بيان من نادي القضاة ردا على مفتشية القضاء بعد استدعاء ذ. عبد الرزاق الجباري.
ذ. رشيدة باب الزين باريس
بيان “نادي قضاة المغرب” ردا على مفتشية القضاة
بناء على القانون الأساسي لـ “نادي قضاة المغرب”، عقد المكتب التنفيذي لهذا الأخير، يوم السبت 17 فبراير 2024، اجتماعا طارئا لتدارس نقطة فريدة، وهي استدعاء السيد رئيس “نادي قضاة المغرب” للحضور إلى المفتشية العامة للشؤون القضائية تنفيذا لأمر صادر عن السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بسبب مشاركته في ندوة علمية نظمتها منظمة المحامين التجمعيين – فرع الرباط سلا القنيطرة، بتاريخ 24 يناير 2024، حول موضوع: “قراءة متقاطعة في مشروع قانون المسطرة المدنية”، والتي قدم فيها السيد الرئيس مداخلة بعنوان : “المادة 97 من مشروع قانون المسطرة المدنية وسؤال استقلال القضاء؟!”. وإذ يعرب عن قلقه الشديد إزاء هذا الإجراء، فقد تم التداول وفق آلية التسيير الديمقراطي، وتقرر إصدار البلاغ التالي :
1- يؤكد “نادي قضاة المغرب” أن مشاركة السيد الرئيس، الأستاذ عبد الرزاق الجباري، في الندوة العلمية المذكورة أعلاه، كانت بصفته الجمعوية وليست بصفته القضائية، وأن الدعوة التي تلقاها من أجل المشاركة كانت بتلك الصفة، وأنه قدم تصورات الجمعية حول مشروع قانون المسطرة المدنية في علاقته باستقلال القضاء، وهو ما يبقى عملا جمعويا خاضعا، بصفة حصرية، لأحكام ظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات، طالما أن الرئاسة جهاز مستقل من الأجهزة المسيرة للجمعية، طبقا لمقتضيات المادة 17 من قانونها الأساسي.
2- يسجل أن الجهة المنظمة للندوة المذكورة هي جمعية تضم مجموعة من المحامين المنتمين إلى حزب معين، وأن المحامين، وبغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، هم جزء من أسرة القضاء تطبيقا للمادة 1 من قانون مهنة المحاماة.
كما أن موضوع هذه الندوة كان علميا مهنيا بحتا، حضر أشغالها وشارك فيها نقباء ومحامون منتمون إلى أطياف سياسية مختلفة، كما حضرها محامون غير منتمين، ومعهم أساتذة جامعيون، إلى جانب بعض القضاة.
3- يوضح أن للقضاة وجمعياتهم المهنية الحق في المشاركة في النقاشات العامة المتعلقة بالتشريعات ووسائل العدالة والسياسات التي لها علاقة بالقضاء والعدالة عموما بغض النظر عن الجهات المنظمة، وفق ما أوصى به تقرير المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، والصادر بتاريخ 12 يوليوز 2019، تحت عدد A/HRC/41/48، وقررته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرار حديث لها، صدر بتاريخ 06 يونيو 2023، في الملف 19-63029، المتعلق بالقاضية Ayse Sarisu Pehlivan.
4- يؤكد أن حق القضاة في التعبير وفي ممارسة العمل الجمعوي مكفول بموجب الدستور والقانون والمواثيق والإعلانات والتوصيات الدولية ذات الصلة، وأنه لم يرد عليهما من القيود خارج القيام بالمهام القضائية سوى عدم اتخاذ موقف سياسي صريح بالخوض في الشؤون السياسية أو ممارسة نشاط سياسي، وأن الندوة المذكورة كانت لها طبيعة علمية محضة، لم تصطبغ بأي شكل من أشكال النشاط السياسي وفق تعريفه المنصوص عليه في الفصل 15 من قانون تأسيس الجمعيات.
5- يؤكد على أن الدستور والقانون ومدونة الأخلاقيات القضائية لا تمنع مشاركة القضاة وجمعياتهم المهنية في الندوات العلمية المنظمة من قبل أطياف المجتمع السياسي والمدني والنقابي والمهني ببلادنا، وأن هذا الأمر جاري به العمل منذ إقرار دستور 2011 إلى الآن، وذلك للاستفادة من خبراتهم في مجال العدالة وتطبيق القانون خدمة للمجتمع ومصالحه العليا. ويسجل، في هذا الصدد، مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ندوة نُظِّمت حول “إصلاح العدالة بالمغرب”، بتاريخ 25 يناير 2023، من طرف مجموعة نيابية تمثل حزبا سياسيا.
6- يعلن عن تضامنه المطلق واللامشروط مع السيد رئيس “نادي قضاة المغرب”، الأستاذ عبد الرزاق الجباري، المعروف، في إطار تمثيله للجمعية، بدفاعه عن استقلال القضاء وحقوق القضاة، وبدعمه لقيم الوطنية واحترام القانون والحياد والتجرد والشفافية والنزاهة المهنية والفكرية. ويَعتبِر، في هذا السياق، أن الأمر باستدعائه بسبب نشاطه الجمعوي يشكل استهدافا لـ “نادي قضاة المغرب” وتضييقا على ممارسته لأنشطته بكل حرية وفق ما يكفله الفصل 12 من الدستور، كما أنه ردُّ فعل على مواقف هذا الأخير من الدفاع عن “الأمن المهني” للقضاة.
7- يدعو إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى استحضار التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المعبر عنها في رسالته الملكية الموجهة إلى المجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ فاتح مارس 2002، والتي جاء فيها: “إن على المجلس أن ينأى بنفسه وبصفة نهائية عن كل النزعات الفئوية المهنية والانتخابوية الضيقة والممارسات المنحازة حتى يحقق لذاته الاستقلال اللازم، ويدرك بنفسه ويرسخ الوعي لدى الغير بأن الاستقلال هو الشرط الملازم للمسؤولية، جاعلا مصلحة الأمة فوق كل اعتبار”.
8- يجدد، ورعيا منه لتغليب الصالح العام القضائي، دعوته للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل فتح قنوات التواصل والحوار لمناقشة قضايا “الأمن المهني”، وتوسيع دائرة التعاون والتشارك بخصوصها عن طريق إبداء مقترحات بناءة كفيلة بتعزيزه ورفع منسوب الشعور به لدى عموم القضاة، فضلا عن قضايا أخرى ذات الارتباط بدعم نزاهة واستقلال القضاء، بدلا من التضييق على ممارسة الحق في العمل الجمعوي.
المكتب التنفيذي لـ “نادي قضاة المغرب”