الواجهةمجرد رأي

غمزة : نظرة الناس إلى واقع ومكانة المجتمع المدني بالجديدة

…إن نظرة الناس الى هذا الكم الهائل من الجمعيات المتنوعة الاسماء المتعددة الاهداف .هناك نظرة سلبية وفكرة تتنافى ودور الجمعيات وحجم الجهود المبذولة والأعمال المقدمة ، حتى اولئك المعنين المشتغلين في المجال سواء من المتعاقدين أو  المتطوعين ، فأكثرهم يعيب العمل الجمعوي وينتقد المشتغلين فيه ، بل وقد يصل الامر حد تبادل التهم .. حتى اضحى المفهوم الغالب أن اسهل وسيلة لأنواع الاسترزاق هي انشاء جمعية ، مادام  الامر لا يتطلب إلا عدد من الأعضاء  ، ونموذج من قانون اساسي  وتغيير مكان  اسم الجمعية .
والحق ان اغلب الجمعيات تشتكي من تردي الوضع الذي تعانيه ولا تجد حتى مقرا يأويها لعقد جمعاتها وحفظ وثائقها وأرشيفها .. ولا دعما لائقا يعيلها في انجاز انشطتها وتحقيق اهدافها المسطرة ، ناهيك عن النظرة السلبية لبعض الجهات و المسؤولين الذين لا يبالون بالأدوار الطلائعية التي تقدمها ومجرد ورقة اضافية يتم اللجوء اليها في وقت الحاجة ، لتصبح مجرد اسماء او ملفات في رفوف المصالح المعنية ورقما متراكما للتهويل بالمد الجمعوي.
في مقابل ذلك هناك جمعيات استطاعت ان تفرض وجودها وتحقق اهدافها – كما في قوانينها الأساسية –  نتيجة عوامل عدة ومشهود  بكفاءة  مؤسسيها  وكذا الرغبة والالتزام والتفاني في العمل والاجتهاد وحتى العلاقات مع ذوي النفوذ والقرار وغيرها من الأمور التي تساهم في رقي أي جمعية جمعية .
هذه مجرد فكرة عامة جد مختصرة حول جمعيات الحسيمة التي لا ينكر احد مساهماتها في عدد من المجالات الثقافية الفنية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية وغيرها . كما تساهم سائر الجمعيات على المستوى الوطني  وحتى الدولي ، حيث يختلط فيها الصالح والطالح .
لكن لما هذه النظرة السلبية – حسب استقراء الرأي – تجاه دور المجتمع المدني بمنطقتنا التي اضحت استثناء في بلد الاستثناءات ؟ وهل صحيح أن جمعياتنا أشبه ما تكون بمقاولات مربحة ؟ وما نسب استفادة جمعيات الجديدة من المشاريع والبرامج الوطنية والدعم الوطني المخصص للجمعيات وحتى الدعم الذي يخصصه القطاع الخاص ..
لا ينكر احد ان مدينتنا  والمنطقة ككل تعرف نشاطا و دينامية اكثر من الكثير من مناطق المغرب وهذا بشهادة العديد من المهتمين والزائرين للمنطقة . في ظل انفتاح اعلامي متعدد ونشيط ساهم في نشر المعلومة وتوجيه الرأي العام المحلي والوطني و كشف الحقيقة ، وان تطلب الامر المزيد من الشفافية والجدية بعيدا عن منطق الموالاة و المعاداة ، تغليبا للمصلحة العامة فوق اي اعتبار
لن نتحدث عن الدعم المخصص للجمعيات في ظل غياب معايير حقيقية تحدد حجم الدعم والمبالغ والامتيازات والعقارات والعتاد الممنوح لها. في الوقت الذي تعاني فيه نسبة كبيرة من الجمعيات تفوق نسبة 80 في المائة  من اكراهات ومعيقات ادارية ومالية .
لكن ما يمكن الحديث عنه وهذا موثق يمكن للمواطن العادي الاطلاع عليه من خلال  بعض النشرات والمواقع التابعة لبعض المؤسسات  كوزارة الثقافة  او …. على سبيل المثال لاغير والتي تنشر لوائح المستفيدين من الدعم وفي بعض الاحيان بالمبالغ الممنوحة ليتبين حجم استفادة جمعيات الجديدة ان لم يتم اقصاؤها ، مقارنة من نصيب الجمعيات الاخرى على المستوى الوطني وكنموذج بسيط ما نشرته وزارة الثقافة من خلال دعم جمعية فقط  من الجديدة…ناهيك عن الارقام التي نسمعها بين الفينة و الاخرى في بعض الملتقيات التي تقدم حصيلة بعض الانجازات كما في مشروع مقاولاتي أو حتى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وغيرها من البرامج والمؤسسات الداعمة . وان كان البعض من “مسؤولينا” يرفض مصطلح “الدعم” لاعتبار أن الجمعية شريك في أي مشروع أو نشاط  متعاقد لأجل تحقيقه. وليس مجرد متلق لإعانات ودعم مجاني.
دون الحديث عن القطاع الخاص وتمويل كبريات الشركات على المستوى الوطني لبعض المهرجانات الضخمة من ناحية ارقام التعاملات  لا القيمة المضافة من الناحية التنموية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية … وبتدخل ذوي النفوذ والعلاقات من أجل دعم مثل هذه الانشطة. ولنا في بعض مهرجاناتنا وانشطتنا اسوة حسنة حيث الدعم الغزير من القطاع الخاص ومن حيث لا نحتسب ..
اليس من حق المنطقة أن تحظى في هذا المجال كباقي مناطق الوطن ؟
ان هذه الجمعيات التي نشطت على مدى سنوات ، وبفضل  رموز جمعوية فاعلة قدمت الشيء الكثير. رغم عيوبها ان اخطأت (لأن من يمارس قد يخطئ).

لكن الغالبية العظمى من جمعياتنا التي تنتظر الفتات الذي لن يكفيها حتى في تدبير مصاريفها المكتبية وبالأحرى مصاريف الكراء الذي لا تحلم جمعياتنا بتحمل مصاريفه ولو بشكل تضامني مع عدد من الجمعيات .. ناهيك عن مصاريف اخرى كالتنقل والاتصال وإعداد وثائقها التعريفية  او اعداد موقع الكتروني وغيره. صحيح ان العمل الجمعوي عمل تطوعي وهذا ما يجب استحضاره طبعا ، لكن يبقى الدعم والمقصود بالدعم المادي والمعنوي واجب على الجهات المعنية المسؤولة من مؤسسات الدولة ومجالسها المنتخبة ، في جو من الشفافية والوضوح وتكافؤ للفرص متبوعا بالمحاسبة والمتابعة ..
من الطبيعي ان ننتقد أي وضع مشين في منطقتنا من اجل تحسين الوضع والسير قدما بإطاراتنا وجمعياتنا التي بدت اكثر من اي وقت مضى تعرف خفوتا وتراجعا وتكتفي بأدوار كلاسيكية وأنشطة متجاوزة ، تضمن لها الاستمرار فقط ، ولو بمنطق التقطير في عملية الري،  دون تجديد أو ابداع. في الوقت الذي تسارع فيه جمعيات من مختلف مناطق البلاد لفرض الذات والمشاركة الفعالة في كل ما يخص مستقبل هذا البلد ، وإبداء الرأي في مختلف القضايا المصيرية (ولنا في تجربة اعداد مسودة الدستور والمقترحات الناجعة فيما يخص الجهوية ، وإعداد القوانين التنظيمية ، حيث الغياب التام الا من بعض التحركات الحزبية أو بتوجيه  من بعض الجهات). بل والترافع من أجل تحقيق اهدافها المشروعة التي تعود بالنفع على البلاد والعباد . لكن يجب ان تكون انتقاداتنا من أجل السهام في تحسين عمل مؤسساتنا واطاراتنا ومجالسنا وأن نتحلى بتقبل النقد من اجل تحسين الوضع لا ان تكون حجة للانغلاق والتشرذم والابتعاد عن الاخر وتصفية حسابات ضيقة .
آن الأوان من أجل الوقوف والتأمل في واقع مدينتنا المتميزة التي يعرف بعضها البعض حد القرابة . من أجل الجلوس وإعادة النظر في كثير من امورنا ونبذ الخلافات الضيقة  لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا . آن الاوان من اجل تصحيح مسار جمعياتنا والقيام بحركة تصحيحية جادة . على الأقل للجمعيات المتفقة والمتقاربة فيما بينها من حيث الأهداف وترك منطق ” خوك فالحرفة عدوك ” والعمل بمنطق ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ” و لمسؤولينا ممن وُكّلو أمر هذه المدينة موظفين ومنتخبين تشجيع المبادرات الجادة ودعمها في جو من الشفافية وتكافؤ للفرص حتى نتجاوز منطق العداء المفتعل الذي لا يخدم الجميع في شيء ، وكذلك الشأن بالنسبة لإعلاميينا الذين عليهم تحري الحقائق والصدق في جو من الشفافية والاحترافية ، لأن للإعلام دوره الأكبر في هذه العملية التصحيحية التي نراهن عليها في سبيل التغيير والاصلإح .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى