سادية بني صهيون
بقلم: ذ نور الدين الهادي
السبت 31 دجنبر 2023
لست شاعراً ولكنني مهموم من نكبة حلت بغزة فأبكت العيون، لم تُغمض للنوم الجفون، سادية بني صهيون أوغلت تهجيرا وقتلا في شعب ينادي بحقه منذ سنين كل الكون، هم قوم ألفوا القتل منذ قرون، وتفننوا فيه وما هم نادمون، احتلوا أرضا وجمعوا لها من كل البطون (كناية عن الجنسيات)، المهم أن تكون من بني صهيون فلا يهم من تكون، فلاشا أو أمريكان أو أوروبيون…أنشأوا خلال عقود مستوطنات في كل بلاد فلسطين ظانين أنهم هناك باقون لعقود، بل لقرون وقرون، وعلى حائط البراق يبكون، ويرقصون مثل الشياطين، وأن دولتهم لها شأن كبيرعلى كل أهل الأرض بل لها شؤون، فعلَوْا عُلواً كبيراً وصرَّحوا في كل محفل أنهم طاغون، فلا أمم متحدة ولا حقوق إنسان ولا محكمة جنائية تردعهم، فهم عن كل ذلك شاذون، بالمواثيق الدولية مستهزئون، ضل سعيهم فهم منها عَمُون.
قادتُهم قتلةٌ إرهابيون، سفاكو دماء ساديون، سواء غولدا مايير(حرب 1967) أو ميناحيم بيكين (سفاح مذبحة دير ياسين1948) أو شمعون (الهاجاناه) أو شارون (مذبحة صبرا وشاتيلا 1982 ) أوالنتن “المعفون” (حرب الإبادة الجماعية 2023الدائرة لشهور)، كلهم مجرمون متفقون، للرعب يبُثون، بالقتل يتشدقون، للحرث والنسل مُهلِكون، نهجهم واحد عنه لا يحيدون، بل يُجاهرون بقهر أصحاب الأرض ويتنافسون، هدفُهم دولة صهيونية كبرى بها يحلُمون، حدودها حيثما توسعت ووصلت فليمت بغيظهم المُعادون، منهم من يُمَنِّي بعض المغفَّلين من بني يعرب بأماني وأكاذيب إلى حين، ومنهم من شنَّ حروبا شعواء للقضاء على من هم مقاومون.
بعدما ثبتوا كيانهم الغاصب وسيطروا على معظم أرض فلسطين، تفوقوا عسكريا وأرهبوا جيرانهم، بل طبعوا معهم وأعلنوا أنهم هم المسيطرون الآمرون… منحوا في الضفة “سلطة” على معشار فلسطين، دون سلطات حقيقية مقابل دولارات معدودة إلى حين وهم زاهدون، فالقوم -لنقلها صراحة- بالقضية متاجرون، وعند حديثهم عن دولة فلسطين إنما يضحكون على الذقون.
قرَّ قرار بني صهيون على غزو غزة وترحيل وتهجير سكانها والتنكيل بأهلها فرجالها مشاكسون مقاومون، وحان الوقت للانتهاء من “المخربين”، قال النتن ياهو مثلما قال فرعون لقومه قبل قرون (إنَّ هؤلاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلون، وإِنَّهُم لنَا لغَائِظُون، وإنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُون) (آيات من سورة الشعراء54-56)، وإنا منهم وَجِلون، فإذا قَوَت شوكتهم خطِرون مُرعبون، فصار يتحين الفرصة ليضرب ضربته القاضية للسيطرة الكاملة القطاع، وحسب أن حماة غزة عن مخططاته غافلون. علم شباب غزة بالخبر المشؤوم وقاموا يُعدون العُدة؛ رجال أشاوس مقاومون، سلاح تصنعه أيديهم بما تيَسر من إمكانات فهم إذن مُبتكرون، إيمان وعزيمة فهم للحق ناصرون، لا يخافون الموت بل للشهادة راغبون، ولعدوهم بكل شجاعة مواجهون.
بعد فجر يوم السبت السابع من أكتوبر ضربوا ضربة القرن بل ضربة القرون، كان موعد تخطي السياج المصطنع بنجاح واجتياح غلاف غزة “المَصون”، أمر القائد المقاومين: دَوِّنوا هذا اليوم في التاريخ؛ لنحرر أسرانا الذين هرِموا في السجون، وندك العدو في الحصون، لا تحرقوا شجر زيتون، لا تقتلوا شيخا ولا امرأة ولا طفلا مثلما يفعل الإسرائيليون، أريدكم أن تجلبوا لنا قادة جيشهم وإنكم لغالبون. وبعد عملية دقيقة في الزمان والمكان رجعوا بمكاسب ثمينة وهم منتصرون، للغنائم سالبون، ولعملياتهم المحسوبة المنسقة في القنوات يبُثون..
أُسقط في يد بني صهيون؛ هذا الذي حدث أهو كابوس أم خطبٌ جللٌ حلَّ أم ظُنون؟ أحس النتن ياهو بالخيبة والذل والصَّغار لما أصاب جيشه المهزوم في غزة حيث كان بعضهم ثَمِلِين، فأمر بحرب على المدنيين، وأعانته عدوة الشعوب بلا خجل ومعها أوروبيون، يتبجحون بالحرية وحقوق الإنسان وهم لها ناقضون، نحن نحمي دولة الاحتلال وإن بغت وبطشت فماذا أنتم ظانون؟؟ نمدهم بالسلاح والمرتزقة ونفخر أننا آثمون. قال جمع الشياطين، هذا دفاع عن النفس ولسنا لقصف الأبرياء بمعنيين، ولا لقتل النساء بمهتمين، ولا بالتنكيل بالأطفال مكترثين، بل نحن مُنتشون، فكل طفل هو مشروع مقاوم، وكل أطفال غزة مقاومون، ولو بعد سنين.
أمرالسفاح النتن ياهو بالعدوان على غزة وأعانه عليه قوم آخرون، تحركت آلة الإجرام والقتل البشع، تجاوز بساديته وهمجيته ما فعله هولاكو وفرعون ونيرون، فغارت طائرات بني صهيون على القطاع، لم تترك شبرا إلا ألقت عليه حمم صواريخها، قصفت رفح وخان يونس والنصيرات وغزة وجباليا وبيت حانون، فألحقت دمارا لم تشهده البشرية وزرعت دباباته وجرافاته الموت بين الأبرياء فلمن يَشْكون؟ اسألوا خُدَّج مستشفى الشفاء في غزة حين تُركوا دون حليب أو رعاية، ليست لهم حيلة حتى أدركتهم المَنون، اسألوا الشيوخ الذين شُردوا وهم مُسِنون، اسألوا الحوامل كم وضعت من مواليد تحت قصفِ عدوٍ ملعون.
اسألوا نساء غزة كم استشهد منهن وكم فقدت منهن من أطفال بلغوا عشرات الآلاف ما لكم لا تُحصون؟ اسألوا أطفالا فقدوا مُعيلهم الحنون، اسألوا المدنيين الجرحى قُطِّعت أوصالهم بقنابل “ذكية” ياله من جنون، اسألوا جثث الشهداء(80 شهيدا) الذين اختطفهم جنود بني صهيون، أعدموهم ثم سلموهم بعدما سرقوا بعض أعضائهم هل رأيتم مثل هذا المُجون (صلابة الوجه والعبث وعدم التقيد بقيد)، اسألوا كم من مدارس وجامعات ومستشفيات دمرت بالكامل، فصارت آثارا بعد عيون، اسألوا كم من صواريخ نزلت فقطعت أوصال أبنية وعمران، اسألوا ما فعله العدوان الهمجي من إبادة جماعية وجرائم حرب أم ماذا فعلته في سكان غزة وهم صابرون، بأرضهم متشبثون، بأرواحهم مضحون محتسبون لا يهابون، هي إرادة شعبية لأهل غزة، فكل غال ونفيس من أجل فلسطين يهون .
رجال غزة تصدوا ببسالة للعدو وعلموه دروسا في الحرب، تفننوا في ذلك فنون، أذاقوا دباباتهم قذائف الياسين، وأمطروا جيشهم رصاصا فهم من المقاومة فارون، وقد نبأ بهذا لواء جولاني بعدما هزم جنوده وانسحبوا صاغرين، فلا صوت يعلو على صوت أسود غزة وهم يقولون بثبات ويقين، سننتصر، وستنتصرغزة، سيهزم القتلة الساديون، الحرب ننهيها بشروط الملثم، لا بمخطط صهيوني عهدناه لإتفاقاته يخون، فلسطين والأقصى في العيون، فارحل ارحل يا صهيون.
رائع هذا الابداع الذي ينهل من نسيج (المقامات) موظفا أجناسا خطابية متخللة للنص. ما بين خطابات سياسية واخرى ثقافية وثالثها تاريخية بتركيب يزج فيه الكاتب السخرية عنصرا خطابيا.
محدثا ايقاعا نصيا يسمح للنص بان يحقق موسيقيه وانسجامه الداخلي مما يجعل الخطاب السياسي بعدا ملغوما مضمرا وكاشفا وفاضحا للفعل الصهيوني التوسعي الخبيث … مبشرا بانتصار الحق ففي اخر المحطات. ومهما بعدت طريقه فهو ٱت لا محالة …