أخبار دوليةالواجهة

مقاطعة بضائع أم إنهيار مواقع

بقلم أبو أيوب

    الحملة الشرسة التي شنتها فرنسا الرسمية بكل وقاحة على الإسلام و أمة المليار و نيف ، لن تمر دون رد أو مضاعفات ، و أكيد أن الشعوب العربية انتفضت وستنتفض و لو على فايسبوك و ذلك أضعف الإيمان ، كما هو مؤكد من خلال المواقف الرسمية المحتشمة للدول العربية و الإسلامية و استنكارها الشديد لما بدر عن فرنسا الرسمية من خطاب الكراهية ، و قد يتفاوت حجم الغضب من دولة إلى أخرى لكن نهج التنديد و الشجب و الغضب لن يكفي وحده لكسر شوكة الهجمة .

    و بما أننا أمة تعرضت للهجوم و تشن عليها الحرب … فمن واجبنا التصدي لإحباط مخططات الأعداء و تأمين و حماية وجودنا و استقلالية قرارنا السياسي و العقائدي ، و بحسب العقيدة العسكرية التي تؤمن بها كل جيوش العالم في الدفاع ( أحسن استراتيجية للدفاع هي الهجوم La meilleure défense c’ est l’attaque ) , و الهجوم يستلزم تكتيكات و لكل مرحلة تكتيكها الخاص استنزافا لمقدرات الخصم ( عسكريا – إقتصاديا – سياسيا – لا سيمها عمقه المجتمعي حاضنته الشعبية من زاوية ما تمثله من دور جيوستراتيجي في ترجيح الكفة ، إذ بدون حاضنة يستحيل بالمطلق ربح الحرب ، تجربتي أمريكا و فرنسا في فيتنام مثال ) .

    تكتيك الحرب التجارية أساسي لربح معركة لكنه غير كاف لمواصلة حرب من منظور أن الحرب هي مجموعة معارك تخاض على جبهات متعددة ، و بحكم أن الخصم له خططه و مخططاته البديلة ، من بينها مثلا اللجوء إلى التهدئة امتصاصا لغضب الطرف الآخر ، أو بعث رسائل للتبرير و تلطيف الأجواء و أن التصريحات فهمت “غلط” … بالتالي على الطرف المقابل ألا يستكين للمهدئات المرطبات الداسة للسم في العسل . 

    الإدعاء مثلا بكون الرئيس الفرنسي لم يقصد الإهانة بقدر ما قصد الدفاع عن حرية الرأي و التعبير التي تكفلها كل الشرائع السماوية و القوانين الدولية ، و أن فرنسا الحريات و العدالة و المساواة تحترم حقوق الأقليات و تصون كرامة الإنسان …. ، أو من قبيل أن المنتفضين هم مجرد أقلية ، داعيا الدول العربية و الإسلامية إلى وضع حد للمقاطعة …

    تكتيك لجأ إليه ماكرون الغرض منه دغدغة عواطف من أجل تراخي قبضة مقاطعة منتوجات ، و نزع فتيل المواصلة و الحد من تداعيات المقاطعة اقتصاديا ، و هو في هذا يتوجس من تداعياتها و ما تلحقه من أضرار بالجانب الإجتماعي للدولة الفرنسية ( الحاضنة الشعبية للنظام السياسي الفرنسي لا تتقبل تدهور الأحوال المعيشية لا سيما و أن شبح السترات الصفراء لا زال جاثما على صورة فرنسا الحريات ) .

    بالرجوع إلى أساسية تكتيك المعركة التجارية ، أود أن أشير إليها من نظرة شمولية لكافة أصناف المنتوجات الفرنسية ، أي بما معناه الإلتفات إلى استراتيجية الحرب و ليس إلى تكتيك المعركة ، بالتالي لا يجب الإقتصار في هذه الحرب على الجانب الإقتصادي الخالص فقط ( ماركات مصنعة فرنسيا أو مرحل تصنيعها في بلدان أخرى و من مختلف الصناعات كانت ) ، بل استراتيجية الحرب توجب بالضرورة إحداث أكبر خسارة ممكنة و استنزاف مقدرات العدو و شل حركته .

    و لن يتأتى هذا إلا بانتهاج الهجوم كأفضل خطة للدفاع من خلال استهداف منتوجات ذات حمولية سياسية على شكل نظم و أنظمة ( المستعمرات الفرنسية السابقة بإفريقيا مثلا ) ، حقيقة استغلال ماما فرنسا سياسيا و اقتصاديا لمستعمراتها السابقة لا يجادل فيها اثنان ، و الهجوم عبر هذه الزاوية سيكلف ماما فرنسا ما لا تحتمله طاقتها ، بالتالي سيسهل من عملية كسر الشوكة و قص الأجنحة ربحا للحرب و بأقل الخسائر ( التجربة المالية مثال ) .

    بعدها الإستراتيجي ينجلي من خلال تفكيك منظومة استعمارية استغلالية لمقدرات و ثروات الشعوب الإفريقية ، لا سيما إذا ما علمنا على بفرنسا الحريات هي أول من ينتهك هذه الحريات و يستعبد الشعوب المضطهدة و يستنزف خيراتها ( ثالث احتياط عالمي من الذهب في الوقت الذي لا تنتج ذهبا بالمطلق/ أكثر من 440 مليار دولار تسرقها من مستعمراتها بإفريقيا على أقل تقدير / فرنسا تعيش و تسترزق و تستثمر في مآسي الشعوب ” الحرب الأهلية ببوروندي مثال” بالتالي هي مصاصة دماء VAMPIRE …) .

    من يريد اليوم مقاطعة منتوجات فرنسا الصناعية عليه أيضا أن يقاطع منتوجاتها السياسية من دول و تشكيلات حزبية و كارتيلات صناعية و لوبيات … أما الإكتفاء بالمعركة التجارية و نسيان الحرب الوجودية لن يأتي بالفوائد المرجوة ، بالتالي ربح معركة على حساب تجميد حرب مضيعة للوقت و استخفاف بالعقول و إطالة لأمد الإستغلال و العبودية .

    فرنسا الرسمية اليوم تعبر بصدق عما لم يجرؤ على الصدح به جهارا كهنة المعبد ، في إشارة للماسونية العالمية أو البناؤون الأحرار أصهار حاكم فرنسا ( حرمه يهودية صهيونية من آل روكفيلر و هي من ساعدته في الوصول إلى ما هو عليه اليوم من سلطة و جاه …) ، بالتالي هو ناطقها الرسمي ، و من أراد الإنخراط في المعركة الوجودية ” الإسلام و نبيه المصطفى مسألة وجودية لقاطبة المسلمين باختلاف مللهم و نحلهم و فرقهم ” ، قلت من أراد … فما عليه إلا أن يلتفت للحرب في شموليتها و يستعد لها بكل ما أوتي من قوة و عزيمة … و من الرؤية ذاتها تصبح الحرب حرب وجود و ليست معركة حدود و نفوذ …

    زوار موقع الجديدة نيوز ، بهذه القراءة المبسطة لمجريات الأحداث المتسارعة ( إحراق السفارة بالسودان/ مسيرات تركيا/ استنكارات الدول العربية و الإسلامية … مثال ) ، ربما أكون قد ساهمت قدر المستطاع كمسلم في إماطة اللثام عن الكره و الحنق و التضايق الشديد الذي تشعر به فرنسا الرسمية من انتشار الإسلام في ربوع أوروبا .

    تضايق و حنق عبر عنه الرئيس ماكرون أثناء استقباله للرهينة الفرنسية بالمطار بعد إطلاق سراحها بجمهورية مالي ، رهينة بمجرد أن وطأت رجليها أرض المطار ، أعلنت أمام وسائل الإعلام أن إسمها أصبح هو مريم و أنها فخورة باعتناقها الإسلام ، و لعلي بها تريد بعث رسائل من خلال رمزية قدسية الإسم ( الإسلام يبجل مريم العذراء و المسيحية تقدسها ) ، بالتالي هي بتقييمي من الزاوية الدينية دعوة لنبذ العنف و تآزر بين المسلمين و المسيحيين ، بدل التحالف و الإصطفاف إلى جانب من حاربوه و قتلوه ثم صلبوه في إشارة إلى النزعة المسيحية الصهيونية .

    بمجرد المجاهرة بإسلامها و تسميتها مريم ، تجهم وجه ماكرون و اصفرت ملامحه ثم سارع إلى مغادرة المطار ، ملغيا الكلمة التي برمج لها احتفالا بعودة الرهينة و من ثم استغلالا للحدث للرفع من شعبيته المتدنية … اليوم أجزم بما نطقت به سابقا في مقال ” باي باي ماما فرنسا ” ، و رهان من لا يزال يبجلها كالرهان على الحصان الخاسر ( الطوكار) و ما هي إلا مسألة وقت … و الأيام بيننا .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى