مجرد رأي

الدكتور سلمان بونعمان يكتب المسيرة الخضراء..

 لحظة تاريخية فارقة في تاريخ المغرب السياسي والحضاري، مفعمة بالوطنية والتضحية والوحدة من أجل استكمال معركة تحرير الوطن واسترداد جزء أصيل من أرضه..
تجسد “المسيرة الخضراء” عبقرية الفكرة وسرية التخطيط وفرادة التنفيذ من لدن الملك الراحل الحسن الثاني، مما جعلها تحركا شعبيا منظما ومنضبطا وممتلئا بالروحانية والإيمان، حسم بطريقة فجائية وبنوع من الإصرار السلمي المعركة في مواجهة الاحتلال الإسباني، متفاديا بذلك الصدام العسكري وإراقة الدماء، ومؤكدا على فعالية التلاحم المبدع بين العرش والإرادة الشعبية والقوى الوطنية، مما حول فعل المسيرة إلى إرادة لا تقهر وقوة سلمية قادرة على انتزاع الحق ووصل المغرب بأقاليمه الجنوبية وصحرائه، فضلا عن فتح المجال المغربي على عمقه الإفريقي والحضاري والإسلامي.
كانت المسيرة شكلا من المقاومة السلمية الاستباقية والمبادرة الاستراتيجية لاستعادة الأرض والكرامة والسيادة، وستظل حركة غير مسبوقة ومناورة سياسية ذكية في الصراع مع الاستعمار وسياسات التقسيم والتجزئة. ورغم ما كان يحيط بها من تحديات إقليمية وجيوستراتيجية آنذاك صعبة ومعقدة، لم يفكر قائد الفكرة وشعب المسيرة في حركته وحِراكه في أن الإقدام على قرار المسيرة قد يشكل مغامرة أو تهورا قد يؤدي إلى مآلات مفتوحة وسلبية، بل اعتبرها المغاربة جهادا في سبيل الله وثمنا للحرية والتحرر، وأن هذه الأرض المسلمة تستحق التضحية بالنفس والمال وتطهيرها من دنس الاحتلال.
يحذونا دوما الأمل في استمرار روح المسيرة وانبعاث فعلها وحركتها ليشرق نورها التحرري في حاضرنا من جديد، ولكي يستمر توريثها للأجيال القادمة فكرة وروحا ومعنى وقيما، من خلال إحياء الذاكرة الوطنية عبر التربية والتعليم والإعلام والثقافة، لنكون في مستوى الأمانة والمسؤولية لكسب التحديات المحدقة بوطننا في مسيرته الطويلة نحو الحرية والديمقراطية والتنمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى