قواسم مشتركة
بقلم ابو ايوب
حكاية انبوب و قناة عنوان ما حدث بسوريا بداية خريف الجمهوريات العربية ، و ما يحصل اليوم بغزة في ظل الخذلان العربي و خيانة الممالك الخليجية ، مع استثناء سلطنة عمان و موقفها المشرف ازاء القضية الفلسطينية ، و دولة الكويت من بوابة دعمها للمقاومة و عدم تنديدها بما تقوم به الفصائل الفلسطينية بغزة و الضفة الغربية .
لن احدثكم عن الحرب الكونية على سوريا ( مشاركة 84 دولة عربية و غربية) ، و لا عن تبعاتها و مضاعفاتها على الصف العربي و لا عن مخلفاتها من دمار و خراب كاد ان يصيب سوريا في مقتل ، بل اكتفي بسرد اول مسبب لتلك الحرب العبثية ، يومها قدمت دولة خليجية غازية شيكا على بياض للرئيس السوري بشار الأسد ، مقابل تخليه عن دعم المقاومة الفلسطينية ممثلة في حركتي حماس و الجهاد الاسلامي ، و قطع صلاتها بحزب الله اللبناني و علاقتها الديبلوماسية مع ايران…
وعود كثيرة قدمت على شكل استثمار ملايير الدولارات و احداث مشاريع كبرى في جميع المجالات ، من ضمنها مشروع انبوب غاز عبر سوريا صوب تركيا و منها الى باقي الدول الاوروبية ، من اجل تخفيف اعتمادها و تبعيتها الطاقية لروسيا ، لكن الرئيس السوري رفض العرض في شموليته حفاظا على علاقاته المتميزة مع فيدرالية روسيا من جهة ، و مع محور المقاومة و الجمهورية الاسلامية من جهة اخرى ، فكان لزاما على الدول العربية الوظيفية بايعاز من امريكا و اسرائيل و الدول الاوروبية ، تجييش آلاف الارهابيين العرب و الغربيين و تسليحهم و مساعدتهم في التسلل لسوريا ، و بقية الحكاية يعلمها القاصي و الداني و لم تعرف بعض من حقائقها و اهدافها الا بعد حرب تكالب التحالف العربي على اليمن السعيد ( فرض سيطرة الغرب على باب المنذب بمدخل البحر الاحمر شريان تجارة النفط و الغاز نحو اوروبا ) ، و ما تبقى منها كشفته الحرب الغربية على روسيا بأوكرانيا و تفجير خط انابيب نوردستريم بمحاذاة سواحل الدانمارك .
أما ما يتعلق بالحروب الاربعة التي خاضتها اسرائيل على غزة ( 2008/2014…..مثال) ، كان الهدف المعلن تقويض سلطة حركة حماس على القطاع لا سيما بعد فوزها بالانتخابات ، فيما كان المخفي المتستر عليه مشروع طموح جيوستراتيجي يهدف الى فتح قناة بن غريون ، من جهة اولى السعي لتضييق الخناق و محاصرة مصر و قناة السويس شريان التجارة العالمية ، و من جهة ثانية السعي الى جعل ميناء حيفا اكبر ميناء بالابيض المتوسط ..
خطوة تهدف بالاساس الى استكمال سيطرة اسرائيل على المنطقة الشرق اوسطية برمتها و تامين امدادات النفط ، و توسع النفوذ الاسرائيلي بكل من السودان و اثيوبيا و اريتيريا حيث تم انشاء قاعدة اسرائيلية ، بهدف عزل مصر عن محيطها الاقليمي و تضييق الخناق عليها ، فضلا عن اضعاف ثاني اكبر قوة عسكرية عربية و اكبر دولة من حيث الكثافة السكانية ، في مسعى حثيث لتحييد اي دور مستقبلي لها على صعيد المنطقة ، لا سيما الجانب العسكري منه الذي يشكل كابوسا لاسرائيل ، و رغم ابرام اتفاقية كامب ديفيد و الاعتراف المتبادل و تعيين السفيرين ، الا ان الجيش الاسرائيلي بقي وفيا لعقيدته و كرهه و توجسه من الجيش المصري ، ايمانا منه و يقينا بان جيش مصر لا زال وفيا لمبادئ الناصرية و القومية العربية .
اليوم عملية طوفان الاقصى كشفت عن خيوط المؤامرة و عرت عن الهدف الاساس المتستر عليه ( قناة و انابيب) ، في محاولة لاضعاف النفوذ الروسي و الصيني بالمنطقة العربية لا سيما مشروع حزام و طريق ، و لن يتأتى هذا الا عبر اضعاف محور المقاومة بكل من فلسطين و اليمن و العراق و لبنان و ايران ، و هذا ما يفسر حجم الضغوط السياسية و العقوبات الاقتصادية الامريكية الاوروبية التي فرضت على ايران ، بالتالي اصبح الصراع اقتصاديا و طاقيا يرمي الى السيطرة الكاملة على منابع النفط بالخليج الفارسي ، و فرملة الوتيرة التصاعدية للاقتصاد الصيني الذي يعتمد بالاساس على امدادات النفط العربي الايراني ( + 70% من احتياجات الصين النفطية تؤمنها منطقة الخليج ) ، و استبعاد اي دور محوري مؤثر جيوستراتيجيا يمكن ان تلعبه روسيا بالشرق الاوسط و الخليج ، و هذا معناه ضرب اسراب عصافير بحجر واحد توطئة لفرض التطبيع و اركاع ما تبقى من دول عربية رافضة..