الدكتور “مصطفى بلعوني” يناقش أهم إنجازات الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش المجيد “الواقع والآفاق”.
تعتبر المملكة المغربية من أهم الممالك العربية والإسلامية التي لها طابعها الخاص من حيث الأعراف والتقاليد وحتى طبيعة الحكم والممارسة بين الملك والشعب من جهة والملك والحكومة من جهة أخرى؛ وهذا التمييز والتنوع والتفرد جعل من الدولة العلوية راسخة ومتجدرة وقوية ولها امتداد روحي وعقائدي وانساني بينها وبين عامة الشعب المغربي لعقود من الزمن؛ وهو الأمر الذي ساعدها على الصمود والبقاء والمحافظة على فسيفساء هذا المجتمع المتنوع بمختلف أجناسه وثقافاته ومرجعياته التي تحترم الآخر في ظل وحدة الدولة وسيادتها وحكم جلالة الملك.
ولطالما جعل المغاربة من تخليد ذكرى عيد العرش تعبير عن الولاء والبيعة الصادقة التي تجسد قوة وتلاحم الشعب المغربي مع العرش المجيد وإنها مناسبة لتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتضامن والعمل من أجل تحقيق التنمية المستدامة والرقي بوطننا العزيز.
إن الاحتفال بمرور ربع قرن من حكم الملك محمد السادس هو احتفال بصفحات مضيئة للعهد الجديد وبثورات هادئة قادها العاهل الكريم بكل عزم، من خلال سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية شملت تعزيز حقوق الانسان وتطوير البنية التحتية وتحسين الاقتصاد من خلال ادماج الشباب والمرأة في كل مناحي الحياة ، بالاضافة الى تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية من خلال علاقات دبلوماسية قوية وتنويع الشراكات الاقتصادية .
ومن خلال هذا المنطلق يرى الدكتور “مصطفى بلعوني” الباحث في التاريخ المعاصر بأن الخطاب الملكي السامي خلال هذا الأسبوع بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربع جلالة الملك نصره الله هو خطاب يمكن وصفه “المناضل” أو “المجاهد” لأن وضع النقاط الأساسية ذات البعد الإقتصادي في مفهومه الشامل؛ وكذلك القضايا الكبرى التي تشغل بال الدولة حكومة وشعبا وهو ما جعل خطابا جوهريا ومرتكزا للعديد من الإصلاحات الآنية والمستقبلية.
•قضية الماء
ولعل أهم هذه المرتكزات قضية “الماء” وما تعنيه بالنسبة للإنسان والحياة و المجالات الحيوية بصفة عامة؛ حيث أعطى جلالته كل الإشارات والتوجيهات لتوفير الماء الصالح للشرب للمواطن وتحويل مياه السدود فيما بينها لضمان الماء لجميع المناطق بدل هدرها خصوصا بمنطقة الشمال تجاه البحر الأبيض المتوسط إلى حوض أم الربيع؛ وهو ورش استراتيجي كبير سيقوم المغرب به في المستقبل عبر تحويل مصب واد سبو إلى سد المسيرة وحوض أم الربيع.
وقال “بلعوني” بأن خطاب الملك كان واضحا في هذا الباب مؤكد على تحمل الجميع المسؤولية في الحفاظ على الماء سواء الدولة من جهتها وكذلك المواطن من موقع استهلاكه؛ وهو الأمر الذي جعله الملك يعطي أوامره لإنشاء وتدشين محطة لتحلية المياه بإقليم الجديدة هذه السنة؛ لتوفير المياه الصالحة للشرب ومياه السقي للمساهمة في تنمية الفلاحة وازدهار الإقتصاد ونبه جلالته على توفير الأطر البشرية القادرة على مواكبة هذا الورش، كما دعا جميع القوى الحية خصوصا الإقتصادية إلى ضرورة المساهمة في الأوراش التنموية المفتوحة لتقوية الإقتصاد الوطني وتوسيع دائرة الإستثمار ليعود بالنفع على الجميع.
• القضية الفلسطينية
ويرى “بلعوني” بأن الخطاب الملكي السامي تطرق إلى القضية الفلسطينية خصوصا ما يتعرض له قطاع غزة، حيث لعب الملك محمد السادس دورا محوريا من خلال المساهمة اللامشروطة في تدبير جملة من الأزمات الدولية؛ لأن جلالته يساويها بقضيتنا الوطنية؛ قضية صحرائنا المغربية، واستدل بلعوني على هذا الوضع بـترؤس الملك محمد السادس لجنة القدس الشريف، المنبثقة عن المؤتمر الإسلامي التي يعتبر المغرب أكبر مساهم في ماليتها، دون أن ننسى الدعم اللامشروط الذي يقدمه جلالته من ماله الخاص لأشقائنا الفلسطينيين، فيما يتعلق بمجموعة من المستلزمات الأساسية لحفظ الحق في الحياة، التي تعتبر المملكة أول دولة استطاعت تقديمها عبر البر وفي ظرفية استثنائية عصيبة مع التأكيد على المنتظم الدولي للتدخل لوقف الحرب على القطاع.
• الإنجازات المولولية خلال خمسة وعشرين سنة:
يقول الدكتور “مصطفى بلعوني” بأن هذه الحقبة الذهبية من حكم جلالة الملك نصره الله عرفت العديد من الإنجازات الكبرى منذ اوليه زمام الأمور منذ 30 يوليوز 1999 إلى يومنا هذا وكان في مقدمتها:
– “العدالة الإنتقالية” من خلال تشكيل هيئة الإنصاف و المصالحة لجبر الضرر لضحايا العهد القديم؛ وتوزيع جانب كبير للحريات العامة والفردية و المصالحة السياسية والاقتصادية من أجل فتح آفاق جديدة وهي اجراءات تعتبر استثناء في العالم العربي.
– إحداث مدونة الأسرة سنة 2005م التي شكلت فرصة حقيقية لتحديد المسؤوليات وضمان الحقوق والحفاظ على بنية الأسر.
– إطلاق برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2005 التي جاء الهدف منها حاربة الفقر والهشاشة والحد من البطالة من خلال دعم المشاريع والمساهمة في تنمية القرب.
– دستور 2011 الذي جاء بإخصاصات واسعة للحكومة وأعطى فرصة لتقاسم السلطة واشراك الاحزاب و الجمعيات وفعاليات متنوعة.
– تقديم مقترح الحكم الذاتي سنة 2007 تحت السيادة المغربية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
– الإنفتاح الاقتصادي على افريقيا “الاقتصاد الناعم” من خلال أكبر عملية استثمارية في القارة التي ستجعل من المغرب قاطرة للتنمية.
– إنشاء وحدات الطاقات المتجددة “الشمسية والريحية” والتي مكنت المغرب من عقد الكوب 22.
– دعم الاقتصاد الأخضر وعقد اتفاقيات شراكة استراتيجية وعمل من أجل تبادل الخبرات والتجارب والتنمية والاستثمار.
– توسيع دائرة الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم مقترح الحكم الذاتي عبر فتح العديد من قنصليات الدول الصديقة والشقيقة.
– التعامل الفوري والسريع مع ظاهرة “كورونا” من خلال التصدي للوباء ومواجهته عبر العديد من الإجراءات العالية الجودة ومظاهر الدعم للأسر المغربية وتقديم اللقاء وانتاجه في الوقت المناسب واعطائه بالمجان للمغاربة.
– إطلاق ورش الحماية الاجتماعية الذي سيساهم في تعميم التغطية الصحية الإجبارية والاهتمام بالاشخاص في وضعية إعاقة وتمكين النساء اقتصاديا والدفاع عن قضايا المرأة والتقليص من الفوارق الاجتماعية.
– التعامل الإيجابي مع ملف هجرة الأفارقة عبر الحد منها بشكل غير قانوني وتقديم العديد من الخدمات المهمة للأشخاص المتواجدين بالمغرب وتسوية وضعهم القانوني وفتح الآفاق لهم.
– ورش الجهوية المتقدمة وما ينتج عنه من تحقيق الديمقراطية التشاركية والاجتماعية والمجالية وتوزيع عادل للثروة والرعد التنموي والاقتصادي.
وختم الدكتور مصطفى بلعوني بأن الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعرفها من نمو وازدهار يتطلب مشاركة جميع الجهود للوصول إلى مغرب النماء والازدهار والتقدم والصناعة والتطور التكنولوجي في أفق العشرية القادمة؛ خصوصا في ظل الأوراش المفتوحة وتأهيل العنصر البشري وتحديث الإدارات وخلق مناخ مناسب للاستثمار وتعميم فلسفلة الاقتصاد الناعم وطنيا واقليما لتبادل المنافع وتحسين الأوضاع.