أحزابأخبار إقليم الجديدةالواجهةلحظة تأملمجرد رأي

إذا كان من قاطعوا الإنتخابات بالجديدة يشكلون أكثر من نصف من هم في سن التصوين فمن سيدافع عن هذه المدينة المنكوبة والمقصية

الجزء الأول

أصبحت الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات بالجديدة كمدينة وأيضا كإقليم بمثابة سنة ألف العديد سلكها قبيل دخول الحملات الإنتخابية حيز التنفيد وهذا تكون له آثار سلبية ليس فقط على نتيجة هذه الإنتخابات ولكن أيضا بعدها وهذا هو الأخطر بالنظر إلى جلوس هؤلاء المقاطعين على كرسي المتفرج وكأنهم يعيشون في مدينة أخرى وغير معنيين بما تتعرض له مدينتهم من تراجع خطير على كل المستويات .

فبمجرد الإعلان عن نتائج الإنتخابات نجدهم يتشدقون بقلة عدد المصوتين وكأنهم حققوا إنجازا مبهرا وكأن السلطات المعنية ستقرر إعادة هذه الإنتخابات , ناسين أو متناسين على أنهم بمقاطعتهم هاته يكونون ساهموا دون وعي منهم بأنهم أفسحوا المجال أمام من يكون همهم الوحيد الدفاع عن مصالحهم الشخصية أو من يكونون مستعدين لبيع ضمائرهم بالفتات المسلم إليهم من طرف الفئة الأولى … وهناك فئة ثالثة يكون همها التباهي بالحصول على العضوية بالمجلس الجماعي أو البرلمان لا لشيء سوى لتسهيل قضاء مصالحهم أو مصالح أشخاص آخرين بهدف الظفر بالأتاوات , ولو على حساب مدينتهم التي لا حول ولا قوة لها أمام جشع وطمع هؤلاء الإنتهازيين .

وعودة إلى المقاطعين الذين يعتبرون أنفسهم “النخبة المثقفة الوحيدة بالإقليم” فهم ومع مرور الوقت تجدهم يحتسون فناجين الشاي والقهوة بالمقاهي وفي كل مرة يتطرقون إلى نقطة سوداء في سجل هذه المجالس المنتخبة أو تعثراتها مكتفين بإبداء آرائهم التي لا تبارح المقهى دون أي جدوى اللهم التحسر والإنتقادات الفارغة …  نعم الإنتخابات ومقاطعتها هما معا بمثابة حق لمن يرغب فيها وله غاية منها , وفي الحالين يكون الفرد قد مارس حريته الشخصية المقدسة وحريته الدستورية ولا يحق لأي كان أن يلومه أو يرغمه على تغيير موقفه , لكن يا ترى هل سيكون لهذه المقاطعة أي تأثير أو إصلاح فيما بعد ؟ فالمقاطعة تستند في الغالب على منطق التعبير عن الإحتجاج على خروقات محتملة أو ترشح وجوه معروفة لدى الجميع بإتقانها لغة المال قصد تمييل الأصوات , لكنها في المقابل لم تحقق غايتها منذ القدم رغم حالات التزوير التي شابت البعض منها إن لم نقل كلها ورغم ترشح من ليس لهم الحق في ذلك ويكون ذلك بعلم الجهات المخول لها دراسة طلبات الترشيح .

ويرى الكثير من العارفين بعالم السياسة في مقاطعة الإنتخابات مزيدا من تقوية سلطوية الدولة وهي لا تعني لدى المقاطعين موقفا سياسيا صريحا له أبعاد إصلاحية خاصة عندما يكون المقاطع مؤمنا بأن من بيده زمام التسيير بالمغرب هو الملك ويعتبرون ذلك بالأمر الإيجابي وبالتالي يعتبرون تصرفهم هذا وسيلة لإضعاف السلطة بيد أن العكس هو الذي يقع فالنتيجة تكون تقوية لأدوارها التي كانت ولا زالت تقوم بها منذ قرون وهذا يتمثل في التحكم في دواليب الإنتخابات من تقوية أحزاب على حساب أخرى ومرشحين على حساب آخرين … وهنا دعوني أعود بكم إلى انتخابات سنة 2002 حيث كانت النسبة المعلن عنها للمشاركة لم تتجاوز ال 23 في المائة في سابقة في المغرب حيث اعتبرها الإشتراكيون وقتها تتنافى و”المنهجية الديمقراطية” خاصة وأنها سمحت للملك بتعيين إدريس جطو وزيرا أولا تكنوقراطيا مقابل إبعاد عبد الرحمان اليوسفي .

وبالجديدة تعرف الانتخابات طابعا خاصا متمثلا في تواجد سماسرة متخصصين في الحملات الإنتخابية (بلطجية , دعارة , المال , التهديد …) لا ينقصهم سوى مكتب دراسات متخصص في هذا الغرض … وبعد الإنتخابات تجد نفس هؤلاء الأشخاص من بين أول المنتقدين للسياسة التي يتم بها تسيير البلاد والعباد (يبكون على الحالة المزرية للطرقات والمساحات الخضراء والتعليم والصحة و… الخ) ومنهم من أسسوا جمعيات للحصول على أموال كل سنة كمنحة عوض الإكتفاء بدفعة واحدة لن تسمن أو تغني من جوع مباشرة بعد نجاح زبونهم من المرشحين , وهم معروفون لدى العادي والبادي .

ويرى متتبعون للشأن المحلي بالجديدة أن الحالة التي وصلت إليها المدينة من تراجع على جميع الأصعدة هي بمثابة تحصيل حاصل بالنظر إلى لوائح الترشيح والحملات الإنتخابية ومن يشارك فيها والمقاطعة التي يلجأ إليها الأغلبية مما ينتج عنه مجلس ضعيف مشكل من أغلبية مريحة أعضاؤها أصبحوا مروضين على الرضوخ لنزوات الرئيس ومن يدور في فلكه وكذا معارضة منبطح جل أعضائها خوفا على مصالحهم إن هم حاولوا تجاوز خطوط حمراء يحددها لهم الرئيس مع مرور الوقت … يتبع

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى