أبو أيوب يكتب “مصيدة سدنة”

بقلم أبو أيوب

    بلغة الضاد “السدنة” تعني علية القوم ، و مناسبة الكلام مستجدات الخليج الفارسي و محاولات التصعيد العسكري الأمريكي (تسمية الخليج وفق منطوق القانون الدولي و خرائط العالم ..) ، و أخبار التورط الإسرائيلي ( الغواصة النووية التي أبحرت عبر قناة السويس في اتجاه باب المنذب و الخليج و هي طافية فوق مياه القناة ) ، قلت السدنة … هي (السدنة) اليوم في ورطة في منطقة الخليج و أن لها إرتدادات على كامل جغرافيا الشرق الأوسط الكبير بما يشمل شمال إفريقيا ، أي بما معناه ، تنسيق وثيق و تمدد محور و حلفاء بعدما سيطر على مياه الأبيض المتوسط ، على حساب حلف و أدوات يتفتت و يتبدد على ضوء ما يعتريه من خلافات و تباين السياسات .

    دليل صوابية التحليل ، ما أقدمت عليه أمريكا من خلال سحب حاملة الطائرات نيميتز بعيدا عن مياه الخليج ، أي خارج مديات الدفاعية البحرية الإيرانية …، و هو ما يعطي الإنطباع بأن أمريكا تدعو للتهدئة ، لكنها في المقابل تبقي على وسيلة ضغط عبر إقحامها الغواصة النووية التي دخلت الخليج ، و على مثنها طاقم من 70 عسكري و ما يزيد عن 154 صاروخ طوماهوك ، مما يوحي بقصة العصا و الجزرة في الوقت الذي شارف فيه مايسترو الشو المنتهية ولايته …، أي إدارة أو حكومة تصريف الأعمال كي لا تتعطل مؤسسات الدولة … في انتظار تنصيب الوافد الجديد ، و هذا موقف ضعف بتقديري ، ينضاف له عدم توافق القيادات العسكرية و البنتاغون ( الأغلبية عبرت عن عدم استعدادها أو رضاها عن خوض حرب جديدة ) ، بشأن أية محاولة قد تعتبر خرقاء أو جنونية إذا ما أقدم ترامب على شن حرب ضد إيران لتوريط الإدارة القادمة ، و هذا ليس في مصلحة أمريكا و لا العالم على حد سواء ، لعدة أسباب من ضمنها جائحة كورونا و تداعياتها الإقتصادية على الصعيد العالمي ، لذا سيطرت البرغماتية و التعقل …، أجزم كما جزمت سابقا في مقالات عدة حول محور و حلفاء يتمدد ….، أن ليس هناك حربا في الخليج رغم التهويلات عبر ما يتم تسريبه حول حشود و تحشيد و طبول حرب ، و هذا راجع أيضا لعدة أسباب جيوستراتيجية قد تقلب الموازين رأسا على عقب ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

* أكبر حاملة طائرات برية ،و أشدد على برية أمريكية ، في العالم تتوفر عليها دولة إسرائيل …، و الأمريكيون متيقنون أنها ضمن بنك الأهداف في حالة تعرض إيران لهجوم عسكري كيفما كان نوعه ( إسقاط المفخرة و أستهداف قاعدة عين الأسد بالعراق مثال ) .

* القواعد الأمريكية بالمنطقة بما يشمل تواجدها العسكري بأفغانستان توجد ضمن بنك الأهداف ، و للإشارة لم تتوصل أمريكا بعد إلى اتفاق مع حركة طالبان بخصوص الإنسحاب/ المفاوضات مع الجانب الروسي للسماح بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عبر الأراضي الروسية لم تفض إلى نتيجة/ المنفذ البري الوحيد عبر باكستان يمر من منطقة القبائل التي توالي حركة طالبان/ جنوبا إيران غير المهتمة أصلا بمصير الجنود الأمريكيين .

* تيقن أمريكا من أن هناك طوق حصار مشكل بأكثر من 200 ألف صاروخ دقيق بمختلف الأحجام و المديات ، يهدد مصالحها الإقتصادية و نفوذها بالمنطقة و أدواتها بالمنطقة ، و هم ضعاف و بيوتهم من زجاج بما في ذلك إسرائيل نفسها ، بالتالي لن تقبل أمريكا جزما على المخاطرة بشن حرب بمنطقة هي فيها محاصرة ، كما أنها لن تقو بالمطلق في حالة شنها الحرب على تحمل تكاليف الحرب ( نعوش طائرة صوب الوطن ) ، و المجتمع الأمريكي لن يتقبل و لو بعض حين رؤية النعوش الطائرة ( فيتنام/ الصومال / العراق مثال….) .

* وضع حد لتبعية أمريكا لنفط الخليج بعد اكتشافها لمخزونات استراتيجية للنفط الصخري ، يغريها على عدم خوض مزيد من الحروب بالنيابة ( العراق مثال ) ، و ما وقع من هجومات بالسعودية و الإمارات بعدما ضمنت أمريكا الحماية إلا خير دليل ( حلبت البقرة الحلوب و لم تؤمن الحماية ) . بالتالي لن تضحي بحياة مواطنيها لا سيما و أنها تعيش فصول مخاض سياسي و اجتماعي و اقتصادي ، و هي اليوم في أمس الحاجة إلى رأب الصدوع من زاوية أبجديات سياساتها المبنية على المصلحة أولا ، و البرغماتية ثانيا ، لاستعادة مكانتها الرائدة على الصعيد الدولي ثالثا .
من أجل استعادة المكانة هذه ، ليس لها من سبيل إلا العودة الى قرارات الشرعية الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة ، لا سيما بعدما جربت تورطها في العراق خارج إطار الشرعية الدولية ، و ما ترتب عن هذا من تداعيات و تعقيد أزمات ، و هي اليوم تسعى جاهدة لتوفير مخرج مشرف للانسحاب شرط أن لا يكون تحت القصف ( الضعيف لا يملي شروطا ) ، دليل هذا تخريجتها الجديدة القديمة بشأن الملف النووي الإيراني، المطالبة بإعادة المفاوضات من جديد و إدماج ملف الصواريخ الباليستية و ملف سياسات إيران بالمنطقة ، رغم علمها بالرفض المطلق الإيراني المتمسك بنص و روح قرار مجلس الأمن الدولي لسنة 2015 بخصوص الملف النووي الإيراني الذي اعترف لها بأحقيتها في استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية، لذا المنطق و العقلانية و البرغماتية توجب الرجوع إلى قرارات الشرعية الدولية .

* ما تعيش على وقعه من صفيح ساخن الربيبة إسرائيل ، سياسيا عبر أزمة الحكم المتفاقمة على ضوء وضع غير مستقر و انتخابات سابقة لأوانها للخروج من الأزمة ، عسكريا و رغم القفزات العسكرية بسوريا و قطاع غزة بين الحين و الآخر و تهديد لبنان ..، و إجتماعيا على ضوء احتجاجات شعبية بكبريات المدن و المستوطنات الإسرائيلية ، إحتجاجا على الأوضاع الإجتماعية المتفاقمة و تنديدا بسياسات نتنياهو ، تخللتها دعوات مطالبة باستقالته هو و حكومته …، أحداث تتسارع بالداخل الإسرائيلي وسط متابعات و تحريات و تقارير في ملفات فساد طالت رئيس الوزراء و زوجته .

* الإنكسارات المتتالية لقوات التحالف العربي الأكثر من ثلاثيني بقيادة السعودية و الخسائر الناجمة عن الحرب في اليمن ، خسائر أضعفت أكثر من نفوذ أمريكا بالمنطقة ، لا سيما بعد تفكك أواصر الحلف و انسحاب عدة دول ( المغرب مثال) ، ثم على ضوء تسجيل نقاط في الملف السوري العراقي الفلسطيني اللبناني ( و هي دول تنتمي لمحور و حلفاء ) ، على حساب المصالح الامريكية بمنطقة الخليج و شمال إفريقيا لما للمنطقتين من ترابط مصالح و ربط مصير مع التمسك باستقلالية القرار السياسي السيادي بما يخدم مصالح المحور و الحلفاء ( إيران شرقا و الجزائر غربا و العراق و سوريا و لبنان و فلسطين وسطا ) .

    غيض من فيض من مجمل بواعث على انعدام أية رغبة أمريكية بالإقدام على المخاطرة بمصالحها سواء اليوم أو بعد غد ..، الأمر ليس راجعا إلى عدم القدرة عل خوض حرب ( من حيث الإمكانيات و القدرات و التفوق العسكري الذي لا يجادل فيه أحد ) ، بل مرجعه إلى عدم رغبتها بالمخاطرة في رهان حرب تعرف بدايتها و هذا امر أكيد ، و المؤكد أيضا أنها لا تستطيع التنبؤ بنهايتها .
حرب إذا ما إستعر أوارها بالأكيد أنها ستطول بحسب كل المحللين و المراقبين ، تفوق بكثير حرب فيتنام و قد ترقى من دون أدنى شك إلى حرب عالمية ثالثة تدرك هي أنها الخاسر الأكبر فيها ، حرب إذا ما ٱندلعت ستشمل بالضرورة كامل جغرافيا الشرق الأوسط الكبير و شمال إفريقيا ، بالتالي ستكون حربا ضروسا بين محور و حلفاء يتمدد و حلف أمريكا و أدواتها بالمنطقة ، و هي في الوقت الراهن في غنى عنها حفاظا على مصالحها ، لذا ستركن للتهدئة و الرجوع إلى قرارات الشرعية الدولية ( الإذعان للإتفاق النووي دون شروط مسبقة/ العودة الى اتفاقية المناخ … مثال ) ، مع بعض الإستثناءات فيما يخص أمن إسرائيل من زاوية رؤية الدولتين .

    قد تكون هناك حروب أو مناوشات عسكرية بالنيابة ، للتغطية على مفاوضات تهم ملفات المنطقة في شموليتها ، و منها سيكون المنطلق الى بناء علاقات دولية جديدة قوامها قرارات مجلس الأمن الدولي و ميثاق الأمم المتحدة ، لذا أصبح من الممكن الكلام عن بداية عالم متعدد الأقطاب لا محل فيه لقانون الغاب ، بخاصة بعدما إستفردت كورونا بكبريات الدول و شلت إقتصادات العالم .
زوار موقع ليل الجديدة نيوز و متتبعيه ، كانت هذه خلاصة سيناريو محتمل الوقوع وفق التسريبات و التحليلات ، فلننتظر و نترقب ما ستؤول إليه شطحات الأشقر الفظ و رقصات الديك المذبوح …، دون كيشوت الزمن الأمريكي الرديء و المنتهية ولايته ، أشقر فظ قدم قربانا من ضمن قرابين على هيكل المعبد .

About momo

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

حادثة سير خطيرة بمولاي عبد الله وسيارة الإسعاف بالجماعة ترفض نقل المصابين بدعوى عدم توفرها على البنزين

وقعت قبل قليل حادثة سير خطيرة أصيب خلالها شابان إصابات خطيرة بعدما ارتطمت الدراجة النارية ...