الواجهةثقافة وفنون ومؤلفات

العدد المليوني لمفردات اللغة العربية

سعيد بوسامر / الأهواز
    يشكك أو يتسائل البعض عن مدى صحة الرقم الخاص بمفردات اللغة العربية والذي يصل إلى ١٢،٣٠٥،٤١٢ وهل يعقل أن للعربية هذا الكم الهائل من الكلمات. نعم هذا العدد صحيح إذا أخذنا بالحسبان المُهمل( المنسي) والمستعمل والجديد من الكلمات معاً وليس من السهل أن نقوم بهذا. وهناک مقاییس إحصاء تختلف من مؤسسة إلى أخرى ومن باحث إلى آخر. خلافاً لما يظن بعض المهتمين عملية الإحصاء في اللغة العربية كما في أي لغة لا تتم عبر عدّ مفردات معجمٍ ما أيّا كان حجمه. هذا لأن المعاجم لا تذكر مئات أو آلاف المفردات التي هُجرت أو مئات وآلاف المفردات العلمية والتقنية التي تضاف إلى اللغة سنوياً وثانيا إن أغلب المعاجم لم تذكر المرادفات والأضداد. ثالثا المعاجم العربية تذكر من الأسماء مفردها وجمعها المكسر عادةً ومن الأفعال ماضيها ومصدرها فقط؛ وفي حال أن الأسماء تُصرَف على ٦ أو ٨ أشكال (مفرد مذكر، مفرد مؤنث، مثنى مذكر، مثنى مؤنث، جمع سالم للمذكر، جمع سالم للمؤنث، جمع تكسير للمذكر، جمع تكسير للمؤنث) وكذلك تصغّر وينسب إليها بياء النسبة وتُصرَف أيضًا على ٦ أشكال بعد التصغير وبعد النسبة إليها؛ ناهيك عن إضافتها إلى كل من الضمائر المتصلة! والأفعال في اللغة العربية تُصرف على ٥٩ شكلًا (الماضي، والمضارع، والأمر، والمضارع المؤكد بالنون الخفيفة والمضارع المؤكد بالنون الثقيلة) ناهيك عن اتصالها بضمائر النصب فكل شكل من الأفعال يمكنه أن يتصل بكل نوع من الضمائر! فكل هذا غائب في المعاجم. وإن خطر ببال أحدنا أن يقوم بعملية الإحصاء عليه أن يحصي المفردات إشتقاقا وتصريفا وتأنيثا والمردافات والأضداد .
    الأمر الآخر وهو أنّ لكل لغة من اللغات خصائص تمتاز فيها ولا يخفى على أحد أن اللغة العربية من أمتن اللغات تركيبا. فمن الممكن إحداث معان جديدة في اللغة العربية خاصة وفي اللغات السامية عامة، وذلك بإضافة زوائد تتألف من حرف أو أكثر إلى الأصول الثلاثية، فيتبدل بذلك معنى الأصل. فإذا أضفنا حرف الألف بين حرفي الفاء والعين من “فعل”، تغير المعنى، وصارت اللفظة “فاعل”، وإذا وضعنا حرف الواو بين حرفي العين واللام من فعل، تغير المعنى، وصارت اللفظة “فعول”، وهكذا. لا شك أنّه من الصعب جداً أن نحصي عدد المفردات في أي لغة فما بالك إذا كانت هذه اللغة العربية الإشتقاقية والمولده التي يمكن أن يولد منها مختلف المصطلحات لكافة العلوم .
    المصادر للإحصائية المتدوالة كثيرة فهنالك الكثير من المدونات والمواقع والجمعيات والموسوعات الالكترونية العربية والأجنبية التي تذكر هذا الرقم المليوني لمفردات اللغة العربية، وهناك الكثير من الباحثين الجدد والجمعيات المعنية باللغة العربية كجمعية مصر لتعريب العلوم والمجمع اللغوي بالقاهرة وغيرها من المؤسسات العلمية المهتمة بأسرار اللغة العربية ذكرت هذا الكم الهائل لمفردات اللغة العربية. كما أنّ الباحث الدكتور جواد علي في كتابه العظيم المفصل في تاريخ العرب يشير إلى عدد مفردات اللغة العربية: “وقد قدر بعض العلماء عدد ألفاظ العربية بنحو من ١٢،٣٠٥،٠٥٢ كلمة. ويعود سبب غناها في الألفاظ إلى كثرة وجود المرادفات فيها، التي هي من بقايا لغات قبائل، وإلى خاصية جذور الكلم فيها في توليد الألفاظ الجديدة بتحريك هذه الجذور”. هذا ما أثبتته نظرية التبديل والتحويل للباحث واللغوي الأمريكي “نعوم تشومسكي” والتي تقول بأنّ اللغة قادرة على إنتاج عدد غير محدود من الصياغات. في معجم الفردوس يذكر الفلوجي أيضا أن اللغة العربية تملك أغنى رصيد مفردات في العالم فهي تحتوي على (١٢٣٠٢٩١٢) كلمة. محمد مبروك ابوزيد في كتاب ظلال العقل العربي يشير إلى أن “اللغة العربية تحتوي على ١٢ مليون كلمة في حين أن اللغات الأخرى لا يتجاوز عدد كلماتها ١٥٠ الف كلمة”. جلال الدين السيوطي في كتابه المزهر في علوم اللغة وأنواعها يقول: وذكر حمزة الأصبهاني في كتاب الموازنة فيما نقله عنه المؤرخون قال: ذَكَر الخليل في كتاب العين أن مبلغ عدد أبنية كلام العرب المُسْتَعمَل والمهمل على مراتبها الأربع من الثنائيّ والثلاثي والرباعي والخماسي من غير تكرار اثنا عشر ألف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة آلاف وأربعمائة واثنا عشر(١٢،٣٠٥،٤١٢). وخلاصة قولنا هذا، نعم إنما العربية من أغنى لغات العالم إن لم تكن أغناها فهي عظيمة بعدد مليوني من المفردات لا تتحمله المعاجم وكتب اللغويات وتمر الأيام والسنوات وهي في نمو وتحديث وصمود واستمرار وانّها لغة إختارها الله جل جلاله كآخر رسالة للبشرية وعلی أبناءها أن يجعلوها نبراساً في حياتهم ولا یهجروها في أحادیثها الخاصة والعامة .
المصادر التي راجعها الباحث :
أبوزيد، محمد مبروك. ظلال العقل العربي، مسقط رأسي على المجتمع العربي من منظور سيكولوجي. المجلد الأول، صفحة ١٥٥.
السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر. المزهر في علوم اللغة وأنواعها. المجلد الأول، صفحة ٥٩.
الفلوجي، مهند عبدالرزاق. معجم الفردوس: الجزء الأول. صفحة ٢٥.
الفراهيدي، خليل بن أحمد. كتاب العين. تحقيق عبدالحميد هنداوي. نشر دار الكتب العلمية،٢٠٠٣.
علي، جواد. المفصل في تاريخ العرب. الفصل الخامس والثلاثون بعد المئة اللغات السامية، ص ١٩٥٧.
Cook,V. J & Newson, M. Chomsky’s universal grammar , an introduction. Blackwell publishing.
مقال بموقع: lonet.academy

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى