ما وراء الأحداث و ما بين سطورها
أبو أيوب
لا يكاد يمر يوم إلا و تطالعنا الاخبار القادمة من دول المحيط المغربي شرقا و جنوبا ، اخبار تعتبر مستفزة للمملكة فيما يتعلق بالصراع حول القضية الوطنية الأولى الصحراء الغربية المغربية ، خطوات معادية في مجملها تعتبر تلميحا إلى تصعيد اقتصادي و سياسي ما فتئ يتزايد بوتيرة متسارعة مقلقة ، لا يقل أهمية عما تقوم به جبهة البوليساريو من أعمال حربية و مناوشات عسكرية ضد القوات المسلحة الملكية المرابطة بالثخوم جنوب المغرب. مقال اليوم نستعرض فيه نموذجين اثنين يحملان رسائل اقتصادية و سياسية مبطنة و مطعمة بثوابل عسكرية صادرة عن خصم قديم جديد ، تشير في معظمها إلى محاولات حثيثة للزج بالمغرب بين فكي كماشة كنوع من أنواع طوق حصار
* السلطات الموريتانية لم تعد تكتفي بالرفع من الرسوم الجمركية على الشاحنات المغربية المحملة بالفواكه و الخضراوات بنسبة 171% ، فضلا عن رسوم المرور نحو العاصمة نواكشوط عبر المعبر الحدودي ، بل قامت بخطوة تصعيدية لا تقل أهمية عن سابقتها حيث عمدت إلى نشر 16 نقطة تفتيش مع تأدية واجبات المرور لكل نقطة على حدة ، الأمر الذي أثقل كاهل ملاكي الشاحنات و السائقين على حد سواء برسوم فاقت ما كان معمولا به سابقا ، فضلا عن التعب و الإرهاق و ضياع الوقت بين نقاط التفتيش مما قد يؤدي إلى تلف بعض أنواع الخضراوات و الفواكه ، و ما يتولد عنه من خسائر للمصدرين المغاربة ، ناهيك عن الرسائل المبطنة الملمحة إلى كون بعضا من هذه الشاحنات على الأقل تحمل سلعا أخرى غير المعلن عنها في إشارة للممنوعات
هذه الممارسات بحسب بعض الأخبار الرائجة داخل موريتانيا تقول ، بأن المغرب طلب رسميا مساعدة الشقيقة السينغال في شخص الرئيس ماكي سال التدخل لدى السلطات الموريتانية لثنيها عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها في حق المغرب ، طلب استجاب له الرئيس السينغالي الذي باشر بزيارة نواكشوط بهدف لقاء نظيره الموريتاني الرئيس ولد الغزواني ، لربما للضغط عليه كون السينغال هي أيضا متضررة مما أقدمت عليه السلطات الموريتانية في حق الصادرات المغربية ، فهل سيستجيب الجانب الموريتاني و يقوم بإلغاء تلك القرارات أم أن التصعيد سيكون سيد الموقف خاصة و أنه يخضع لضغوط شعبية و حزبية ، و منظمات المجتمع المدني التي تنعثه بالضعف و عدم الرد على مقتل مواطنين مدنيين موريتانيين في عمليات استهداف درونية ?
كما تجدر الإشارة إلى أن القرار الموريتاني الأخير جاء بالتزامن مع انعقاد اجتماع طارئ للقيادات العسكرية لجبهة البوليساريو ، اجتماع ترأسه ما يسمى برئيس هيأة اركان الجيش الشعبي الصحراوي الوالي محمد اعكيك لتدارس و مناقشة اخر التطورات بالمنطقة ، و هو نفس المسؤول العسكري الذي شارك من قبل في اجتماعين لرؤساء هيأة الأركان لكل من الجيش المصري و الليبي و الجزائري و الموريتاني فيما يعرف ب( قوة شمال افريقيا) التي استضافتها الجزائر ، هذا ما يشير بوضوح إلى تصعيد عسكري مرتقب بين البوليساريو و القوات المسلحة الملكية قد يطال العمق الجغرافي غرب الجدار الدفاعي المغربي ( قواعد عسكرية خلفية أو مراكز قيادات أو مطارات عسكرية من حيث تنطلق الدرونات مثالا لا حصرا )
* على ذكر الجزائر بات من المفروض استحضار القرار الأخير الذي اتخذته السلطات الرسمية الجارة الشرقية ، بالتزامن أيضا مع تطورات الميدان بالصحراء و الأزمة الموريتانية المغربية ، قرار تصعيدي في حق المغرب بطريقة غير مباشرة لا تخلو من حقد دفين ، حيث أصدرت قرارا سياديا تم بموجبه منع كل سفن الشحن الأجنبية مهما كانت جنسيتها من الرسو في موانئها ، قرار يستهدف فقط سفن الحاويات التي تفرغ أو تشحن مختلف السلع و البضائع في الموانئ المغربية و من بعد تواصل الابحار في اتجاه الجزائر ، و هذا ما يعد في حد ذاته تشديد الخناق و محاولة فرض طوق حصار اقتصادي و تأليب الشركات الأجنبية و السفن التجارية على المغرب ، فضلا عن تقليص حجم الحركة التجارية تصديرا و توريدا بميناء طنجة المتوسط ، و قد يبرر القرار جزائريا بشكل من الأشكال بضرورة الاحتراس من محاولات المغرب توريطها في تجارة الكوكايين التي يمكن شحنها بالسفن التي تفرغ بعضا من حمولتها في الميناء المتوسطي ، و هي في هذا تستغل الفضيحة التي تورط فيها أكثر مسؤول مغربي بحسب تحقيقات القضاء المغربي و تحريات الوكالة الأمريكية لمحاربة المخذرات المعروفة اختصارا ب دي.أو.اي.
كما يسود الاعتقاد بأن السلطات الجزائرية لن تقف عند هذا الحد في مواصلة استفزاز المغرب ، و هي منذ الآن تعد العدة لتصعيد من نوع آخر لكن هذه المرة بطعم كهربائي شبيه بما أقدمت عليه من قبل ، و اعني به تاريخ 31 أكتوبر من سنة 2022 يوم أوقفت صادرات الغاز الجزائري نحو المغرب عبر أنبوب المغرب العربي نحو اسبانيا ، و هي اليوم تلمح إلى عدم امكانية تجديد الاتفاقيات الثلاث لتصدير الكهرباء الموقعة بينها و المغرب سنتي 1988 و 2008 ، فضلا عن استغنائها عن اتفاقية الشراكة التي قضت باحداث الشركة الجزائرية المغربية لتصدير حديد منجم غار جبيلات على الحدود مع المغرب ، اتفاقية يعود تاريخ توقيعها لسنة 1972 و صدر بشأنها مرسوم رئاسي نشر بالجريدة الرسمية الجزائرية سنة 1973 تلاه ظهير ملكي شريف نشر بالجريدة الرسمية للمملكة المغربية سنة 1993 ، للإشارة منجم حديد غار جبيلات هذا أثار الكثير من اللغط و لا زال…. لا سيما بعد الإعلان عن إبرام الجزائر عدة اتفاقيات شراكة مع شركات صينية و تركية لاستخراجه ، ثم تحويله محليا الى قضبان الصلب بغرض تصديره للاسواق الدولية…
زوار ليل و متابعي الجديدة نيوز….كانت هذه نبذة مختصرة لبعض ما يتعرض له الوطن من تصعيد اقتصادي سياسي عسكري بتدرج…و بالنبذة هته استودعكم في حفظ الرحمان الذي أنزل القرآن و علم الانسان …ضاربا لكم موعدا مع مقال بلوك مغاير ما دام هناك رمق من حياة ….أسعدتم أوقاتا …تحياتي و مودتي للقراء من الجنسين …