شبيبة العدالة والتنمية : “نداء الأخوة والوحدة إلى إخواننا الشباب في مخيمات تندوف”
إن شبيبة العدالة والتنمية وهي تطلق هذا النداء، انطلاقا من موقعها كفاعل شبابي مغربي، ووعيا منها بدقة التحول النوعي الذي تعيشه قضية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وانطلاقا من مسؤوليتها التاريخية إلى جانب كل القوى الحية في بلادنا وكل أطيافه الثقافية والسياسية.
واستلهاما لروح وتعاليم ديننا الحنيف المبثوثة في قوله تعالى في محكم تنزيله: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا” (آل عمران)، وقوله تعالى في سورة الأنفال: “وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين”.
وإيمانا بمبادئ الأخوة والوحدة والتضامن التي تجمع بين كل مكونات الشعب المغربي المتعددة الروافد الثقافية واللغوية والتاريخية، التي تزين جغرافيته من أقصاها إلى أقصاها وتشكل مصدر قوته في مواجهة مختلف التحديات التي مرت منها الأمة المغربية.
واستنادا إلى محطات تاريخنا المشترك، والتي أكدت أن الشعب المغربي بمختلف مكوناته قادر على إعادة صنع أمجاد الأمة المغربية كما صنعها عبر تاريخه الممتد بمساهمة كل قواه الحية من الجنوب إلى الشمال، وهو أمر ليس بعزيز عليه، وقد مرت عليه كثير من النوائب فتجاوزها بهمة عالية متسلحا بما جبل عليه من عزيمة وتلاحم.
ووعيا بأن الشعب المغربي سيفوت الفرصة مرة أخرى على تجار المآسي والحروب وبائعي الأوهام وصناع العداوات الذين يسعون بكل ما أوتوا من إمكانيات لإضعاف اللحمة الوطنية لبلدنا ، ويسعون في كل مناسبة لتوقيف المسيرة الحضارية للشعب المغربي من أجل العيش بكرامة وحرية.
واستحضارا للنداء الخالد الذي أطلقه المغفور له الملك الحسن الثاني:” إن الوطن غفور رحيم ” والذي أكده من بعده جلالة الملك محمد السادس في العديد من خطاباته حيث جاء في خطاب العيون 2006 “كما نحثكم على اقتراح كل المبادرات الكفيلة بعودة واندماج مواطنينا المحتجزين بمخيمات تيندوف، في وطنهم الغفور الرحيم،ؤالذي يضمن لهم الكرامة والحرية الضروريتين للمساهمة في مواصلة بناء المغرب القوي بوحدته وديمقراطيته”.
وإيمانا بأن روح العصر يفرض على شعوب المنطقة أن تنشد الوحدة والتكتل لا الفرقة والتجزئة، وأن مستقبلها يكمن في تجاوز كل خطابات التفتيت التي تقتات من أدبيات الأزمنة المظلمة للاستعمار، والتوجه بروح التضامن والوحدة إلى الآفاق الرحبة للوطن الواحد والأمة الواحدة والشعب الواحد.
نوجه نداءنا، باسم الاخوة ، و روابط الدم والقرابة والرحم، وباسم التاريخ الواحد والعيش في الرقعة الجغرافية نفسها والمصير المشترك؛ و بروح صادقة ونية خالصة وأمل كبير في الاستجابة، إلى إخواننا الشباب ، وإلى باقي أبناء شعبنا من المحتجزين بمخيمات تندوف، ونحن موقنين بأن لا مستقبل لنا، في ظل الفرقة وأن في الوحدة كل الخير؛
وبرغبة صادقة وأكيدة في المساهمة الجادة في إزالة عوائق وهمية ومتوهمة، من على طريق عودة المياه إلى مجاريها لتروي الأرض فتُخرِج حبا ونباتا، وتطفئ ظمأ الإنسان لتزول الغشاوة عن عينيه؛
نوجهه باسم النفوس التي أرهقتها الخلافات والصراعات العقيمة، وأعيتها معارك تخاض بالوكالة عن أطراف لا تتحمل أن يلعب المغرب أدواره الحضارية الكبرى، بما يعود بالربح المشترك على الجميع في الشمال والجنوب؛
ونلفت معه الأنظار إلى حقنا الجماعي كشباب مسكون بهموم المستقبل تخطيطا وبناء، وبحقنا في تجاوز الماضي بأخطائه، والتي لن تكون حاجزا أمام كل مكونات الشعب المغربي للمساهمة في بناء المستقبل الذي يحلم به الشباب المغربي بمختلف مكوناته السياسية والفكرية والاجتماعية؛
نوجه إليكم نداءنا، ونعتقد اعتقادا جازما أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية تعتبر فرصة تاريخية ورائدة ليحقق سكان المنطقة إرادتهم عبر آليات عصرية وديمقراطية لتدبير شؤونهم الذاتية تحت السيادة الوطنية وفي ظل وحدة الوطن والأمة المغربية؛
ننادي إخواننا، ولا نملك صفة أخرى أحب إلينا، لننادي بها الشباب الذين فتحوا أعينهم على الصراع المصطنع والنزاع المفتعل حول أقاليمنا الصحراوية، ممن فرقت بينهم وبين أبناء عمومتهم وقبائلهم وعموم أحرار الأمة المغربية، أيادي الاستعمار التي ما تزال تحاول أن تجعل هذا النزاع وقتا مستقطعا وضائعا من التاريخ المجيد لأهل الصحراء في دفاعهم البطولي عن حريتهم وسلامة أرضهم وعزة دينهم ووحدة وطنهم؛
نوجه نداءنا إليكم يا أهلنا في تندوف وفي غيرها، وكلنا أمل أن أبناء الصحراء الأحرار وخاصة الشباب سينتفض من أجل كرامته رفضا لمنطق المتاجرة بكرامته ومستقبله من قبل من لا يرون في الإنسان الصحرواي إلا حجرة في حذاء وحدة المغرب وشعبه، وستنتفض نخوته رفضا لسياسة استجداء وطلب فتات المساعدات الإنسانية الدولية باسمه على أبواب الدول والهيئات الدولية؛
نوجه إليكم نداءنا أيها الشباب في مخيمات تندوف، لتنظروا إلى الأمام وإلى المستقبل، وتسارعوا إلى تحقيق كتابة صفحة جديدة في التاريخ بالمساهمة في إنهاء سنوات المعاناة، وقطع الطريق عن كل طامع يتحين الفرصة لتطأ أقدامه أرض المغرب، فلا مستقبل لنا إن لم نكن نحن الشباب فاعلين ومؤثرين فيه، من خلال المشاركة الجادة والفاعلة تحت سقف الوطن الذي ورثناه جميعا عن أجدادنا، والذي ورثنا معه معاني المقاومة، مقاومة جموح الذات نحو الاستفراد بالسلطة وبالثروة، ومقاومة مشاريع التفرقة على أساس اللغة أو المنطقة أو العادات والتقاليد، ومقاومة الإحباط واليأس ؛
نوجه إليكم نداءنا لنؤكد لكم أن المغرب مستمر في فتح ذراعيه وأحضانه لكل أبنائه ليضع كل منهم بصمته على لوحة الصمود التي يرسمها رغم كل الصعاب والإكراهات والتحديات، ويترجمها إلى إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية؛
إخوة الوطن، تعالوا إلى كلمة سواء، أن يظل المغرب حرا أبيا، يجد فيه كل أبنائه، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، حقهم وحظهم في الاستفادة من خيراته وثرواته، مع التذكير أن وطننا الحبيب يسجل مستويات متصاعدة في مؤشرات التنمية في كل ربوعه، وخاصة في أقاليمنا الجنوبية العزيزة، كما يسعى لتطوير مسلسل الدمقرطة من خلال تمكين الساكنة من حق اختيار من يمثلهم ويترافع عن قضاياهم؛
نناديكم ونؤكد أننا ورغم قطعنا أشواطا مقدرة في مسار التنمية والديمقراطية والحقوق والحريات، فإنه بكل تأكيد لا زالت هناك حاجة لمزيد من النضال، وسيكون من واجب الشباب الصحراوي في مخيمات تندوف أن يتخذ قراره بالعودة لحضن الوطن من أجل المساهمة في هذا المسار النضالي الطويل إلى جانب كل المكونات الأخرى للمجتمع المغربي؛
فهلموا إخوة الدين والوطن، لنتكاثف في الصف ذاته، لمواجهة التحديات المستجدة التي تفرضها التحولات الجارية في عالمنا، والأخرى المتجددة التي يفرضها علينا موقع بلدنا في ملتقى عوالم مختلفة وفي ملتقى حضارات مختلفة، نناضل سويا مهما اختلفت الزوايا التي ننظر من خلالها، ومهما اختلفت المشارب الفكرية التي ننطلق منها، فليس الاختلاف إلا رحمة وتكاملا، وليس الكمال إلا لله عز وجل.
حرر بالداخلة في 19 ربيع الثاني 1442
الموافق لـ 05 دجنبر 2020
محمد امكراز
الكاتب الوطني