نص رسالة السيد وزير الداخلية الى ولاة الجهات وعمال العمالات والاقاليم وعمالات المقاطعات بشأن علاقة الإدارة الترابية بالهيئات والمصالح الخارجية.
من السيد وزير الداخلية
إلى
ولاة الجهات وعمال العمالات والاقاليم وعمالات المقاطعات
الموضوع : بشأن علاقة الإدارة الترابية بالهيئات والمصالح الخارجية .
سلام تام بوجود مولانا الإمام
وبعد، حرصت الدولة على القيام بمجموعة من الإصلاحات الجوهرية التي تهدف إلى ملائمة الدور الاستراتيجي للمؤسسات والادارات العمومية مع تحديات المرحلة ومع المتغيرات الكبرى التي مست السلوك الاجتماعي والفعل الاقتصادي ببلادنا.
تشكل المصالح الترابية لوزارة الداخلية في هذا الصدد جزء من هذه المقاربة الإصلاحية بالنظر إلى مسؤولياتها اليومية في تأطير وتدبير شؤون الساكنة وكذا مكانتها المحورية ضمن خريطة مؤسسات الدولة، والتي تعكس الرؤية الملكية السامية القائمة على جعل خدمة المواطنات والمواطنين أولوية أساسية تنطلق منها باقي الرهانات الاستراتيجية.
وفي هذا الإطار تتوفر الإدارة الترابية على جميع المقومات الدستورية والقانونية التي تمكنها من رفع التحديات المطروحة، ومن تجسيد تطلعات الدولة على أرض الواقع بشكل سليم والمساهمة في تدبير الشأن العام وفق قواعد الحكامة الجيدة ومتطلبات الفعالية والنجاعة.
واذا كانت اختصاصات ومهام مختلف الموظفين والمسؤولين الاداريين معلومة ومحددة بموجب نصوص تشريعية وتنظيمية ترسم بدقة مجال اختصاصهم النوعي، فإن الاختصاصات والمهام الموكولة إلى رجال السلطة تبقى مؤطرة بالعديد من المقتضيات التي تجد سندها في دستور المملكة والنصوص التشريعية والتنظيمية التي عهدت إلى السلطة الإدارية المحلية القيام بمجموعة من المهام المتشعبة في مختلف مناحي الشأن العام.
وفي نفس السياق، خول دستور المملكة وغيره من المقتضيات القانونية المتفرقة رجال السلطة من خلال السادة الولاة والعمال، اختصاص تمثيل السلطة المركزية على المستوى الترابي والسهر على تأمين تطبيق القانون، وبالتالي فهو يجسد بكل التزام ومسؤولية السلطة التنفيذية للدولة، بما يمكنه من حسن الاضطلاع بجليل المسؤوليات الملقاة على عاتقه.
وإلى جانب ذلك، يعيد إلى السلطة الإدارية المحلية باختصاص المحافظة على النظام والأمن العامين باعتبارهما من الاختصاصات الهامة المسندة إلى وزارة الداخلية، مما يلزم رجل السلطة باتخاذ كافة التدابير اللازمة بتنسيق تام مع المصالح الأمنية المختصة، لغاية صون وحماية أمن وسلامة المواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم، مع وجوب توخيه الحرص على تحقيق الملائمة بين واجبه في الحفاظ على النظام العام وبين مراعاة الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها في نطاق المشروعية القانونية.
وفضلا عما ذكر، فإن ما يبرز خصوصية رجل السلطة هو جاهزيته وقدرته على التدخل الميداني الاني الفوري للاستجابة للحاجيات المشروعة للمواطنين وحل مشاكلهم في إطار القانون. إذ يعتبر رجل السلطة فاعلا ميدانيا للقرب بامتياز، ومجسدا حقيقيا للمفهوم الجديد للسلطة المبني على حسن الإنصات والتفاعل الإيجابي مع المواطن.
وفي المقابل، وبالنظر إلى طبيعة الاختصاصات والمهام الموكولة إلى رجال السلطة، فإنه كان لزاما كذلك أن يقر المشرع حماية قانونية لهذه الفئة من المسؤولين، حيث تم التنصيص في الظهير الشريف رقم 67-1-08 الصادر في 27 من رجب 1429 { 31 يوليو 2008} في شأن هيئة رجال السلطة على تمتيع رجال السلطة بحماية الدولة مما قد يتعرضون إليه من تهديدات أو تهجمات أو إهانات أو سب أو قذف، وفقا لمقتضيات القانون الجنائي والقوانين الخاصة الجاري بها العمل، في ذلك مسطرة الامتياز القضائي.
من أجل ذلك، يتوجب على السادة الولاة والعمال الحرص على الإخبار الفوري للمصالح المركزية لوزارة الداخلية بكل استدعاء أو أية وثيقة توصلت بها الإدارة الترابية من لدن السلطات القانونية اللازمة في هذا الباب.
وتجدر الإشارة، في هذا السياق، أن الحماية التي توفرها وزارة الداخلية تتسم بأكبر قدر من الموضوعية الحيادية، خاصة بعد التأكد، انطلاقا من مساطر إدارية واضحة وثائق مثبتة، من أحقية رجل أو عون السلطة في الاستفادة منها، وذلك تحت طائلة اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة في حقه إذا اتضح خلاف ذلك.
من جانب آخر، تبقى مهام الإدارة الترابية تحت مسؤولية الولاة والعمال، حاسمة من خلال مواكبة عمل المصالح اللامركزية وتنسيق انشطتها وتحقيق التناغم والالتقائية فيما بينها، والدفع بهذا المسار بما يسمح بتنزيل أمثل للسياسات العمومية وتنفيذ جيد للقوانين والمساطر القضائية والإدارية، في إطار نوع من التعاون البناء والاحترام المتبادل.
إلا أنه أثار انتباه هذه الوزارة دعوة رجال السلطة بشكل جماعي من طرف بعض ممثلي هيئات ومصالح خارجية لحضور لقاءات أو اجتماعات، في ظروف لا تحترم خصوصيات مهامهم كسلطة إدارية محلية.
وإذ وجب التذكير في هذا الإطار بأن السادة الولاة والعمال ملزمون بالسهر، بموجب دستور المملكة، والظهير الشريف بمثابة قانون الصادر في 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العامل، وبموجب المرسوم الصادر في 26 ديسمبر 2018 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، على التنسيق مع المصالح الخارجية للوزارات، فإنهم يتحملون بالتالي كامل المسؤولية فيما يتعلق بالتدبير الناجع للعلاقات مع هذه المصالح.
من هذا المنطلق، يتوجب على السادة الولاة والعمال الاضطلاع بدورهم كاملا عند عقد الاجتماعات واللقاءات التنسيقية مع الهيئات والمصالح الخارجية على المستوى الترابي، كي لا تحيد عن غاياتها المهنية، وذلك من خلال ما يلي :
* الاستشارة المسبقة مع المصالح المركزية لوزارة الداخلية، ممثلة في المديرية العامة للشؤون الداخلية -مديرية الإدارة الترابية- من أجل تقديم المواكبة اللازمة عند الاقتضاء.
* تنظيم هاته اللقاءات بمقر العمالة والإقليم.
* الحرص على تعريف الهيئات والمصالح الخارجية بخصوصيات ومجالات تدخل رجل السلطة والحث على احترام مركزه المهني بما يخوله له القانون.
وحرصا من وزارة الداخلية على حفظ مكانة رجال السلطة ضمن المنظومة المؤسساتية، واعتبارا للدور الذي يقومون به على المستوى الجهوي والاقليمي والمحلي، فإن السادة الولاة والعمال مدعوون، كل في نطاق نفوذه الترابي، إلى السهر بشكل شخصي على مواكبة تنزيل هذه الإجراءات والتدابير بالشكل المطلوب وعلى البلورة الفعلية للأهداف المرسومة لهذه الدورية والتفعيل السليم لمضامينها.
والسلام.
وزير الداخلية
أعضاء: عبد الوافي لفتيت.