تعرية عورات و كشف سوآت
بقلم ابو ايوب
منذ الغطرسة و الجبروت العبري الذي ألفناه نحن كعرب و مسلمين ، و تعايشنا بل تأقلمنا معه منذ قيام اسرائيل كدولة معترف بها دوليا و عضوة بالأمم المتحدة ، الأحداث الجارية اليوم بالميدان من بوابة عملية طوفان الأقصى و ما حققته من مكاسب ميدانية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب العربية الاسرائيلية ، طوفان أفاقنا من موتنا السريري لنكتشف بأن البيت الاسرائيلي اهون من بيت العنكبوث ، تذكرني التحولات الحاصلة بالميدان بحرب 2006 التي دامت 33 يوما بليلها و نهارها بين حزب الله اللبناني و الجيش الاسرائيلي ، وقتها اكتشف العالم بأسره مدى الخسارة المهولة التي منيت بها الدولة العبرية لم تعهدها من قبل في مواجهة الجيوش العربية ، كيف ذلك ؟.
* الموساد و الشاباك و الشينبيت و جميع اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية ، لم تتوقع و لم يخطر على بالها سيناريو اليوم بين المقاومة الغزاوية و الجيش الاسرائيلي ، بعدما عودتنا في الماضي على السبق و استباق الاحداث و الرد لاجهاض اي خطوة عدوانية .
* الاستخفاف بالقدرات التسليحية و المخابراتية و التنسيق الجماعي العملياتى لفصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة و الضفة الغربية ، تحول الى غرور ساهم بقدر وفير في ترسيخ الاعتقاد بان اسرائيل هي الاقوى بمنطقة الشرق الاوسط ، بل تعتبر نفسها قوة ضاربة بالمنطقة ، استخفاف ادى باسرائيل في النهاية الى كارثة وجودية .
* الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة طيلة 17 لم تأخذ بعين الاعتبار توصيات تقرير فينوغراد الصادر سنة 2006 ، بل لم تأخذ على محمل الجد تنامي القدرات التسليحية و الخبرات العملياتية التي راكمتها فصائل المقاومة بالمنطقة ( لبنان و فلسطين) .
* الرهان على الدول العربية المرتبطة بالسياسات الأمريكية ، بهدف تحويل الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع بين اسرائيل و بعض الفلسطينيين ، لا سيما بعدما نجحت في استقطاب منظمة التحرير الفلسطينية و على راسها حركة فتح قبل و بعد اتفاقية اوسلو للسلام ، و قد نجحت بالفعل في تحويلها للصراع فضلا عن نجاحها في اختراق الدول العربية و عقد معاهدات التطبيع مع البعض منها ( الامارات.البحرين.المغرب.جنوب السودان) ، لكنها اليوم اكتشفت ان رهانها خاسر بكل المقاييس بدليل ، القدرات التأثيرية على القرار الفلسطيني لهذه الدول جد محدودة و لا تفي بالغرض .
* اليوم انكشفت حقيقة القوة العسكرية الضاربة و الاجهزة الاستخباراتية المتفوقة ، و اسدل ستار التسليح النوعي الحديث ، و كشف قناع الجبهة الداخلية المتراصة ، 1000 مقاوم فلسطيني تسللوا عبر ثلاث محاور الى مستوطنات غلاف غزة ، في الوقت التي كانت تتهاطل من السماء 5000 صواريخ من صنع فلسطيني بقدرات تدميرية معتبرة ، و مديات متوسطة على التجمعات و المدن الاسرائيلية بما فيها القدس ، لم تنفع معها القبة الحديدية و لا منظومة مقلاع داوود اللتين لم يظهر لهما اثر ، و لا المسيرات ذات الفعالية العالية و لا دبابات ميركافا و لا بوارج ساعر مفخرة الصناعات الحربية الاسرائيلية ابانت عن جدوائيتها .
* الكارثة او الصدمة الغير متوقعة الحقت اضرارا بالغة بالاقتصاد الاسرائيلي ، حيث الغيت جميع الرحلات الجوية من و الى اسرائيل و اغلقت المطارات ، فضلا عن خسائر في البنية التحتية و في المستوطنات …..فكانت النتيجة غياب تام للجنود في غلاف غزة ، أسر مستوطنين لم يحصر عددهم بعد و 35 عسكري ، على رأسهم قائد غرفة عمليات غزة و مقتل 22 جندي بحسب الاحصائيات الاولية .
* اسرائيل تعلن اليوم انها في حرب و تطالب الامم المتحدة و راعيتها امريكا بالتدخل متوعدة الفلسطينيين برد قاس على تهديدات الصواريخ الفلسطينية ، متحاشية الحديث عن الدور النوعي و الخطر المرعب الذي اصبحت تمثله الدرونات و الحوامات الفلسطينية في استهداف الجنود و المواقع الاسرائيلية من الجو ، لكن اللافت اكثر حرب الصور و الفيديوهات التي اثقنتها و ابدع فيها الاعلام العسكري للمقاومة ، حرب الصور حظيت بتغطية اعلامية عالمية فاقت كل التوقعات بالرغم من محاولات التعتيم ، و تفاعلت معها كبريات القنوات و الصحف الدولية مسلطة مزيد من الاضواء على القضية الفلسطينية ، كما تفاعلت معها شعوب العالم و المتعاطفين مع القضية الفلسطينية .
* تزامن الاحداث هذه مع أشغال اللجنة الرابعة المكلفة بتصفية الاستعمار ، بعيد ايام من دعوات دولية بوجوب عقد دورة استثنائية للأمم المتحدة ، بهدف الاعلان الرسمي عن عضوية دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية كدولة مستقلة ذات سيادة ، من شأن هذا ان يشكل ضغوطا اضافية على اسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية و اقامة دولة فلسطين بحدود 1967.
* اسرائيل اليوم تعيش على وقع ازمة وجود بدى واضحا للعيان ، و في حال تمسكها بتعنتها و عنادها قد يصبح مصيرها صعب التوقع او مجهول ، خاصة على ضوء التحولات الجيوسياسية المتلاحقة ذات البعد الجيوستراتيجي بالمنطقة ، و في ظل تنامي النفوذ الايراني بالمضايق ( هرمز بالخليج/ باب المنذب بسواحل اليمن في اتجاه قناة السويس شمالا/ مضيق جبل طارق بالابيض المتوسط ارتباطا بعلاقاتها المتميزة جدا مع الجزائر/ الاطلالة على الاطلسي من زاوية علاقاتها مع موريتانيا ) ، انجلت الصورة اكثر وضوحا بما يشير الى تطويق و عزل اسرائيل و تهديد مصالحها الحيوية و الاقتصادية ، و من خلفها الدول العربية المطبعة المتخوفة اليوم من تداعيات ما يحصل لاسرائيل بالمنطقة ، لا سيما بعد ربط مصائر البعض بمصيرها بما يشبه الى حد بعيد تمسك الغريق بغريق ، فلا هي قادرة على ضمان امنها و استقرارها و لا هي بمستطاعها الوفاء بعهدها و حماية امن و استقرار من راهن و طبع معها .
واهم من يعتقد بانتصارها ، حالم من يؤمن باستعادتها زمام المبارة ، هائم من لا زال متمسكا بقوة جيشها و نوعية سلاحه بعد ثبوث عدم فعاليته في الميدان ، متوهم من يجنح خلاف ما جاء به القرآن ( ..لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى تتبع ملتهم ….ص.ا.ع.) ، و ان ما يحصل اليوم هو نصر من عند الله وعد به المؤمنين (….كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باذن الله….ص.ا.ع.) ، بالتالي اسرائيل الى زوال ما لم تسمح باقامة دولة فلسطينية بحدود 67 و الايام بيننا .