بين التحذير و التحضير …قضية الصحراء على المحك
أبو أيوب
قراءة في زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام الى الصحراء السيد دي ميستورا لموريتانيا و المغرب و ما افرزته من ردود و بيانات ، و ما طرحته من تساؤلات لافتة من قبيل اجتماعه بوزير الدفاع الموريتاني بدل اللقاء بوزير الخارجية !!!؟ ليختتم زيارته بلقاء مع الرئيس محمد الشيخ ولد الغزواني بصفته رأس الدولة و القائد الاعلى للجيش الموريتاني دون صدور اي بيان مشترك، هذا ما يعطي الانطباع بان الطابع العسكري هو الذي اطر الزيارة بدل الزاويتين الدبلوماسية و السياسية في تعاطي المبعوث الاممي مع ملف الصحراء …
رسالة تلقفها المغرب فجاء الرد عسكريا من خلال استهداف درون مغربي لسيارتين رباعية الدفع على بعد 3 كلم من الحدود الشمالية الموريتانية على مقربة من منطقة بئر ام كرين التي زارها ولد الغزواني للمشاركة في مأدبة افطار مع القوات المرابطة بالحدود ، تزامنا مع وصول دي ميستورا إلى العاصمة نواكشوط…
للإشارة العملية اسفرت عن قتيلين قيل بأنهما موريتانيين بحسب مصادر موريتانية، فيما تشير مصادر اخرى إلى ان الامر يتعلق باستهداف سيارتين تقلان عناصر من البوليساريو..وسط تضارب الأنباء يبقى الشيء المؤكد التصعيد العسكري بالصحراء بين المغرب و جبهة البوليساريو , هذا ما أكد عليه بيان رسمي لوزارة الخارجية المغربية
بيان صدر بعد اختتام اجتماع الوزير ناصر بوريطة مع المبعوث الاممي دي ميستورا بالرباط العاصمة ، لقاء أكد فيه السيد بوريطة على ثلاثة شروط ..اولها الضغط على الجزائر كطرف مباشر للمشاركة في الطاولة المستديرة التي اقرتها الأمم المتحدة اثناء عهدة المبعوث هورست كوهلر ، ثم الضغط على البوليساريو من اجل الالتزام بوقف النار و وضع حد لعملياته العسكرية اليومية بالتراب المغربي ، ليختتم بأن الحل الوحيد يمر عبر مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب و على الأمم المتحدة تحمل مسؤوليتاتها بهذا الصدد…
اللافت في الامر ، لأول مرة يعترف المغرب رسميا بحرب الصحراء الثانية ، حيث جاء الاعلان بالتزامن مع المناورات العسكرية للبحرية الملكية بمياه الصحراء التي انطلقت شهر مارس حتى شهر يونيو القادم و اعلانها منطقة عسكرية محظورة على سفن الصيد الأجنبية و المغربية على حد سواء…
رد البوليساريو جاء على شكل بيان لما يسمى بوزارة الدفاع اعلنت فيه عن استهداف مواقع عسكرية مغربية بالجدار الدفاعي و عمقه غربا متوعدة بمزيد من التصعيد العسكري, و رسالة وجهها ابراهيم غالي زعيم البوليساريو الى الأمين العام الاممي السيد غوتيريش ، مذكرا بأن لا سيادة للمغرب على الصحراء حتى يقترح حكما ذاتيا على الصحراويين ..
مضيفا بأن الحل السياسي و الواقعي و الدائم للنزاع على الصحراء يمر بالضرورة عبر تنظيم استفتاء تقرير المصير وفق المقاربة التشاركية للأمم المتحدة و الاتحاد الافريقي، في إشارة إلى ما تم التوافق عليه بين طرفي النزاع سنة 1988 الذي صدر بشانه القرار 680 ( موافقة المغرب على تنظيم الاستفتاء) ، و بعدها بثلاث سنوات صدر القرار 690 سنة 1991 الذي وضع حدا للحرب بالصحراء و تشكيل بعثة أممية للاشراف على مراقبة وقف إطلاق النار و إجراء الاستفتاء حملت اسم المينورسو( بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء بالصحراء الغربية (MINURSO )
بتقديري كملاحظ ، الاشتراط المغربي قد يبدو شروطا تعجيزية للاطراف المعنية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بنزاع الصحراء و ذلك لعدة اعتبارات اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة و قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة بالنزاع تؤكد على التفاوض بحسن نية و بدون شروط مسبقة..
إستحالة قبول الجزائر المشاركة في اي طاولة مستديرة مهما كان نوعها بصفة مباشرة أو دونها.. فضلا عن تعارض عضويتها بمجلس الامن الدولي الذي يناقش قضية الصحراء مع المشاركة في المفاوضات..
إستحالة تغيير موريتانيا موقفها من الصحراء التي تعترف بها كدولة و الجبهة كممثل شرعي و وحيد بموجب اتفاقية 1979 التي انهت الحرب بين الجانبين و صدر بشانها قرار لمجلس الامن الدولي عدد 6539..
كما وجب التذكير بغياب اي بيان موريتاني او اعلان رسمي لدي ميستورا اثناء زيارته للبلدين لكنه في المقابل و على ما يبدو ، بصدد التحضير لعرض ملخص تقرير زياراته لجنوب افريقيا و روسيا و بريطانيا و موريتانيا و المغرب ، و احالة احاطته ذات الصلة بالموضوع على الاعضاء 15 بمجلس الامن الدولي في الجلسة المغلقة التي تمت برمجتها من طرف مالطا يوم 16 ابريل الجاري…
كما وجب استحضار ما اعلنت عنه وزارة الشؤون الخارجية و الجالية المغربية بشأن ترافعها بمجلس الامن الدولي دفاعا عن مغربية الصحراء.. معززة ملف المرافعة بالرسالة التي بعثها الى العاهل المغربي بيدرو سانشيز رئيس حكومة إسبانيا المستعمر السابق للصحراء…
رسالة ضمنها وفق تصريحات رسمية مغربية دعمه للمقترح المغربي كحل سياسي واقعي و دائم لطي صفحة النزاع.. و هو الموقف الذي أثار جدلا واسعا و لا زال في الاوساط السياسية و الحزبية الاسبانية ، فضلا عما أسفر عنه من تدهور طال العلاقات الثنائية الإسبانية الجزائرية ، أزمة بلغت حد تجميد اتفاقية التعاون و حسن الجوار و وقف التعاملات التجارية بين الجانبين مع فرض عقوبات اقتصادية على اسبانيا و ما تولد عنها من افلاس الكثير من الشركات…
اعلان الترافع المغربي بتقديري يعد تراجعا بشكل من الاشكال قياسا بما تم تداوله من قبل عن استعداد المغرب للسيطرة الكاملة على المنطقة العازلة(+ 25٪ من المساحة الإجمالية الصحراء) شرق و جنوب شرق و جنوب الحزام الأمني حتى الكيلومتر 55 ( الحدود الموريتانية) ..
يذكرني هذا التراجع بما اعلن عنه في وقت سابق السفير المغربي الدائم بالامم المتحدة السيد عمر هلال، وقتها حذر البوليساريو بالرد العسكري على اي استهداف لمواطن مغربي مهما كان شأنه…
بعدها بايام استهدفت السمارة بالصواريخ لثلاث مرات في ثلاث أسابيع متتالية ، حيث اسفرت الاقصاف عن مقتل مغترب مغربي كان في زيارة لاهله و جرح ثلاثة آخرين من بينهم رجل امن دون ان يكون هناك رد !!
فلربما تعلق الأمر بضبط النفس أو تصرف رزين حكيم …فمن يدري ؟ وحدها الجلسة المغلقة المرتقبة يوم الثلاثاء 16 ابريل كفيلة بالاجابة على السؤال في انتظار قرار مجلس الامن نهاية اكتوبر القادم و التطورات العسكرية بالميدان …