أخبار

بين السطور مَن الكبش ومَن المواطن بقلم الطيب العلوي

في استطلاعين أُجريا نهاية شهر ماي، الأول للمندوبية السامية للتخطيط والثاني عن المركز المغربي للمواطنة، تبين أن حوالي 55‎ % ‎ من المغاربة يجدون صعوبات في توفير مصاريف “العيد الكبير”، كما قد ينتهي المطاف بـ 48‎%‎ من المغاربة بالاستغناء عن ذبح أضحية العيد، بمعنى آخر، أن مغربيا واحدا من بين اثنين صار يعيش زمنا يضحّي فيه بهذه السنة المؤكدة.. والكل يعرف أن السبب الأساس في هذا هو الغلاء الذي أصبح سيد الأسواق، رغم إجراءات دون جدوى اتخذتها الحكومة، ولا أثر لها على أرض الواقع، وبغض النظر عن الأرقام المتناقضة أو المشكوك في صحتها(…)، والتي تقدمها الحكومة، حيث أعلنت أن القطيع الوطني بخير، وأنه يصل إلى 7.8 ملايين رأس، وهو نفس الرقم الذي أعلنت عنه السنة الماضية وكأن الجفاف والكوارث لم تساهم في نفوق ولو خروف واحد، ليبقى السؤال مطروحا: لماذا استيراد 600 ألف رأس من الغنم إذا كان الفائض أزيد من مليوني رأس ؟

وبما أن “كثرة الهم تضحك”.. فمن طرائف العيد، أن الفنان حمادي عمور رحمه الله، لما كان في عز عطائه، قدم في التلفزيون مسرحية هزلية عن كبش العيد، وكيف يتصرف في توزيعه بين زوجاته الأربع، ولم يكن عمور يعرف أن مجلس الحكومة برئاسة أحمد عصمان آنذاك، قد استمع إلى تقرير من وزير المالية، يعرض خسائر الدولة جراء عيد الأضحى، نهى بعده الحسن الثاني المغاربة عن ذبح كبش العيد، ورغم ذلك، قدم التلفزيون مسرحية حمادي عمور.. ليتصل الملك بوزير الإعلام عبد الهادي بوطالب غاضبا، لأنه كان يعلم أنه الوزير الذي دافع في المجلس عن فكرة إلغاء العيد، ولم يتوقف الملك عن مؤاخذة وزيره واتهامه بأنه صاحب الرواية، ورد عليه بوطالب بأنه “عمل التلفزيون وليس عمل الوزير”، حتى فوجئ الوزير والناس أجمعون، ليلة تقديم المسرحية، بالكهرباء تنقطع عن المغرب كله كأحسن وسيلة لتوقيف إذاعة المسرحية.. فلقد أعطى الملك أوامره للأجهزة بتوقيف المسرحية، فذهبوا أبعد من ذلك وقطعوا الكهرباء.

وسافر الملك إلى الولايات المتحدة في اليوم الثالث بعد العيد، ليفاجأ الوزير بوطالب وهو مع عاهله في واشنطن، بخبر: “اعتقال الممثل حمادي عمور، واقتادته الشرطة من منزله بعد أن عصبت عينيه، وذهب إلى حيث لا تعرف عائلته مصيره”، فأصدر الملك أوامره من واشنطن بأن يطلقوا سراح الفنان المسكين، تفاديا – بالتأكيد – لانتقاد أجهزة الإعلام الأمريكية.. (من كتاب “نصف قرن من السياسة” لعبد الهادي بوطالب).

تتمة المقال تحت الإعلان

حصل هذا في زمن قال فيه الملك عبارته المشهورة: “المغاربة ليسوا أكباشا”، زمن لم يتعد فيه ثمن الكبش الحقيقي ألف درهم، ليبقى لنا أن نتساءل عن هوية الكبش الحقيقي(…) في الزمن الذي بدأ فيه المغربي يقارن ثمن الكبش بثمن سيارته.

“عواشر مباركة”..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى