الواجهةثقافة وفنون ومؤلفاتشباب

المرحلة النهائية (الفوز) في برنامج القناة الثانية (Jam Show) لفن الراب

بقلم الدكتور عبد الله صدقي

قدمت القناة المغربية الثانية مسابقة(Jam Show) في فن “الراب” بإشراف فناني الراب المشهورين (ديزي دروس، والغراندي طوطو، وعثمان بنحمي وآخرين)، وهي سابقة نبيلة، ترفع الشبهات التي يُلحقها الكثيرون بفن الراب، وتؤهل فن الراب كفن راقٍ يحترم الحياة وقيمها، ويسعى إلى التمرد على القيم البالية المتجاوزة، تلك التي أكل عليها الدهر وشرب، داعية إلى التحرر من أشكال العبودية، والاستغلال، والابتزاز، والانتهازية، والاحتكار، والحكرة، والتهميش، والدعوة إلى إطلاق العنان إلى المخيلة المبدعة، عبر الكلمات الشاعرية الأنيقة المتناغمة مع الموسيقى، وهي تنساب كشلال بهدير صاخب بجمالية حرية التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والرؤى والأفكار واختيار أسلوب العيش…

 

بذلك نهيب بمكانة هذا الفن (الراب)، ونحسب هذه الخطوة قيمة مضافة إلى الفن المغربي، وقد تم من خلال حلقات البرنامج انتباه الرابوريين المشرفين (ديزي دروس، والغراندي طوطو، وعثمان بنحمي وآخرون) على برنامج (Jam Show)إلى أهمية ضبط قواعد وتقنيات خاصة بفن الراب، حتى يكسب مكانته اللائقة بين باقي الفنون المغربية، لذلك نلاحظ من خلال الأحكام التي انطلق الحكام يعلقون بها على ما قدمه المتنافسون أمامهم… وقد عبر الرابور الحكم ديزي دروس عن صعوبة ضبط التفوق بين المتنافسين، وشبه حال الحكام مثل من يريد أن يفاضل بين رياضيين، أحدهم متفوق في كرة القدم والثاني في كرة السلة والثالث كرية التينيس والرابع في كرة اليد …كذلك نبه إلى أن البعض من الناس، ومنهم الفنانون يظنون أن الراب موجة عابرة، مؤكدا أن الراب هو كذلك فن يمثل الثقافة المغربية.

 

حيث شرع الحكام (ديزي دروس، والغراندي طوطو، وعثمان بنحمي …) في البحث عن القواعد الفنية الضابطة لهذا الفن، لا من حيث الكلمات، ولا من حيث بنية قصيدة الراب، ولا من حيث مضمونها وقصصها المحمولة، ولا من حيث شاعريتها ولا من حيث حركات وتحركات الرابور فوق الخشبة أمام الجماهير، ودرجة التواصل والتفاعل مع الجمهور، ليدرك كل الناس خاصة منهم من يريد أن يزاول فن الراب الجميل، أن الراب فنُّ، والفن طابعه الجمال… إنه فن يحترم الحياة، ولا يبخسها ولا يخدش الحياء ، وإنما يبسط مقاربة حبلى بوابِل من أسئلة ومساءلة الواقع وتقاليد الشعوب وعاداتهم.

 

إن دور الفنان الرابور لا يخرج عن البحث عن الأسئلة الجوهرية، الخاصة بالقيم والحياة ونمط العيش، وهموم الإنسان اليومية ومصير الأفق، ومستقبل الشباب والمجتمع على حد سواء. لقد بات من الواجب الاهتمام بفن الراب في مغربنا العزيز، وإعطائه مكانة أثيرة، بل رعايته حتى يكون فنا يبني قيما جميلة، وحياة نظيفة من الظلم والتخلف، وقد نراه جديرا بذلك، بدلا أن نهمله ونحاربه، كما حورب الشعر الحر وشعر النثر والزجل، هذه الفنون التي أثبتت ذاتها وفعاليتها وكسبت جمهورها بعد عناء طويل وضياع وقت…

 

من هنا نرفع القبعة للرابور المحترم ديزي دروس، والرابور الفاضل الغراندي طوطو، والرابور الجليل عثمان بنحمي وآخرين ممن شاركوا في البرنامج كحكام) على المتنافسين في برنامج (Jam Show). وندعوهم بأن يكونوا سفراء للمغرب الأصيل، حماة للكلمة الطيبة البناءة … كذلك نحيي كل الرابورين المشاركين، الذين أدلوا بأجمل ما لديهم من نوادر قصيد الراب، ونخص بالذكر أولئك الأربعة الذين تأهلوا للنهاية بعد أن أمتعونا، وتلقوا كلمات التحفيز من الحكام، وتحميلهم مسؤولية الراب في المغرب شكلا ومضمونا واحتراما لبيوت تترعرع فيها الأجيال على القيم النبيلة حاضرة أو هاربة …

 

وأخيرا نهنئ الحكام ونشيد بنزاهتهم في الفصل والتقييم والمفاضلة، ثم نهنئ الرابور الفائز نزار … الذي أجمع الحكام كلهم على ما أبداه منذ البداية إلى النهاية، من جودة في الكلمات والحركات واللوك والأداء … فهنيئا لك يا نزار … وهنيئا للمغاربة بأربعة رابورين الجدد، معلنين أن الذي فاز اليوم ليس سوى مغربنا الحبيب … بكم نكون … مسيرة موفقة ومسؤولية أيها الرابورون تحملونها على كواهلكم … فلا تنسوا أنكم تقدمون فنا أصيلا، والفن طابعه الجمال وليس القبح … وأنكم مسؤولون عن الكلمة وعن أرضية هذا الفن الجديد ليصير مكسبا للمغاربة، وثوبا جديدا يحمل ما لم تستطع باقي الفنون حمله من الكشف والتعبير عن هموم الإنسان المغربي، وقضاياه، ومعاناته، وآلامه، وأفراحه، ومسراته، وشكواه، وتطلعاته، وتورته على كل ما يقف حجرة عثرة أمام تطلعات وآمال الشعوب …

 

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى