الفقيه سيدي محمد صغيري ينعي الشيخ أبا الفضل المختار أوعدي

    إنا لله وإنا إليه راجعون. لله ما أخذ وله ما أعطى. وكل شيء بأجل مسمى. في هذا اليوم أفل نجم من نجوم الدار البيضاء.

    وسقطت سارية من سواريها العامية. وانطفأت شمعة من شموع العلم والمعرفة. إنه الشيخ أبو الفضل المختار أوعدي.
كان رحمه الله يتحلى بخصال:

    أولها أنه كان أحد أبرز متقني تدريس علوم الآلة. من نحو وصرف ومنطق وأصول وبلاغة وغيرها. كان آية في تدريس علوم الآلة. له نفس طويل في تدريسها. وممارسة طويلة أكسبته مهارة وتفوقا في تلقينها.

    ثانيها أنه كان أحد رموز فقهاء المذهب المالكي. له ملكة فقهية متميزة. أحكم وضبط قواعد المذهب المالكي. وعرف أصوله وفروعه. واشتغل بتدريسه لعدة عقود طويلة. وكان رحمه الله يجيد شرح مختصر خليل. ويعرف دقائقه وتفريعاته.

    ثالثها انه ظل رحمه ظل طيلة حياته على نهج وسمت طلبة العلم والفقهاء. في زيه وفي ملبسه. وفي مجلسه. وفي كل تحركاته. إذا رأيته رأيت الفقيه الأصيل. الفقيه المتزن. الفقيه المثالي. لم يتفرنس في ملبسه. ولم بتقعر في منطقه. ولم يتكبر في مجلسه أو بين جلاسه. إذا رأيته رأيت أهل القرآ ن.

    رابعها أنه رحمه الله ربما الوحيد الذي ظل وفيا لدروسه العلمية. ولم ينقطع عن التدريس طيلة حياته. ولم يشغله عن التدريس أي شاغل. مجلسه العلمي مع طلبته هو روحه ومتعته. وهو رياضه وأنسه.

    دخل رحمه الله الدار البيضاء في أوائل عقد السبعينات من القرن العشرين. ومنذ أن وطأت قدماه الدار البيضاء. وهو يلقن العلم. ويعقد حلقات العلم في مسجده بالفيدير وفي بيته وفي مدرسة القريعة وفي مدرسة مسجد الحسن الثاني وفي معهد السباتة وفي غيرها. كانت له مجالس علمية متواصلة. يدرس مختلف الفنون والمنظومات الفقهية واللغوية وغيرها.

    رافقته رحمه الله في عدة أسفار. وقرأت عليه في بعضها بعض المنظومات العلمية كالزواوي

    كان رحمه الله خفيف الظل. جيد العشرة. هينا لينا. بشوشا مزاحا.

    كان رحمه الله معتدلا في منهجه العقدي والتعبدي.

    عانى في آخر حياته من أمراض متعددة. ومات رحمه الله عن عمر تجاوز الثمانين.

    رحمك الله ياصاحب النفس الطويل في تدريس العلوم.

    رحمك الله فقد غرست العلم لعدة عقود. ولأجيال عديدة. نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك. وأن يحشرك مع العلماء العاملين. وأن يثبتنا على الإيمان حتى نجتمع لك في الجنان.

    إنا لله وإنا إليه راجعون. وإنا على فراقك يا شيخ لمحزونون. من لمنابر العلم بعدك يا فارسها ويا بطلها.

    أيها الفقيه اللغوي الخليلي. أين فتاواك. وأين ترجيحا تك

    لا إله إلا الله. البقاء لله.