية بمجلس الشيوخ الامريكي ، و ما جاء في تصريحات الإدارة الأمريكية بحسب تقرير صحيفة وول ستريت جورنال حول تصدع علاقات الحليفين ، بكل تأكيد ليس من اجل عيون العرب و لا تضامنا مع الفلسطينيين بغزة و الضفة …بل ضغط الخوف على المصالح الأمريكية و الحرص على الحد من حجم الخسائر الفادحة التي سجلتها مختلف الشركات الكبرى ( ماك دونالد مثال) ، هو الذي أثمر سوء الفهم و تغيير بعض من أوجه السياسة الأمريكية اتجاه اسرائيل..
فلولا دخول حزب الله اللبناني على الخط يوم 8 اكتوبر 2023 ، و بعده باسابيع اعلن اليمن الحرب على اسرائيل ، و لولا الصمود البطولي لفصائل المقاومة الغزاوية ( حماس و الجهاد الاسلامي و كتائب الشهيد ابو علي …..) ، و لولا الدعم الايراني و العراقي و السوري…لما غيرت امريكا من نبرتها اتجاه اسرائيل …
احساسها بالتهديد المقاوماتي الذي يتربص بمصالحها في المنطقة ، هو الذي قلب الموازين و غير قواعد اللعبة، و من منطلق المرتكزات البرغماتية التي تطبع السياسة الخارجية الأمريكية …ارتكنت إدارة بايدن للواقعية السياسية من موقع ضعف بعدما تأكدت من إستحالة ربح الحرب…و هي اليوم تبحث عن حبل نجاة يحفظ ماء الوجه بعدما تلطخت اياديها بدماء الابرياء ، و معها أصيب كبريائها في مقتل ..
حبل نجاة قد يتحول الى حبل شنق في أية لحظة …لا سيما بعد بروز تسريبات تقول بسحب امريكا المدمرتين لابون و كارنيي من البحرين العربي و الاحمر مباشرة ، بعد التجربة الصاروخية البالستية الفرط صوتية الناجحة التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية…
هي اذن رسالة تهديد الوجود العسكري الامريكي بالأساس و الغربي عموما ، قد تنقلب لرسالة توديع للاسطول الامريكي او على الاقل لاكثر قطعه و مغادرته المنطقة ، في محاولة لإعادة الانتشار في مواجهة النفوذ الصيني الذي بات يشكل بعبعا او مغاصا قاتلا للمصالح الأمريكية في آسيا و الشرق الأوسط و افريقيا …