قصيدة للاستاذ عبدالرحيم شهبي بعنوان:”كَفَرْتُ بِالْأَقْلامِ وَالدَّفاتِر”
نص القصيدة
اِقْرَأْ ما أَنا بِقارِئٍ سِجْني بُسْتاني
وَجَسَدي مُثْخَنٌ بِالْجِراحِ وَأُكابِر
لَعَنْتُ الْحَرْفَ الَّذي يَنْصِبُ الْفِعْلَ
يَجُرُّ الفاعِلَ وَيُواريه في الْمَقابِر
أَنا شاعِرٌ صُعْلوكٌ أَعيشُ في غابٍ
أَهْجو شُيوخَ الْقَبيلَةِ وَكُلَّ الْعَشائِر
كَفَرْتُ بِأَزْلامِ الْاِسْتِبْدادِ وَالْفَسادِ
أَوْثانٌ تَأْسَرُ رِقابَنا مِنْ زَمَنٍ غابِر
لَعَنْتُ التَّطْبيعَ الْآسِنَ مَعَ الْوَحْشِ
كَفَرْتُ بَواحًا بِالْأَقْلامِ وَالدَّفاتِر
طائِرُ الْخَبَلِ يَنْهُقُ عَلى طَلَلٍ يَنامُ
في بَيْداءٍ تَعُجُّ بِالرَّعايا وَالْمَواخِر
تُسَمى مِنْ عَهْدِ النَّكْبَةِ دُوَلًا وَهِيَ
سِجْنٌ كَبيرٌ بِلا عَقْلٍ وَلا مَشاعِر
سُكّانُها يَأْكُلونَ الْقَشَّ وَيَشْكُرونَ
عَلى النِّعْمَةِ الْوافِرَةِ النَّسْرَ الْكاسِر
نَهارُهُمْ لَيْلٌ قاتِمٌ الشَّمْسُ لا تُحَيّي
مُحَياهُمْ الْغَسَقُ يَسّكُنُ حَواضِر
وُجودُهُمْ عَدَمٌ مَتى وُلِدوا حَتّى
يَكونوا، في قُلوبِهِمْ غُمِدَتْ خَناجِر
إِذا سَمِعوا الْحُرِّيَّةَ قالوا فَوْضى
طاعَةُ وَلّاةِ الْأُمورِ بُسْتانٌ زاهِر
أَمّا الْحُقوقُ فَلا تَسْأَلوا عَنْها في
بِلادِ قَمْعِسْتانَ لا صَدْرٌ كُلٌّ دابِر
شَرِبَ الْقَوْمُ كُؤوسَ النَّذالَةِ حَتّى
ثَمِلوا فَداسَتْهُمْ أَحْذِيَّةٌ وَحَوافِر
كَفَرْتُ بِمَنابِرِ الشُّؤْمِ الَّتي تَنْحَني
لِلسَّيْفِ وَتُقَبِّلُ خَوَرًا قَدَمَ الْفاجِر
وِبأَلْسِنَةٍ تُؤَمِّنُ خَلْفَ سافِلٍ إِذا
ما دَعا بِالتَّمْكينِ لِلثَّعْلَبِ الْماكِر
كَفَرْتُ بِذاتي لِأَنَّني وُلِدْتُ هُنا
مَكَثْتُ بِدِيارِكُمْ بِكَرامَتي أُقامِر
كَفَرْتُ بِذاتي لِأَنَّني وُلِدْتُ هُنا
مَكَثْتُ بِدِيارِكُمْ بِكَرامَتي أُقامِر
كُنْتُ أَظُنُ أَنَّني أَمْتَطي جَوادًا
لَكِنَّني كُنْتُ أَرْكَبُ حِمارًا ضامِر
حَلَمْتُ كَثيرًا، أَحْلامي أَمْسَتْ
كَوابيسًا، تَزورُني لَيْلًا عَساكِر
تُفَتِّشُ ذاكِرَتي تَعْبَثُ بِأَفْكاري
وَتُلَفِقُ لي تُهْمَةَ شاعِرٍ ثائِر
الجديدة في: 16/ 10/ 2023