كتاب:” الفيزياء الاجتماعية ؛ كيف يمكن للشبكات الاجتماعية أن تجعلنا أكثر ذكاءً؟ “
كتاب:” الفيزياء الاجتماعية ؛
كيف يمكن للشبكات الاجتماعية أن تجعلنا أكثر ذكاءً”
Book:Social Physics: How Social Networks Can Make Us Smarter)
المؤلف :الاستاذ أليكس ساندي بنتلاند (Alex Sandy Pentland)،
مقدمة موجزة للكتاب :الباحث الإعلامي رافد عجيل – العراق
يقدم الباحث بنتلاند في كتابه :” الفيزياء الاجتماعية ؛ كيف يمكن للشبكات الاجتماعية أن تجعلنا أكثر ذكاءً (Social Physics: How Social Networks Can Make Us Smarter)” فهم الجديد للسلوك البشري والمجتمع هو ما يسميه بالفيزياء الاجتماعية ” Social Physics ” ويعرفها على انها علم أجتماع كمي يصف ارتباطات رياضية معولا عليها بين المعلومات وانتقال الافكار من جهة وسلوك الناس من جهة أخرى ويساعدنا هذا النوع من الفيزياء في فهم كيف تنتقل الافكار من شخص الى شخص أخر عبر آلية التعلم الاجتماعي ، وكيف ينتهي المطاف بانتقال الأفكار الى تشكيل الأعراف والانتاجية والمحصلات الخلاقة التي تصدرها الشركات والمدن والمجتمعات، وتساعدنا الفيزياء الأجتماعية في التنبؤ بأنتاجية المجموعات الصغيرة والأقسام في الشركات وحتى في المدن الكبرى وفضلا عن ذلك تقوم الفيزياء الاجتماعية بدور كبير في التنسيق بين شبكات الاتصال مما يمكننا من أتخاذ قرارات أفضل ، وأن نكون أكثر أنتاجية .
مؤلف كتاب :” الفيزياء الاجتماعية ؛ كيف يمكن للشبكات الاجتماعية أن تجعلنا أكثر ذكاءً ،هوالاستاذ أليكس ساندي بنتلاند (Alex Sandy Pentland)، وهو أستاذ كرسي “توشيبا” للفنون والعلوم الإعلامية في مختبر “ميديا لاب” و”كلية سلون للإدارة” و”كلية الحوسبة” في “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”. يدير ساندي مختبرات أبحاث علوم الاتصال والديناميات البشرية في “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”، ويقدم المشورة لـ “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” والأمم المتحدة وشركة “أيه تي آند تي” سابقاً و”جوجل” و”رابطة المحامين الأميركية”، وشارك في قيادة مبادرات البيانات الشخصية ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي.
الكتاب ترجمته ،د. هناء خليف غني (أكاديمية عراقية) وراجعه سامر سعيد وعدد صفحاته (385) صفحة ومن القطع المتوسط ونزل في طبعته الاولى عام (2022) في دار سطور للنشرو التوزيع في بغداد التي قامت بطباعته ونشره وتسويقه . والكتاب في نسخته الانكليزية من أصدارات معهد مساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) .
يتكون الكتاب من فهرست للمحتويات وتمهيد وشكر وتقدير وأربعة أجزاء تحتوي على عشر فصول ويسبقها الفصل الاول مع اربعة ملحقات وقائمة بالمصادر ،جاء في تمهيد الكتاب الحديث عن أصل فكرة الكتاب والاسباب الداعية الى تأليفه، حيث أشار “بنتلاند ” الى التجارب التي أكتسبها من عمله والتي علمته ” ان العديد من الافكار التقليدية التي نمتلكها عن أنفسنا او عن كيف يعمل المجتمع هي أفكار خاطئة. أذ ليس الأكثر ذكاء هومن يمتلك أفضل الأفكار ؛ بل الأكثر قدرة على حصد الأفكار من الأخرين هو من يمتلكها . وليس من يحدث التغيير هو الأكثر تصميما ؛ بل الأكثر قدرة على التفاعل بحماس مع أناس منفتحي العقول هو من يعتبر الأكثر تصميما . وليس التروة او المكانة الاجتماعية هي التي تحفز الناس وتدفعهم بل الاحترام والمساعدة من الاقران هو من يفعل ذلك .” حيث بين ان أصل الكتاب يعود الى الصدام الحاد للتقافات بين فعل الاشياء في مختبر الميديا و كيف تفعل الاشياء في الأماكن الاخرى في العالم . وبين ان عمله في المعهد (MIT) جعله يرى ان الغالبية تفكر بصيغ ساكنة وثابته وتدور جميعها في فلك المنافسة و القواعد و التعقيد وهذا خلاف لتفكيره الذي يتسم بصيغ أكثر دينامية وتطورية ويهتم “بنتلاند” تحديدا بنتقال الافكر ضمن الشبكات وخلق الاعراف الاجتماعية و العمليات التي تؤدي الى التعقيد و كما يفكرأكثرية الناس في ” أستعمال إطار يتمركز حول المحصلة الفردية والنهائية الثابته في حالتها ، في حين أفكر بصيغة الفيزياء الاجتماعية ؛ أي عمليات النمو داخل الشبكات ” .
ولاجل فهم هذا الاختلاف في التفكير بدأ “بنتلاند” في تنفيذ مشروعهالبحثي الذي أمتد عقدا كاملا لوضع إطار فكر صارم غايته تطوير التفكير السياسي والاقتصادي المبني على الفرد من خلال العناية بالتفاعلات الاجتماعية ،ويقدم هذا الاطار (التعلم الاجتماعي )(والضغط الاجتماعي ) بوصفهما قوى أجتماعية فاعلة ، توجه عملية تطوير الثقافة وتتحكم بالجزء الاكبرمن العالم المترابط إلكترونيا . وفي نهاية تمهيده بين “بنتلاند” ان هذا الكتاب ” يمثل خطوة أولى في نقاش طويل.والغاية منه هو أدخال لغة الفيزياء الاجتماعية في حيز التداول العام حيث يمكنها إحداث التغيير المطلوب في لغة التنافس والتنظيم التقليدي في السوق .
جاء الفصل الاول بعنوان رئيس :” من الافكار الى الافعال ” ؛ وعنوان ثانوي : توظيف البيانات الضخمة لفهم كيف تطورات المجتمعات البشرية وطرح فيه ثلاث الاسئلة :
أولا : من أين تنبثق الافكار الجديدة ؟
ثانيا: كيف يمكن وضعها موضع تنفيذ؟
ثالثا : كيف يمكن لنا إنشاء بنى أجتماعية تعاونية ومنتجة ومبدعة ؟
وبين ان هذه الاسئلة هي الاكثر أهمية لأي مجتمع بشري ، وتزداد أهميتها في الوقت الحاضر تحديد بسبب ” التنافس العالمي و التحديات البيئية وفشل الحكومات في عملها . حيث بين ان سبب أزدها الثقافة الغربية يعود الى النماذج (البارديغمات) التفسيرية المتوارثة من مفكري عصر النهضة (أدم اسمث و جون لوك) . ومن أجل فهم عالم اليوم علينا توسيع أفكارنا الاقتصادية والسياسية كي تتضمن التأثيرات التي تمارسها هذه الملايين من الاشخاص الذين يتبادلون الادوار في التعلم والتأثير .
يتبين ان غاية هذا الكتاب هو ” تطوير فيزياء أجتماعية توسع نطاق التفكيرالاقتصادي و السياسي من خلال تضمين القوى التنافسية وكذلك تبادلات الأفكار والمعلومات الضغط الاجتماعي والمكانة الاجتماعية ، أبتغاء تفسير السلوك الانساني بنحو أكثر تكاملا ” .
بين “بنتلاند” ان أختيار عنوان ” الفيزياء الاجتماعية ” جاء نتيجة تركيزه على موضوعة أنتقال الافكار ، فكما ان غاية الفيزياء التقليدية هو فهم كيف يترجم أنتقال الطاقة الى تغيرات في الحركة ، فان غاية الفيزياء الاجتماعية هو فهم كيف يترجم ف أنتقال الافكار والمعلومات الى تغيير في السلوك .
الاستعمال الاصلي لتسمية ” الفيزياء الاجتماعية ” تاريخيا يعودالى بداية القرن التاسع عشر ” حيث جرى تصور المجتمع بوصفه ماكنة هائلة ” بعد استعمال قياس مشتق من الفيزياء النيوتنية . لكن المجتمع ليس شبيها بالماكنة تماما ! وشهد منتصف القرن العشرين موجة ثانية من الاهتمام بالفيزياء الاجتماعية خلال أكتشاف الباحثين ان العديد من المؤثرات الاجتماعية تحتوي على انتظامات أحصائية مثل (توزيع زيف وقانون الجاذبية ) وبموازات ذلك عمل علماء الاجتماع في تطوير النظريات الخاصة بالآليات الاساسية لتفاعلات الاجتماعية .
ويشير بنتلاند الى أهمية حقل الفيزياء الاجتماعية حيث لاتقتصر فائدته ودوره في تقديم تنبؤات رياضية دقيقة ومفيدة، و أنما أعتماد الفيزياء الاجتماعية في الاجابة السؤال الاتي :
” هل تقدم الفيزياء الاجتماعية لناس – اي الحكومات والصناعيين والأكاديميين والمواطنيين العاديين لغة أفضل من المفردات القديمة الشائعة مثلا الاسواق والطبقات والرسمال والانتاج؟ ” . ومن ثم فان هذه المفردات تعكس تفكيرا بسيطا عن العالم ولذلك يحاول بنتلاند في هذا الكتاب تقديم مجموعة من المفاهيم الجديدة التي سيتمكن بواستطتها من تقديم نقاش دقيق حول عالمنا المعاصر والتخطيط لمستقبله .
تمثل البيانات الضخمة (البيانات الرقمية ) المحرك الذي يشغل الفيزياء الاجتماعية التي تعمل على تبادل الافكاروتحليل الانماط المتضمنة، بالاعتماد على هذه البيانات التي تمثل مجمل ابحار الناس في الشبكة الرقمية وكما في سجلات الاتصال والتعامل عبر البطاقات الائتمانية وتحديد المواقع الجغرافية وتسمى هذه العملية (بتنقيب الواقع) ، حيث تؤدي هذه العملية دورا كبيرا في تزويد العلماء بأدوات جديدة تساعدنا في فحص المجتمع ودراسته بدقة أكبر.
يؤكد “بنتلاند” على خطة الكتاب التي توضح الألية التي تعمل الفيزياء الاجتماعية من خلالها في جمع البيانات الضخمة عن السلوك البشري ونظرية علم الاجتماع من أجل الوصول الى علم عملي يمكن تطبيقه ، ويعرض الكتاب في جزءه الاول أهم مفهومين تقوم عليه الفيزياء الاجتماعية ويتم توضيح هذان المفهومان مع الامثلة وهذان المفهومان هما:
أولا : أنتقال الافكار في الشبكات الاجتماعية وكيف يمكن تقسيمها الى أستكشاف (العثور على الافكار/ استراتيجيات جديدة )والمشاركة (جعل الأشخاص ينسفون سلوكهم).
ثانيا : التعلم الاجتماعي، بمعنى كيف تصبح الافكار الجديدة عادات ؟ وكيف يمكن التعجيل بالتعليم وتشكيلة عبر الضغط الاجتماعي .
يصف الجزء الاول من الكتاب الكيفية التي يتم بها توظيف فئات المحتوى الرقمي للحصول على قياسات دقيقة وعملية للمفاهيم مثل التأثير الاجتماعي و الثقة والضغط الاجتماعي . ثم ستساعدنا هذه التقنية على في قياس أنتقال الافكار في الشبكات الاجتماعية وفي تعميم الحوافز التي تصوغ نمط التعلم الاجتماعي في مواقف الحياة الواقعية . حيث يتناول هذا الجزء في فصله الثاني مفهوم الاستكشاف ويطرح من خلاله أسئلة تتعلق بالكيفية التي يمكن العثور من خلالها على أفكار جيدة وأتخاذ قرارات جيدة كذلك ، من خلال” التعلم الاجتماعي” و ” أنتقال المعلومات ” ؛هنا الحديث عن نوع الانماط والتعلم الاجتماعي الذي يؤدي الى أفضل النتائج ، و” صنع القرار ” ؛وكذلك أمكانية استغلال معدل أنتقال الافكار وكذلك التنبؤ بالانتاجية والمحصلة الابداعية و” ضبط الشبكات ” ؛ان انتقال الافكار يراعي المتغيرات في بناء الشبكة الاجتماعية وقوة التأثير الاجتماعي بين الناس وشدة تأثير الفردية بالافكار الجديدة حيث ان تبديل أي من هذه المتغيرات يؤدي الى تغيير جماعي لأداء الناس في الشبكة وبذلك فان المفهوم المشتق رياضيا لانتقال الأفكار يسمح لنا في (ضبط) الشبكات الاجتاعية أبتغاء التوصل الى قرارات أنجح وتحقيق نتائج أفضل و مفردة “الاستكشاف ” ؛تستعمل للحديث عن أستعمال الشبكات الاجتماعية في جمع الافكار والمعلومات ، وهو ذلك الجزء من انتقال الأفكار الذي يجلب أفكاراً جديدة الى مجموعةالعمل او المجتمع المحلي وثمة ثلاث أمور ينبغي تذكرها عن الاستكشاف وهي ؛ (التعلم الاجتماعي جوهري للغاية )و(التنوع هام للغاية)و(التضاد هام للغاية) ؛ على حد وصف “بنتلاند” .