ثقافة وفنون ومؤلفات

رواية : كتبوا عن رواية “زقاق المدق” لنجيب محفوظ

إعداد : يوسف خليل السباعي

كتب عبد اللطيف الوراري:” سرديّات نجيب محفوظ هي الأقوى في الأدب العربي الحديث، فقد قُرئت على نطاق واسع وأثّرت في أجيال بأسرها؛ من هنا ديمومتها وفاعليّة خطابها عبر ما كانت تنتصر له وتُقيمه من عوالم ممكنة تترجّح بين نقد الواقع وشسوع الرؤية للعالم، وهذا كافٍ ليجعلها على الدوام في ميزان النقد وسلطة التأويل. في المغرب، قبل أن تهجم التكنولوجيا بقضّها وقضيضها، كانت رواياته بطبعاتها التجارية في كلّ مكان يمكن أن تتصوّره، بل وجدتها في غير سوق أسبوعي تأخذ مكانها جنبًا إلى جنب الصابون البلدي، وورقة سيدنا موسى، ومبيد الحشرات وقراطيس الشمع. قد تكون كتب مصطفى محمود زاحمتها في الانتشار، إلا أن وميض عينيه الغائمتين لا يصمد أمام الرسمات الزاهية والمريبة التي وضعها جمال قطب على أغلفة الروايات، ولطالما استوقفت فضول القرويّين وأسالت لعابهم. كانت أوّل رواية قرأت له في أيّام مراهقتي؛ هي “زقاق المدق”. قرأتها بتقسيط شديد كأنّي كنت أتناول دواءً غريب المذاق لا أريد أن ينفد بسرعة. إلى اليوم، وفي أحيان كثيرة، يتهيّأ لي أن حميدة ستأتي يومًا ما لتؤنّث العالم بعد تخليصه من “زيطة” صانع العاهات”.

وكتب معتز سلامة:”يتميز نجيب محفوظ في رواياته بحسن صياغته للجمل التي تعد علامات فارقة داخل أحداث الرواية، تنقل لنا الاحداث لوجهة أخرى، فعلى سبيل المثال يقول في زقاق المدق:

” وجاءت السيارة ففتح لها الباب، ورفعت قدمَها لتصعد إليها، ففصلت هذه الحركة بين حياتَين.”

في عبارة واحدة نجيب محفوظ وصف رفع قدم حميدة لتصعد السيارة بأنه يمثل الفاصل بين حياتها في زقاق المدق وما بين حياتها الأخرى التي تحولت فيها إلى شيء آخر”.

وكتب عائد خصباك :” “زقاق المدق / زقاق المعجزات”.

في الفيلم المكسيكي “زقاق المعجزات” المأخوذ عن قصة “زقاق المدق” لـ نجيب محفوظ، تمّ التصرف في أحداث خاتمة الفيلم ، فبدلًا عن أن يُقتل القوّاد المحترف “فرج”، كما في رواية محفوظ ، وقام بالدور “يوسف شعبان”، قُتِلت ضحيته “حميدة”، التي طمحت بتغيير حياتها حتى لو كان ذلك على حساب شرفها ،”قامت بالدور شادية”، قُتلت حميدة بطلقة طائشة فنُقِلت إلى زقاق المدق “زقاقها” في مشهد مأساوي، ربّما تمّ ذلك انسجامًا مع النظرة الأخلاقية العامة حول فلسفة الخطيئة والعقاب التي تتحكم في عقلية المشاهد العربي.

نعم انتقلت رواية “زقاق المدق “إلى المكسيك فكان عنوانها “زقاق المعجزات

Milagros: El Callejón de los

والعنوان هو أقرب إلى جمهور سينما أمريكا اللاتينية، الذي يرى في الواقعية السحرية السينمائية وغير السينمائية ملاذًا في التعبير عن مشكلاته المختلفة. أخرج الفيلم جورج فونس عام 1994، وكان دور البطولة لـ لبنانية الأصل “سلمى حايك”.

كانت سلمى تعرف قيمة مفاتنها، فما قصّرت على المشاهدين بعرض هذا وذاك. وقد كان الفيلم نقطة تحول في حياتها الفنية ،لأنه قادها إلى هوليود، وتم استقباله بحفاوة وكانت الجملة الأولى في تعريف الفيلم على مواقع السينما العالمية: “اقتباسًا عن رواية الأديب المصري الحائز على نوبل” نجيب محفوظ”

كانت سلمى حايك في الفيلم “حميدة ولكن بنسخة مكسيكية،” وعلى عكس ما ورد في نهاية الفيلم المصري، جاءت نهاية الفيلم المكسيكي مطابقة للرواية، مات القواد المكسيكي “فرج”، وحميدة المكسيكية لم تكن ساذجة مثل حميدة المصرية فهي تعرف كيف تصل إلى ما تريد”.

وفي شبكة تضاريس الأدبية، جاء هذا التلخيص للرواية:” رواية زقاق المدقّ من أشهر الرّوايات الأدبيّة التي كتبها نجيب محفوظ، أمّا زقاق المدقّ فهو جزء من مكان موجود في إحدى مُحافظات مصر، استهلّ به محفوظ روايته لوصفِ ونقل صورة ذلك المكان كما هي؛ فنجده قد وصف الزّقاق بمنازله، وطبيعة النّاس الذين يعيشون فيه، ومَحلّاته التجاريّة كافّةً، إضافةً إلى الشّعور بالملل، ورتابة الحياة هناك كعادة حياة المصريّين في المناطق الشعبيّة المُتشابهة. بطلة رواية زقاق المدقّ هي حميدة، شابّة في ريعان شبابها، وهي العمود الرئيسيّ للرّواية، وترعرعت وكبرت على يد صاحبة أمّها التي تكفّلت بها، وأيقنت حميدة أنّها وقعت في الدّائرة المُظلمة من الحياة، فهذا الزّقاق الذي تعيش فيه، وهذه الدّناءة والقذارة التي تملأ المكان كانت من الأمور التي أشعلت في داخلها نقماً على الزقاق وعلى حياتها؛ لأنّها ترى أنّ فتاةً مثلها مكانها في السّرايا وبيوت الهوانم، كما يجب أن تلبس أجمل الفساتين الرّاقية ذات الرّونق، والحُليّ ذات البريق، فترى أنّها تستحقّ حياةَ الرفاهيّة. وجدت حميدة مَخرجها من هذه الحياة التي كرهتها من خلال عباس الحلو، وهو من شباب زقاق المدقّ، فأغرَتهُ بجمالها، وسكنت هواه، واستغلّت عذوبتها ورقّتها لتنشل قلبه، فقد رأت في هذا الشّاب البسيط ملاذاً لها، ومَسكناً تلجأ إليه بقيّة عمرها، أمّا عباس فيعمل صاحباً لصالون حلاقة للرّجال، ويحصل منه على قوت يومه، والذي يُعينه على العيش ومصائب الدّهر، ويقع هذا الصّالون بجانب محل البسبوسة (الهريسة)، وصاحبه شخصيّةٌ أخرى في هذه الرّواية وهو (العم كامل) الكبير بالسنّ، وهو عجوز قد سَئِم الحياة، فيغمض عيونه أحياناً ليستغرق في نومه في وضح النّهار أثناء فترة عمله. لم يرَ عبّاس الحلو في صالون الحلاقة سبيلاً يكفيه ويُعيله هو وحميدة، فقرّر بعد قراءة فاتحتهما مع والدة حميدة وصاحب محل البسبوسة العم كامل أن يلتحق بمعسكر الإنجليز محاولاً البحث عن فرصة للعمل أفضل من عمله الحالي، لتُساعده على كسب المال الوفير فيَقدر على إدخال السّعادة إلى قلب حميدة. ضحّى عبّاس بالزقاق وصالونه من أجل حميدة التي لم تقتنع بمحاولته هذه، ولم يكفِها ارتحاله وتحمّله للمشقّة لأجلها، فاستمرّت بالبحث عمّن هو جاهز مُسبَقاً كي يُدخلها العالم الذي كانت تحلم به، دون أن تضطر إلى انتظار عباس لوقت أطول، وبعد محاولاتها المُتعدّدة كان لها ما أرادت؛ فاقتنصت غريباً عن زقاق المدقّ كان ينظر إليها من القهوة المُقابلة لنافذتها، وأُسِرَ هذا الغريب بما رأى، فحثه ذلك على الجلوس في نفس المِقعد أمام تلك النّافذة يوميّاً كي يرى تلك الفتاة الجميلة. تتوالى أحداث رواية زقاق المدقّ ويستمرّ سعي حميدة وراء النّقود، والملابس الفاخرة، والحياة الفارهة المليئة بالرفاهيّة، ويؤول بها الأمر إلى شخصيّة المدعوّ (فرج) ليلقي بها ما بين أقدام عساكر العدو، فنالت ما اشتهت من المال بعد أن باعت شرفها، وغيّرت اسمها إلى تيتي، وهجرت الحياة الكريمة القذرة بنظرها مقابل حياتها الجديدة والتي ندمت عليها ولكن بعد فوات الأوان”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى